أشاد الخبير الألمانى فى الشئون المصرية "بيورن بينتلاجه" بمسودة الدستور المصرى رغم المآخذ عليها، معتبرا أن تأزم الوضع بدأ من أيام المجلس العسكرى، كما أن المعارضة لا تبدى بوادر تعاون. وقال "بينتلاجه" -الباحث ومدرس للعلوم العربية والإسلامية بجامعة مارتن لوتر فى هالة فيتينبرج-: إن مسودة الدستور تحتوى بالطبع على بعض النزعات الإسلامية، لكنها فى النهاية وثيقة مقبولة للغاية يمكن على أساسها قيادة دولة علمانية ديمقراطية، خاصة أنها لا تحتوى على خروقات فادحة. وأضاف أن بعض الفقرات تشير إلى اتجاه اجتماعى محافظ، لكن هذا لا يدل على أنه دستور إسلامى، فإذا كان المرء يرغب فى دولة إسلامية أو دولة دينية أو حتى نظام سياسى ديكتاتورى فإنه سيكتب بالطبع دستورا مختلفا تماما، بحسب موقع "دويتشه فيلله" الألمانى. وتابع: "بشكل عام نتحدث هنا عن وثيقة متوازنة إلى حد كبير، لا سيما فيما يتعلق ببعض القضايا مثل فصل السلطات وحماية الحقوق الشخصية وبناء أجهزة قانونية وحقوق الفرد، ويمكن وصف هذا بالنجاح الكبير للديمقراطية ولدولة القانون فى مصر". وفى حين انتقد بينتلاجه عددا من الفقرات فى الدستور التى تعزز ما سماه "الدور الأبوى" حيث تتركز السلطة على الذكور بشكل كبير، سواء على مستوى العائلات أو فى السياسة الاجتماعية، علاوة على مسألة الحفاظ على القيم العامة، فإنه أشار إلى أن الحريات يقر بها الدستور فى فقرات أخرى. "ففقرة حماية الفرد تتناسب إلى حد كبير مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، علاوة على ذلك فإن هذا الدستور سيعيد الحياة للعملية السياسية فى مصر التى وصلت حاليا إلى مرحلة التجمد". وانتقد بينتلاجه قوى المعارضة الليبرالية والعلمانية التى عارضت اللجنة التأسيسية من البداية، قائلا: "يتعين هنا توجيه النقد للقوى الليبرالية والعلمانية التى يحسب عليها أنها استبعدت حتى الآن كل فرص التعاون البناء تقريبا من البداية أو انسحبت بعد فترة قصيرة مبررة هذا بمخاوف كبيرة لكن مع الأسف دون توجيه النقد لنقاط مباشرة فى الدستور". أما عن الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، فقال بينتلاجه: إن المرحلة الراهنة حرجة للغاية وعملية التحول صعبة، وإن إشكالية الوضع لم تبدأ منذ هذا الإعلان الدستورى، بل قبله بفترة طويلة وتحديدا مع الإعلان الدستورى المكمل للمجلس العسكرى بعد حل مجلس الشعب، لا توجد منذ هذا الوقت سلطة منتخبة ديمقراطيا لوضع القوانين، هناك أيضا علامات استفهام كبيرة حول قانونية الكثير من القرارات القضائية التى صدرت فى وقت لا يوجد فيه دستور ولم يتم الالتزام بها فى الكثير من الأحيان". وأضاف "لعل ما قاله مرسى عن رغبته فى حماية اللجنة التأسيسية من الحل يوضح لنا خلفيات الأمر، فقد كان من المنتظر أن يصدر القرار بحل اللجنة فى الثانى من ديسمبر من قبل المحكمة الدستورية الأمر الذى كان من شأنه إعادة المرحلة الانتقالية كلها لنقطة الصفر، وفى هذا الوضع لا توجد إلا مؤسسة واحدة منتخبة وهى الرئاسة. انطباعى هو أن هذا الإعلان الدستورى هو محاولة من مرسى لإنهاء المرحلة الانتقالية حتى إن تمت هذه المحاولة بطريقة غير محسوبة وتفتقر للحس السياسى ربما بسبب الإحباط أو لشعوره بالضغط من قبل القوى العسكرية القديمة أو قطاعات معينة فى القضاء".