الثورة حدث طارئ عابر نادر الحدوث، وحين يقع فإنه فى الغالب يستهدف أمرين: السياسات والأشخاص، وذلك بغرض إعادة بناء الدولة من ناحية النظم والسياسات، واستبدال الأفراد والشخصيات بأخرى ليس لها الماضى نفسه الذى ثار الناس عليه. لا يمكن أن تقوم ثورة لتستبدل أشخاصا؛ لأن ذلك ممكن عبر صناديق الاقتراع، ولا يحتاج إلى ثورة، ما يحتاج إلى ثورة هو النظام بكافة تفاصيله، والسؤال هو: كم من الوقت تحتاج أى ثورة من أجل بناء نظام جديد مكان النظام التى قامت بهدمه؟ الأمر يتعلق بسنوات قد تصل إلى عقود من الزمن حتى تؤتى الثورة أكلها، نعم سنوات، وإلا فليأتنى أحدهم بثورة "فك وتركيب". لا يوجد مثل هذا الأمر؛ والسبب أن هدم النظام السابق ورفع أنقاضه أمر ليس هينا ولا بسيطا كما يتصور البعض. أما بناء نظام جديد فهو أمر يستغرق وقتا، خصوصا فى حالة السيولة السياسية والإعلامية التى يتنازع فيها السياسيون؛ كل من أجل إقامة نظام على مقاسه وهواه ورغباته وأيديولوجيته. فى أجواء السيولة السياسية والانفلات الإعلامى، نسمع كل يوم عن أخونة الدولة، وهو مصطلح لو كان بريئا لفهمنا منه أن هناك خشية من تطبيق نظام سياسى يتماشى مع أفكار الإخوان؟ وأسأل: وهل هذا أمر منكر؟ فلو جاء رئيس اشتراكى هل كان سيطبق سياسات يمينية أو ليبرالية؟ بالطبع لا. السلطة الحاكمة ليس بالضرورة أن تكون معبرة عن كافة تيارات الشعب، بل هى محصلة رضا أغلبية الشعب عبر صندوق الانتخابات، أليس كذلك؟ وإلا صارت سلطة توافق لم تأت بالانتخابات! وأظن أن هذا ما ينادى به البعض اليوم، وهو أمر مخالف للديمقراطية التى صدعونا بها ليل نهار، فلما جاءت بغيرهم كفروا بها وخرجوا عليها! ما يحدث فى مصر اليوم ليس منافسة سياسية، بل هو صراع حول ملكية الثورة، الكل يدعى وصلا بالثورة، وهو محق إن نسبيا أو كليا، لكنها وقعت وانتهى أمرها بتسليم السلطة إلى المجلس العسكرى بقرار من المخلوع، ثم أعيد تسليمها إلى الحرية والعدالة فى انتخابات البرلمان عام 2011 ثم إلى الرئيس مرسى فى يوليو 2012. هذا التسليم كان تسليما شرعيا، وبإرادة حرة، وبانتخابات نزيهة. الثورة إذن ملك لمن شارك فيها، والسلطة ملك لمن اختاره الشعب. -------------- د. حمزة زوبع [email protected]