وصلتنى عبر الإيميل رسالة مفادها "لماذا يلتفت الرئيس مرسى لبعض الليبراليين الذين ليس لديهم ما يقدمونه للوطن، بينما ملايين المسلمين والمخلصين تؤيده وتقف خلفه". ثم التقيت بعض من أثق بهم فوجدتهم على نفس حالة صاحب الرسالة المشار إليها، والكلام لا يحتاج إلى شرح ولا تفسير، فالناس بدأت تمل من مسلسل الليبراليين والعلمانيين، ومن يعرفون بالطبقة المخملية المشغولة بالقنوات الفضائية والحديث الهلامى الذى لا "يودى ولا يجيب"! هذه وجهة نظر معتبرة ولها أنصارها ولا يجب إهمالها، وإن كنت أرى أنها مبالغ فيها، فالليبراليون والعلمانيون ليسوا على شاكلة واحدة، ولا يمكن اتهام الكل بأنه بلا عطاء وبلا رؤية. لكن الحقيقة المؤلمة أن لغة الليبرالية والعلمانية المصرية تبدو كما لو كانت تحلق فى فضاء لا علاقة له بالواقع، وتستخدم مفردات قد لا يفهم الناس منها شيئا سوى أن أهل هذه اللغة ليسوا من بر مصر. الحقيقة الأكثر إيلاما أنه وبدلا من البحث عن حلول لمأزق الليبرالية المصرية، يحاول البعض رمى الكرة فى ملعب الرئيس والسلطة والإخوان والإسلاميين بشكل عام، وهو أمر مخيب للآمال، فالأصل هو الاعتراف بالتقصير طالما وقع، والأصل هو تحمل المسئولية والبحث عن مخارج للأزمات بدلا من إنكار وجودها. الليبرالية المصرية تركز على أشياء تبعد عن جوهر الليبرالية كما وجدت وعاشت حتى فى بلادها الأصلية، فى مصر يركزون على التعاليم الإسلامية ويحاولون تصويرها على أنها تشدد وتخلف ورجعية، بينما فى الغرب الليبرالية تعنى أن كل إنسان حر فيما يعتقده ويؤمن به، وأنه لا إكراه فى الدين، ولا فى الحياة الخاصة للناس وشئونهم، كما تعنى أن الدولة ليست الراعى الرسمى للمواطن فى كل شئونه، بل فى بعض أساسيات شئونه من رعاية صحية وتعليم أساسى وسكن وصحة. الليبرالية تدعو إلى التحرر من قيود الدولة وبيروقراطيتها، وأن يتحمل كل إنسان مسئوليته أمام المجتمع والناس، أما عندنا فهى تعنى الصمود والتصدى ضد الإسلام وتعاليمه وأفكاره ومبادئه لحين تخليص المسلمين من إسلامهم؛ لأنهم فى وجود الإسلام غير ليبراليين. هذا هو سر كراهية الشعب لليبرالية والليبراليين وكل ما يرتبط بهذه الكلمة من مفردات ومعان، هذا هو المأزق الحقيقى الذى وقع فيه الليبراليون ويريدون إيقاع كل المجتمع فيه بحجة البحث عن دستور جديد. --------------------------------- د. حمزة زوبع [email protected]