(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا). يعلم المنصفون من المصريين أن دهاليز ومؤسسات السلطة القضائية تتعاطى مع حقيقتين بارزتين: أما الأولى فهى جميلة مضيئة تسر الصادقين والمخلصين من المواطنين المصريين، وعنوان هذه الحقيقة لا يخفى على مواطن مصرى يعرف من هو المستشار الغريانى أو المستشار زكريا عبد العزيز أو المستشار الخضيرى أو المستشارين الأخوين الجليلين مكى أو المستشار طلعت عبد الله الذى قدمه الرئيس مرسى هدية للمصريين نائبا عاما حقيقيا عنهم، وكذلك كل من فى قامتهم وقيمتهم من قضاة شرفاء لا يخافون فى الحق والعدل لومة لائم. أمثال هؤلاء النجوم كثير تجبر بهم السلطة القضائية شموخها وتُرقّع وتطهر بهم ثوبها الذى مزقه ودنسه طغيان وفساد مبارك وأذنابه من الفاسدين المفسدين الذى لا يخلو منهم الآن ركن من أركان الدولة، كم وقف هؤلاء وقفات الرجال يصدعون بالحق فى وجه السلطان الجائر يدفعون جوره ويكشفون تزويره وفساده! هؤلاء إذا رأيتهم تصدق قول القائل حول ذلك القاضى العادل الذى يجبر القانون الجائر، فالهيئة هيئة قاض والفكر فكر قاض والوجدان وجدان قاض والسلوك سلوك قاض، والألفاظ ألفاظ قاض وحيثيات أحكامهم تنضح بعدالة غير متكلفة وتدل على ضمائر تدب فيها الحياة ولا يسعك عند معاينتهم إلا أن تردد قول الحق: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) آية كاملة من ثلاث كلمات وحرفين، وهم مع عظمة سجاياهم ورفعة أخلاقهم يرون أنفسهم بشرا من البشر، يجتهدون فيصيبون ويخطئون لا يستكبرون على الناس ولا يستعلون. تلك الحقيقة التى تبرر سمت الشموخ لدى القضاء المصرى وتجبر قدسيته، وتبعث روح الأمل فى نفوس أنهكتها منظومة الفساد والاستبداد والاستباحة لكل الحرمات والمحرمات والتى طالت كل ركن من أركان) نظام مبارك العفن. أما الحقيقة الثانية فهى مظلمة قبيحة تشمئز منها قلوب الذين صدقوا، وهى من الحقيقة الأولى كالغائط يخرج من صاحبه، كائنات يحسبهم الجاهل قضاة وهم نماذج لفساد السنين يمشى على الأرض، غلاظ قساة عدالتهم قبس من جحيم الطاغية الفاسد، وضمائرهم مرآة لضمير من كانوا يجلسون عند أقدامه صفا صفا ينتظرون دورهم للعق حذائه، الاسم قضاة والفعل فعل لصوص والكلام كلام بلطجية وحشاشين، الاسم اسم قضاة ومن يعاينهم عن كثب يعاين قول القائل عن القاضى الجائر يفسد القانون العادل، وقد يتذكر قول الحق: (وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)، وهى أيضا آية كاملة من ثلاث كلمات وحرفين. كم صدّقوا على جرائم -فى صورة أحكام- تهتز لها السماء ولم يهتز لهم جفن والاسم قضاة، كم من الآباء اختطفوا من بين أطفالهم فى عتمة الليل ويلقى بهم فى غيابات السجون والمعتقلات زورا وظلما بمباركة منهم، كانت سماء البلاد ملبدة بغيوم الظلمات والاعتقالات والانتهاك للحرمات وقتل الأبرياء فى السجون والزنازين حتى كادت الجدران تنطق وما نطقوا، وكاد الحجر يصرخ من هول البغى والتجبر والظلم الذى طال الملايين من المصريين ولم ينطق هؤلاء والاسم قضاة، بل كانوا يشرعنون الانتهاك ويبررون الامتهان، وهم مع وضاعة سجاياهم وسفالة أخلاقهم يرون أنفسهم بشر فوق البشر يسأل الناس عما يفعلون وهم لا يسألون. هم الآن يتعاطون حبوب الشجاعة والمروءة والوطنية أمام الرئيس مرسى لأنهم يأمنون بطشه ويعرفون خلقه، فيتطاولون بانتهازية رخيصة ويرتدون ثوب البطولة والوطنية، ويعرف العارفون أنهم لم يكونوا إلا مجموعة من القطط والأرانب أمام المخلوع، يحكون الآن صولة الأسد أمام الرئيس الخلوق الذى يعرفون جيدا أنه لن يمسهم بأذى وأنهم رغم وقاحتهم وقباحتهم وسفالتهم وانحطاطهم معه آمنون فى أسرابهم معافون فى أجسادهم، ولن يفعل بهم ومعهم مثل فعل إلههم ومعبودهم وملعقة ألسنتهم بمن فكّر أن يتطاول عليه أو يقذفه بالفاحش من الكلام مثلما يفعلون هم الآن. وما يقال عن المؤسسات والهيئات القضائية يقال عن كل مؤسسات الدولة فكم لدينا من الغريانيين والخضيريين والمكيين وكذلك لدينا من الزنديين أيضا الكثير، فهناك زند عكشى، زند بكرى، زند إبراشى، زند أبو حمالات، زند التجمع التعيس، ونعاين أحدث إصداراته زند صباحى. وكم ذا بمصر من عظماء تتعطر بذكراهم الألسنة وتطيب برؤياهم النفوس، وكم ذا بمصر من زند.. تشمئز من نفوسهم القلوب.. وتتقذى من رؤيتهم العيون.. وتضطرب من ثرثرتهم العقول. اللهم هيئ للمصريين أمر رشد يُعزُّ فيه كل غريانى ويسود فيه كل خضيرى ومكى ومن على شاكلتهم، ويُذَّل فيه كل زندى ويزول معه كل إبراشى وحديدى وبحمالات ومن على شاكلتهم.. قولوا آمين. ------------------------ أشرف فوزى [email protected]