"عرفات" ركن الحج الذي لا يكتمل إلا بالوقوف بها، وعلى صعيدها نزل جبريل عليه السلام على نبينا، صلى الله عليه وسلم، بآيات (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). يقول العلماء: إن عرفات ليست جمعا لعرفة، وإنما هي مفرد على صيغة الجمع، وعرفة أو عرفات كلها تؤدي لمعنى واحد. وعرفات هو سهل منبسط محاط بقوس من الجبال ووتره وادي عرنة ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكةالمكرمة بنحو 22 كيلو مترا وعلى بعد 10 كيلو مترات من مشعر منى و 6 كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر ب 4ر10 كيلو مترات مربعة، وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية. وعلى صعيد هذا المكان الطاهر يقف ملايين الحجيج غدا في لباس ونداء واحد، تشرئب فيه الأعناق وترتفع الأيادي بالضراعة لله طلبا لمغفرته ورحمته. ويتفرد صعيد عرفة باجتماع كل الأعراق والجنسيات والأعمار القادمة من كل أصقاع الدنيا ليقفوا على صعيده الطاهر في يوم غد التاسع من شهر ذي الحجة. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "خير يوم طلعت عليه الشمس"، وفي عرفات يصلي الحجاج الظهر والعصر قصرا وجمعا، جمع تقديم بأذان وإقامتين ويدعون بما تيسر لهم تأسيا بسنة خير البشر عليه أفضل الصلاة والسلام القائل (الحج عرفة). وعرفة كلها موقف إلا وادي عرنة، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم (وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف). ومن الأماكن بمشعر عرفة "نمرة" بفتح النون وكسر الميم وسكونها وهو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب فيه بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا (جمع تقديم)، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة. وفي أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بني مسجد في موضع خطبة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم في حجة الوداع، يعرف الآن بمسجد نمرة، وتوالت على مر العصور توسعات المسجد وصولا حتى وقتنا الحالي، وأصبحت مقدمة مسجد نمرة خارج عرفات ومؤخرة المسجد في عرفات وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك. وفي شرق عرفة يقع جبل الرحمة وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلدة، يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف، ولا يعد الوقوف على الجبل من واجبات الحج، وللجبل أسماء أخرى منها (القرين وجبل الدعاء وجبل الرحمة وجبل الآل على وزن هلال). ويسن في يوم عرفة لغير الحجاج صوم هذا اليوم، وهذا من فضل الله بعبادة المسلمين الذين لم يقدر لهم أداء الحج والوقوف بعرفة، لينالوا ثوابا وأجرا عظيما آخر وهو أجر صيام هذا اليوم الذي قال النبى صلى الله عليه وسلم أنه يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة باقية.