قبل 5 أيام كتبت (ضد الرئيس).. عقب حادث قطار الفيوم.. فهاجمنى الإخوان بدعوى تصيّد الأخطاء لمرسى والبحث عن بطولة وهمية، وهاجمنى كارهو الإخوان بزعم أن هذه لعبة توزيع أدوار.. الآن.. أعيدوا قراءة السطور نفسها.. واقرءوا الفاتحة لأطفال أسيوط.. *** تسعيرة المواطن لدى الحكومة 27 ألف جنيه، بواقع 20 ألف جنيه من "شباك حسابات" وزارة النقل، ممثلة فى هيئة السكة الحديد، و2000 جنيه "منحة لا ترد" من وزارة التنمية البشرية (المحلية)، و5000 جنيه من ديوان عام المحافظة التابع لها المتوفى. هكذا استطاعت حكومة قنديل السيطرة على "تسعيرة المواطن"، بعد ما فشلت فى مواجهة "انفلات أسعار السلع"، وذلك فى أعقاب حادث قطار الفيوم الذى راح ضحيته 4 قتلى، و30 مصابا، لا يتعدوا مجرد (أرقام) فى نظر الحكومة، بصرف النظر عن كون أى منهم أبا أو أما أو أخا أو أختا أو ابنا أو بنتا؛ عروسا أو موظفا، شابا أو كهلا. بالأمس نشرت فى نفس المساحة أن وفاة المواطن تساوى "30 كيلو لحمة" بحسب (جزارة عابدين) لصاحبها وزير التنمية المحلية، ولكن الكمية زادت اليوم، بحساب إجمالى ما تدفعه الدولة، لكنه لم يتجاوز 27 ألف جنيه.. يا بلاش. وتساءلت: متى نتعامل مع الناس من منطلق أنهم "لحم ودم" وليس بمعادلة "تاخد كام كيلو لحمة وتموت"؟! وقلت نصّا: "المتوفون والمصابون يا سيادة الرئيس هم رعيتك وفى رقبتك، وضمن أمانتك التى حمّلها إياك الله تعالى بكلمة المصريين". لن نكرر خطأ مبارك بتوجيه اللوم للمسئول الصغير، أو انتقاد (الرجل الثانى)، دون الإشارة إلى (رمز الدولة)، فالمسئولية لا تقع على عامل السكة الحديد، بقدر ما تخص رئيس الجمهورية د. محمد مرسى. كنت أتمنى أن يبادر الرئيس بزيارة أسر المتوفين، وتفقد المصابين بنفسه، حتى يشعر الناس أن الرئيس يتعامل معهم باعتبارهم "بنى آدمين" وليسوا "أرقاما". لو أن بغلة عثرت فى العراق لحاسب الله تعالى عليها الفاروق عمر، ولو أن قطارا انقلب على شريط السكة الحديد بالفيوم لكان ذلك فى رقبة الرئيس مرسى. نعم.. نحن نعيش فيلم "ضد الحكومة" ولكن فى غياب أحمد زكى، كل الجريمة تقع على عمال الإشارات، والوزير يخرج بتصريحات "متعجلة" لإدانة مرءوسيه قبل أن تنتهى النيابة من تحقيقاتها، ولأننا ليس لنا إلا الرئيس فقد يُعدَّل السيناريو ليكون "ضد الرئيس"! نعم.. أصدر الرئيس مرسى تعليماته بالتحقيق فى الحادث، ولكن هل ستُعلن نتيجة التحقيق للرأى العام، أم لا، وهل سنعرف المسئول عن وفاة الضحايا الأربع، أم أننا سنعدم عامل الإشارة معنويا، ونجازيه إداريا، ونحبسه عاما مع إيقاف التنفيذ، وربما "نقرص ودنه" أيضا.. ومات الكلام؟! كنّا أيام مبارك نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا وقعت مثل تلك الحوادث، ونطالب بإقالة الوزير، ومحاسبة رئيس الوزراء، ونعلق المسئولية فى رقبة رئيس الجمهورية رأسا، ونستعير تجارب لمسئولين أجانب تمت إقالتهم، بل محاكمتهم جنائيا فى حوادث مشابهة، ونستدعى حكايات وزراء "يابانيين" اختاروا التهلكة لمجرد أنهم ألقوا "نقطة عصير" على "سجادة حكومية"، فأهدروا العصير وبقعوا السجادة، وخافوا محاسبة الشعب، فقرروا الانتحار! لم تعلن الرئاسة خطة تجنب تكرار تلك الحوادث، ولا وسائل تطوير مرفق السكة الحديد، ولا آليات إخراج تلك الأكفان المتحركة المسماة "قطارات الدرجة الثالثة" من الخدمة، وإحلالها بأخرى "شبه آدمية"، وأخشى أن تكون مؤسسة الرئاسة، ومن ورائها الحكومة، قد تعاملت مع الحادث باعتباره "قضاء وقدرا" مثل الزلازل والبراكين والصواعق الجوية! أنت المسئول يا سيادة الرئيس، ونحن ننفذ وصيتك وتوجيهاتك "إن أخطأت فقوّمونى".. جنبك الله الخطأ، وأعاننا على التقويم، وعافانا من الكتابة ب "ذمتين"! *** الآن، انتقلنا يا سيادة الرئيس من "النصح" إلى "اللوم".. الآاااااااااان فقط تحركت الرئاسة، وأمرت ب "قبول" استقالة وزير النقل، وتوجيه وزيرى الدفاع والصحة بمتابعة الحادث؟ الآااااااان بعد ما سالت على القضبان دماء 60 طفلا بريئا؟ لماذا لم يحدث هذا التحرك الرئاسى العاجل عقب حادث الفيوم؟ هل لأن الضحايا كانوا 4 فقط؟ كم روحا تزهق حتى نستشعر المأساة؟ 20؟ 40؟ 60؟ 100؟ دماء ضحايا حادث أسيوط فى رقبة الرئيس، فانظر سيادتك ماذا أنت قائل لربك غدا.