مستقبل "الصحافة الصفراء" فى خطر! حقيقة، بدأت أقلق فعليا من مستوى التدنى الذى شهدته مؤخرا أساليب "فبركة" الأخبار، ومهارات "ضرب التقارير"، ووسائل "دق الأسافين"! أين ذهب "زمن الضرب الجميل"؟ وصل بنا الحال إلى الترحم على أيام صحافة كانت "تبرع" فى تزييف الحقائق، و"تتألق" فى ترويج الباطل، يمررون الأكاذيب ب"حرفنة"، ويلفقون الأخبار ب"معلمة"، ويؤلهون الزعيم ب"أستاذية"، ويدسون السم فى العسل الأسود.. بالحبر الأسود! "المخبرون الجدد" فى صحافة التضليل أقل مستوى كثيرا ممن سبقوهم بغير إحسان، تنقصهم "المهارة"، تعوزهم "الصنعة"، قلمهم أضعف، ذكاؤهم أقل، "ضربهم" مفضوح! لماذا لا يخضعون لدورات تدريبية، مثل "الفبركة.. بدون معلم"، و"الضرب.. فى 24 ساعة"، و"كيف تكذب بدون أن تحمرّ أنفك"؟! آخر الأمثلة على ضياع "قيمة" الكذب المنمق، ما نشرته إحدى الصحف أمس الأول حول وجود "أزمة فى جريدة الإخوان"، بسبب الإطاحة بالأستاذ "هانى مكاوى رئيس قسم الأخبار من الجريدة بشكل نهائى، وتحويله للعمل فى البوابة الإلكترونية عقابا له على تضامنه مع الصحفيين ال18 المستبعدين من التعيين". لا تتعب كثيرا فى عناء تجهيز رد، فالجريدة نفسها أوردت تصريحا للأستاذ هانى مكاوى نفسه أكد فيه "أنه رحب بذلك وسيتسلم عمله اليوم!". وعندما عجز المحرر عن الإجابة على سؤال "أين الأزمة؟" قام مشكورا بفبركة كلام على لسان مصدر مجهول كالعادة، يصلح للنشر فى جريدة "موجة كوميدى اليوم" ولا يستحق حتى عناء ذكره ولا تفنيده! وأكرر: كيف وصل الانحدار فى "الفبركة" إلى هذه الدرجة؟ للأسف، حتى الكذب فشلوا فى تمريره، والتلفيق عجزوا عن تجميله، و"الطبخة" فشلوا فى "تسبيكها"، وربما ذلك يفسر الهزال المهنى، و"الأنيميا الأخلاقية"، والهيئة "الرفيعة جدا كزعزوعة القصب" التى يبدون عليها! علمونا زمان أن "الكذبة العبيطة" تختلف عن "الكذبة المحبوكة"، وفى كل شر، إلا أن الأولى تجلب لصاحبها الفضيحة فى الآخرة، و"التريقة" فى الدنيا! علمونا أيضا أن التدخل فى الشئون الداخلية لصحيفة زميلة "عيب"، وهو ما منعنا أن نذكر مثلا أن صحيفة خاصة تتهاوى مهنيا وتوزيعيا، امتنعت عن دفع مرتبات الصحفيين بدعوى أن "كارت الفيزا لا يعمل لأن البنك مفلس"! بينما قام رئيس التحرير باستلام راتبه، وتقبيض "شلته" من تحت لتحت! هناك نوعان من الصحافة: الأول يسعى خلف المعلومة، يقتنص الخبر، يوثق المصادر، يدقق الأرقام، يسعى نحو الحقيقة، وينشد المصلحة العامة، يكتب على "ورق الدشت"، يخطئ ويصيب، يعتذر ويتراجع، لكنه أبدا لا يكذب. الآخر يسعى خلف الإثارة، يقتنص "السبوبة"، ويوثق "الإعلان"، يكتب على "ورق بنكنوت"، يتحول موقفه وفقا لتحويلات الحسابات الجارية! الأول رأس ماله مجهوده وبحثه عن الحقيقة، أما الآخر فرأس ماله "خيال خصب + سيجارة" عادة تكون غير بريئة "+ كأس" عصير أو حاجة ساقعة أو خلافه!". الصحفى المهنى قوته ف قلمه.. و"الوطن" قوته ف كاسه!".