انتهت فترة الاستفتاء بما لها من مزايا وما عليها من عثرات. فى الحقيقة أنا ممن يؤمنون بنظرية "ماذا بعد؟" لأن فيها الرؤية والنظر للأمام ومحاولة إحراز نقاط وأهداف على أرض الملعب. أما محاولة البكاء على اللبن المسكوب ومحاولة اجترار الماضى فليست من التقدم والإبداع فى شىء ولن نجنى من ورائها سوى إضاعة الوقت والجهد وتشتيت الشمل والخسارة للبلد والمواطن. هناك أربع جهات أساسية ينبغى أن نخاطبها بماذا بعد. أما الجهة الأولى فهى مؤسسة الرئاسة ممثلة فى سيادة الرئيس د. محمد مرسى، وأما الثانية فهى الحكومة، والثالثة فهى الأحزاب والجهات الذين أيدوا الدستور، والرابعة فهى جبهة المعارضة سواء كانت أحزابا أو جهات أو أفرادا. أما الجهة الأولى، وهى سيادة الرئيس، فتحتاج إلى حزم أكثر فى التعامل مع بعض ممن يتآمرون على مصلحة هذا البلد. نحتاج إلى السرعة فى اتخاذ القرار لأن عامل الوقت يعُد عنصرا خطيرا فى التأثير على مجرى الأحداث. مرت حوالى ستة أشهر على تولى سيادتكم مقاليد الأمور، وأعتقد أنها كافية للحكم على كل من يعاونك من مساعدين ومستشارين وموظفين، فأرجو سرعة تغيير من لا يصلح والتمسك بالكفء منهم. الشعب يتمنى سرعة التطهير للكثير من المؤسسات، وعلى رأسها القضاء والإعلام. أتمنى على سيادتكم إنشاء إدارة برئاسة الجمهورية تكون مهمتها التعامل مع الأزمات، وتحليل ما يجرى فى الشارع على أعلى مستوى من المهنية، وتقديم النصح لسيادتكم. كما أتمنى أن يكون لسيادتكم حديث متلفز أسبوعى تتحدث فيه إلى الناس عما يجرى بإيجاز وبلاغة وإيضاح حتى لا نترك هناك فرصة للقيل والقال، ويكون هناك مزيد من الشفافية. نحتاج إلى لم الشمل والتوافق والحوار مع صعوبته، لكنه مهم جدا فى الفترة المقبلة، واعلم سيادة الرئيس أن عموم الشعب معك ولكن الإعلام جعل من القلة صاحبةَ صوت مرتفع يخيل إلى الناظر أنها أغلبية وهذا عكس الواقع تماما. أما الجهة الثانية، وهى الحكومة، فهناك وزارات تؤدى دورها بفاعلية، ولكن ما زال البعض -وعلى رأسها الداخلية- تشتم من ورائها شبهة التواطؤ وعدم الرغبة فى العمل بفاعلية. فأرجو من معالى رئيس الحكومة د. هشام قنديل أن يدرك هذا ولا داعى فى الفترة الراهنة من القرارات التى تستقز الناس كارتفاع أسعار السلع. أعلم أنه مهم من الناحية الاقتصادية لكن فى المقابل فالمواطن الكادح لا يتحمل أى أعباء إضافية خاصة فى هذه الفترة. أرجو الاهتمام كثيرا بالمحليات والداخلية والإعلام لأن هذه الوزارات الثلاث تعد فى مرمى نيران المواطن هذه الآونة ولا بد أن يلمس تغييرا حقيقيا على الأرض بها. أما الأحزاب والتيارات المؤيدة للدستور، وهى الفئة الثالثة، فعليها عبء كبير أيضا. أوضحت الاستفتاءات مدى قدرتكم على الحشد والوجود بالشارع، ولكن لا يغرنكم الكثرة بقدر ما تحتاجون إلى الشكر واللجوء أكثر إلى الله عز وجل، وأن يرى منكم المواطن اللين والرحمة والحب وإن خالفكم فى الرأى، وإياكم أن تعتقدوا أن الأمور ستظل دائما فى أيديكم لأن الأيام دول. ومن الممكن أن يظل النصر بأيديكم شريطة التواضع والعمل الدءوب لخدمة الوطن والمواطن. احرصوا على الاستقرار ووأد الفتنة إينما وجدت، وإياكم أن تنجروا إلى معارك جانبية تنسيكم مصلحة الوطن والمواطن. أما الفئة الرابعة والأخيرة، والتى عارضت الدستور، فنقول لها: إن الاختلاف فى الرأى لا يجب أن يفسد للود قضية، احرصوا على الحوار دون قيود مسبقة، واعلموا أن عجلة الزمن دائما لا تعود إلى الوراء، فربما يزين أحدهم لكم ذلك. لا مجال أمامنا سوى الحوار. فالشعب المصرى يؤثر فيه الوجود الحقيقى على الأرض ومحاولة الأخذ بإيدى المواطن الفقير المطحون، فالشعب -وخاصة حزب الكنبة- أذكى مما تتصورون، ولديه قدرة عجيبة على الفرز، وبالتالى يظل الرهان الوحيد هو التعامل على الأرض. فلا بد أن تنبع معارضتنا من الحرص التام على مصلحة الوطن. حفظ الله مصر... آمين.