* أخصائى علم نفس: الصعايدة يتفاعلون "وجها لوجه".. والآخرون يستقون قراراتهم من الإعلام * النائب على حامد: حبهم للشريعة والاستقرار جعلهم يعاندون "الجبهة" ويوافقون على الدستور * د. سامى نعمان: تمترُس الفلول فى صفوف "لا للدستور" جعل الصعيد يختار "نعم" * حمدى طه: النخبة تعاملت مع البسطاء باستعلائية وابتعدوا عن همومهم الحقيقية.. فاستفزوهم * د.الطواب: الصعايدة يثقون بإنصاف الإسلاميين لهم * عم أحد شهداء الثورة بالمنيا: انحزنا للاستقرار وغضبنا من دعوات التخريب فصوتنا بالموافقة بعد نتيجة الاستفتاء على الدستور أثبت "الصعايدة" أنهم حالة خاصة تستحق الدراسة بعد ما صمدوا وثبتوا أمام العواصف الإعلامية والفلولية العاتية التى أرادت أن تقتلع أبرز مكتسبات ثورة يناير، وهى أن يكون للشعب رئيس ودستور من اختياره. للمرة الثانية خلال 5 أشهر يقاوم أبناء الصعيد مخططات أيتام مبارك وإعلامييه لتشويه الثورة وبعض رموزها، فبعد ما منحوا ثقتهم للدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية بنسب عالية جدا فى كافة محافظات "مصر العليا"، جاءت نسب الموافقة على الدستور الجديد فى الاستفتاء الأخير لتؤكد انحيازهم للشرعية والاستقرار، رغم مشكلاتهم المتراكمة. "الحرية والعدالة" استطلعت آراء متخصصين فى علم النفس وسياسيين حول أسباب "الظاهرة الصعيدية الجديدة"، لا سيما بعد الاستفتاء الأخير الذى جاءت نسب موافقتهم على مشروع الدستور به عالية للغاية. فى البداية يقول الدكتور محمد عبد العزيز منصور- مدرس علم النفس بكلية التربية بالوادى الجديد-: إن اتجاه الصعيد للموافقة على الدستور بنسب عالية يأتى نظرا لما تتمتع به الشخصية الصعيدية من ثقافة اجتماعية متفاعلة مع الآخرين لا تستقى خبراتها من الإعلام، كما يحدث فى القاهرة، حيث سكان العمارة الواحدة لا يعرف بعضهم بعضا، فيستقون تفاعلاتهم الثقافية من الإعلام، بعكس الترابط فى الصعيد الذى يسمح بتبادل الآراء والوصول إلى قرارات توافقية حقيقية. من ناحيته اعتبر النائب على حامد- عضو مجلس الشورى- أن اتجاه التصويت للدستور بالصعيد جاء لأسباب متعددة، منها حرصهم على التمسك بالشريعة ورغبتهم فى التحول الاقتصادى والاستقرار، ومنهم من أصر على عناد الإعلام والنخبة المزيفة، قائلا: عموما فإن أعداد نسخ الدستور التى وزعت بالصعيد وبلغت مئات الآلاف تدل على ثقافتهم وتصويتهم عن اقتناع بالدستور. ويرجع الدكتور سامى نعمان- أستاذ الاقتصاد والتشريعات الاقتصادية بكلية الحقوق– موافقة أبناء الصعيد على الدستور إلى ثلاثة أسباب رئيسية: أولها شعور الصعيد كله بالظلم من تجاهل كل الأنظمة السابقة التى حكمت مصر، على اعتبار أن النخب السياسية التى رفضت الدستور وروجت لرفضه تنتمى بشكل أو بآخر إلى هذه الأنظمة فى الفكر والمنهج، وثانيا لأن الصعيد عانى طويلا من عدم الاستقرار ولا يريد أن تطول الفترة الانتقالية بما يعتريها من انفلات وفى بعض الأحيان من فوضى فى الشارع، أما السبب الثالث فهو تأثير القوى الإسلامية فى الصعيد، وهو ما لا ينكره أحد، وظهر ذلك جليا فى كل نتائج الانتخابات السابقة التى انتهت بالاستفتاء. واستنكر نعمان حديث بعض المعارضين للدستور عن أن التصويت له علاقة بالأمية، مدللين على ارتفاع نسب رفض المشروع بالقاهرة قائلا: الأمر لا علاقة له بالأمية، فالمنوفية رغم أنها محافظة ريفية ترتفع فيها نسب الأمية كانت نسبة موافقتهم على الدستور 49% فقط. ويقول بهيج عبد المنعم -من كبار المستثمرين بمجال الدواجن-: الصعيد لم ير داعيا لرفض المشروع أساسا، فهو فى مجمله دستور جيد ومن أعظم دساتير العالم، وكل أسباب الرفض التى فندها معارضو الدستور لم نرها فيه، وكلها تخوفات غير مبررة ورفض الدستور يصطدم برغبة الناس فى الاستقرار. ويضيف: "البلد حالها واقف ومعظم الاستثمارات تحتاج إلى استقرار أمنى واقتصادى وتشريعى، لا نتحدث عن استقرار أمنى فقط، وإنما نحتاج إلى كل هذه النواحى، خاصة الاستقرار التشريعى الذى يؤكد استقرار الدولة واستعدادها لسن التشريعات التى تعزز الاستثمارات والاقتصاد، لتدور عجلة الإنتاج". أما المهندس حمدى طه -خبير التنمية البشرية والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين- فيعزو سبب استمرار دعم الصعيد للتيار الإسلامى إلى طبيعة الخطاب النخبوى لخصوم الدستور، الذى يتصف بالاستعلائية والبعد عن هموم المواطنين وآمالهم بلغة لا يرتاح إليها المواطن وتصطدم بمزاجه العام ويقول: "ما يضير المواطن المصرى فى الاعتراف بالهولوكوست أو عدم الاعتراف به؟ وما يضير المواطن المصرى من الحديث عن معابد للبوذيين؟ اتهام البعض للمواطنين بالأمية ومطالبتهم بحرمان المصريين الأميين من التصويت –فى إشارة إلى علاء الأسوانى- والاتهام المستمر بمقايضة أصواتهم بالزيت والسكر وهو ما لا يليق بهؤلاء المواطنين الذين يمثلون القلب من مصر، بخلاف الخطاب الإسلامى البسيط فى طبيعته والأقرب إلى واقع الناس، خاصة أنه يصدر من أبناء التيار الإسلامى الذين يحتكون بالناس على الأرض ويسمعون منهم". ويضيف: فى الحقيقة أرى أن ارتفاع نسبة الموافقة على الدستور فى المرحلة الثانية بكافة المحافظات وبشكل عام جاء بسبب إتاحة الفرصة للمصريين لبحث ما يقال من خصوم الدستور بخلاف الدافع الرئيسى الذى حكم المشهد فى المرحلة الأولى وهو القلق الذى صدره هؤلاء الخصوم حول مشروع الدستور، فلو أتيحت الفرصة كاملة لقطاع كبير ممن رفضوا الدستور بمحافظات المرحلة الأولى لكان قرارهم بتأييد المشروع". من جانبه يرى الدكتور عبد الرحمن الطواب -الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة المنيا- أن تصويت أبناء الصعيد للإسلاميين له عدة أسباب، منها الفطرة السليمة لأهل الصعيد التى لم تستجب لدعوات النخب الفاسدة، ونشأة التيارات الإسلامية وتجذرها فى الصعيد عامة وفى المنيا خاصة أثمرت هذا الموقف والتأييد للشرعية والاستقرار اللذين يمهدان للعدل والمساواة وتطبيق الشريعة الإسلامية. وأوضح الطواب أن من أبرز أسباب هذا الدعم المعاناة والاضطهاد والتجاهل الذى عانى منه أبناء الصعيد طوال العقود الماضية، وهو ما دفع مواطنى الصعيد يتحفزون للتغيير والوقوف مع الخطط القادمة لتطوير الصعيد المتمثلة فى مشروع النهضة، ومن ثم الوقوف مع الاستفتاء لعبور هذه المرحلة ودخول مرحلة التطوير والاستثمار. وأضاف أن العمق التاريخى والذكاء الفطرى لأهل الصعيد وبعدهم عن الترف والرفاهية واتسامهم بالجدية جعلهم يزنوا الأمور ويميزوا الخبيث من الأقوال والأفعال من الطيب منها، وهو ما جعل مواقفهم تأتى لإنقاذ الثورة والوقوف بقوة معها فى الاستفتاء ومن قبله انتخابات الرئاسة ومجلسى الشعب والشورى. بينما اعتبر ربيع معبد- المتحدث باسم ائتلاف القوى الثورية والسياسية بأبو قرقاص- أن تصويت الصعايدة للإسلاميين لم يكن أمرا مفاجئا، خاصة فى ظل العلاقة الوطيدة بين الطرفين، مشيرا إلى الوجود المستمر للإسلاميين وسط الأهالى فى جميع الأوقات والأحوال. من جانبه أوضح محمد زهران -عم الشهيد على زهران- شهيد ثورة يناير بالمنيا أن أبناء الصعيد دائما ما ينحازون لاستقرار الوطن ويتصدون بكل قوة لدعاة التخريب وإعادة عجلة الوطن للوراء. وأشار إلى أن وجود الإسلاميين بين أبناء الصعيد منذ زمن طويل والوقوف بجانبهم فى الأفراح والأحزان أوجد حالة من الثقة المتبادلة بين الطرفين تنعكس على التصويت لصالحهم فى الانتخابات والاستفتاءات. واتفق الدكتور علاء عبد الحفيظ –رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط– مع عدد من الأسباب السابقة، مؤكدا أن تصويت الصعايدة لصالح الدستور جاء بسبب الطابع الدينى الذى يغلب على كل أنحاء الصعيدوجعل أهله أكثر ميلًا للتيار الإسلامى، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية التى وقع بها الصعيد منذالنظام السابق وعانى منها فترات طويلة، وتهميش الصعيد من قبلالنظام السابق فى الوقت الذى كان التيار الإسلامى يقدم أعمالاخدمية لأهل الصعيد، وكان دائما متواصلا معهم ويوفر لهم تلكالخدمات، ومستمرًا فى ذلك، فقد كان التيار الإسلامى بذلك يعوض ذلك تهميشالنظام السابق للصعيد. وتابع: السبب الثالث هو القبضة الأمنية التى كان يفرضها النظام السابق على الصعيد والتى أثرت سلبا على نفسياتهم، ولا تزال آثارها باقية إلى الآن.