طرحت التجربة التي مرت بها القوات المسلحة فى التعاطى مع ثورات الربيع العربى نفسها بشدة على الساحة خلال الفترة الماضية؛ نتيجة للدور المحوري والمهم الذي لعبته المؤسسة العسكرية في تلك الدول التى شهدت ثورات على الأنظمة الحاكمة، باعتبارها المؤسسة المؤهلة من بين منظمات المجتمع العربي لضبط مسار عملية التحول الديمقراطي في تلك الدول، وحمايتها من الانحراف أو الوقوع في أسر مخططات فئوية. وجاءت التجربتان التونسية والمصرية خير دليل على الدور الكبير الذي قامت به القوات المسلحة في البلدين؛ للحفاظ على كيان الدولة من التفكك في ظل انهيار القبضة الأمنية داخليا في الحالتين عند أول منعطف حقيقي للثورة، فتحول دور القوات المسلحة التي وقفت خارج حالة الحياد السلبي المفترض أمام الحالة الثورية إلى مساندة الجيش للثورة أيضا خلال المرحلة الانتقالية. وظاهرة تدخل الجيوش العربية في الحياة السياسية ليست بجديدة، فهي سمة رافقت تلك الجيوش منذ تأسيسها، فعلى الرغم من غياب وتغييب المؤسسة العسكرية المصرية عن الساحة السياسية والاجتماعية في السنوات التي سبقت ثورة 25 يناير، إلا أن مواقفها خلال الأزمة، بعد إنجاز التغيير، أثبتت أن هذه المؤسسة على دراية كاملة بالعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في الحياة السياسية المصرية، فضلا عن امتلاكها تصورات شاملة عن طبيعة التنافس والصراع بين مكونات المجتمع المصري وتياراته الفكرية. واستطاعت المؤسسة العسكرية في تونس ومصر انتزاع زمام المبادرة والسيطرة على مسار الأحداث خلال حركة التغيير التي شهدتها البلدان. كما أثبت الجيش التونسي من خلال أدائه في أحداث حركة التغيير والفترة الانتقالية الحالية، أنه يتمتع بمهنية عالية، وبناء مؤسسي متين، بالرغم من صغر حجمه قياسا بالجيوش العربية الأخرى، فضلا عن أن المؤسسة العسكرية في تونس أدركت أن واجبها المهم والرئيسى عند وجود مخاطر تهدد الوحدة الوطنية هو حماية الوطن والشعب معا.