توقع الخبير العسكري والباحث المتخصص في العسكرية المصرية والأكاديمي الأمريكي "روبرت سبرنجبورج"، في أحدث دراسة حول مستقبل مصر في ظل سيطرة السيسي والعسكر، أن يدمرها السيسي ويفكك البلاد، ويحوّل مصر إلى طريق سوريا وليبيا واليمن. و"سبرنجبورج" هو أول من كتب سيرة السيسي وهو يدرس في أمريكا، وهو الذي كشف خطة السيسي لإعادة هيكلة الجيش بما يجعله يحارب الشعب بدعوى محاربة الإرهاب، وتخليه بالتالي عن محاربة العدو الأول "إسرائيل". وقد أصدر الباحث والخبير الأمريكي كتابًا جديدًا قبل أيام في لندن، بعنوان "مصر"، وصورة مدمرة للملك مينا موحد مصر، بدأه بالتحذير من أنه "ما لم يجرِ تحويل فوري في مسار الدولة التي وحَّد قطريها "مينا" منذ آلاف السنين، فإنها ستنزلق على أيدي السيسي إلى طريق سوريا وليبيا واليمن، وتشهد تفككًا وحروبًا أهلية. ويحلل سبرنجبورج، في كتابه، أسباب الفشل المتواصل للسيسي وسلطة الانقلاب، بعد أن كانت دولة متقدمة في القرن ال19، ثم كانت مرشحة في منتصف القرن العشرين للانتقال من العالم الثالث للأول، ويتناول بالتفصيل الصراعات العنيفة داخل المثلث الذي يحكم منذ 65 عاما (الرئيس/ الجيش/ الأجهزة الأمنية)، وكيف أداره ناصر والسادات ومبارك والسيسي. 3 سيناريوهات.. أخطرها التفكيك ويُحدد الباحث في كتابه 3 سيناريوهات محتملة، لما يمكن أن تصل إليه مصر على أيدي السيسي وعصابة الانقلاب، ليس من بينها العودة لسيناريو 25 يناير الذي يتعاطف معه، ولا ثورة شعبية، مؤكدًا أن مصر تنزلق نحو أخطر هذه السيناريوهات وهو التفكيك على أيدي الانقلاب، وتحولها لمناطق متفرقة لا دولة مركزية. وفي كتابه، يحلل الكاتب الأمريكي "لماذا كان مقدرًا للسيسي الفشل حتمًا"؟، ويشرح لماذا يخشى أن تنجرف مصر نحو أسوأ الخيارات، وهو الثالث، الذي تندثر فيه كدولة مركزية موحدة، لكنه يأمل أن تحدث معجزة وتسلك السيناريو الأول والثاني. السيناريو الأول.. "رئيسًا مدى الحياة" يرى "روبرت سبرنجبورج"، أن السيناريو الأول المتوقع لمصر في ظل حكم السيسي والعسكر هو "الاستمرارية"، بمعنى أن "ينجح السيسي في مواجهة داعش سيناء والعنف السياسي في باقي مصر، ويفوز في الانتخابات، ويعدل الدستور ليكون رئيسًا مدى الحياة". ويرى أن هذا يمكن أن يحدث لو نجح السيسي في إبرام "صفقة مع الإخوان المسلمين"، بالتوازي مع "اكتشاف آبار جديدة للبترول والغاز وعودة دول الخليج والغرب لدعمه ماديًا وسياسيًا". السيناريو الثاني.. إبعاد السيسي يرى الكاتب أن هذا السيناريو قائم على استبعاد الجيش للسيسي واستبداله بضابط آخر، بعدما فقد شعبيته وصار عبئًا عليه، ربما يكون تجاوبًا مع مظاهرات واحتجاجات. أو قد يتواصل "الإصلاحيون في أجهزة الدولة" مع النخبة المدنية، ويتخذ (الرئيس الجديد) إجراءات ليبرالية تتشابه مع ما بين تصحيحية السادات وتونس حاليا، ليظهر سيناريو "مباركي/ ساداتي جديد". السيناريو الثالث.. انهيار الدولة وتفككها هذا السيناريو هو الأخطر، وهو ما يتنبأ به الكاتب بصورة أكبر لو ظل السيسي في الحكم، ويطلق عليه "سيناريو تفككي". حيث يتوقع تصاعد الإرهاب في سيناء، والعنف السياسي في باقي مصر بمستوى غير مسبوق، وأن تقوم انتفاضة شعبية يقمعها الجيش بحمام دم كبير، فتنتقل قيادة الانتفاضة للمتطرفين ومؤيدي حمل السلاح والعنف، وتتطور أنماط العنف الموسمية ذات الطابع الطائفي والعرقي والمجتمعي، إلى نمط يومي تفاعلي متصاعد يؤدي في نهاية المطاف لتفكك الدولة المركزية في مصر وتفكك البلاد. والملاحظة المهمة المشتركة في هذه السيناريوهات التي يطرحها الكاتب، هي أن السيناريوهات الثلاثة تشترك في المسارات الاحتمالية للسيناريو الأخير، بمعني أن كلا منها "يؤدي في النهاية إلى تفكك أجهزة الدولة العميقة وجيشها، نظرًا لفساد وتسوس هذه المؤسسات عبر عقود من إدارة غير رشيدة، والقيام بأدوار لم تخلق لها، فضلا عن أن بعض عناصرها سينشق عندما يوضعون في مواجهة دامية مع قواعدهم المجتمعية أو الدينية"، بحسب تعبيره. أي أن الكاتب يؤكد في دراسته، أن كل الطرق تؤدي إلى تفكك مصر وتحللها، وتحولها إلى مناطق متصارعة، على غرار ما يجري في ليبيا واليمن وسوريا. وكان نفس الباحث قد حذر، في عدة تقارير ومقالات نشرها في صحف أجنبية، من تحول مصر إلى دولة فاشلة على أيدي السيسي وعصابته، وحذر من أن مصر في خطر، منتقدًا زعماء الغرب الذين يدعمونه قائلا لهم: "إن دعم نظام السيسي ليس الطريق إلى الأمام". وقال إن القوى الغربية تفعل كل ما يلزم لمنع انهيار نظامه؛ لأنها تعتقد أن ذلك يعني أيضا انهيار مصر، ولكنهم سيفاجئون حين ينهار نظامه بمئات مراكب المهاجرين غير الشرعيين الهاربين من جحيم مصر.