قام الملك الأردني عبد الله الثاني، بإحالة شقيقيه الأمير فيصل والأمير علي بن الحسين، وابن عمه الأمير طلال بن محمد إلى التقاعد وسحب مناصبهم العسكرية في الجيش الأردني، وتناولت وسائل إعلام عديدة القرار، ووصفته بمنع محاولة انقلاب داخل القصر الملكي الأردني. وبغض النظر عن الملاحقة القانونية التي فرضها عبدالله الثاني ملك الأردن لمن يسيء أو ينشر أكاذيب لتحجيم القرار الأضخم أردنيًا منذ عزل الملك حسين شقيقه طلال عن الخارجية الأردنية، فإن الإحالة هي المرحلة الأخيرة في سلسلة التدخلات السعودية الإماراتية في الشؤون الأردنية ومحاولة ثني الأردن عن مواقفه بدءا من حصار قطر وصولاً إلى قمة القدسباسطنبول.
رعاة انقلابات
وقال موقع "بريتبارت نيوز" الأمريكي إن الأمراء الأردنيين الثلاثة، كانوت يتآمرون مع قادة سعوديين لتنفيذ انقلاب ضد الملك عبد الله، ولكن الموقع أشار إلى أن تلك التقارير قد تكون غير مؤكدة، لأن الملك عبد الله يمسك بزمام الأردن بقوة، ويمتلك بين يديه بكل أوراق اللعبة السياسية وداخل القصر الملكي.
وأشار موقع "بريتبارت" إلى أن بن سلمان سعى للضغط على الملك عبد الله، لتجنب حضوره اجتماع منظمة التعاون الإسلامي بشأن القدس في مدينة أسطنبول، لكن الملك عبد الله الثاني أصر على الحضور في الوقت الذي أرسلت فيه السعودية مسئولاً مبتدئًا.
ونقلت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" عن مصادر، قولها: إن الأجهزة الاستخباراتية رصدت اتصالات بين شقيقي الملك عبد الله وابن عمه مع مسئولين في السعودية والإمارات، لتنفيذ انقلاب ضد الملك عبد الله الثاني.
وزاد موقع الصحيفة العبرية أن الأمراء الثلاثة حاليًا رهن الإقامة الجبرية.
وقالت "هآرتس" العبرية إن العلاقات الأردنية السعودية يشوبها الكثير من التوتر، بسبب سياسات وإجراءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تجريد المملكة الهاشمية من الهيكل الحاكم لها.
وأضافت "هآرتس" أن مسئولاً أردنيًا، لم يكشف عن هويته، اشتكى في نوفمبر الماضي من طريقة تعامل ولي العهد السعودي مع الأردنيين والسلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أنه يتعامل معهم كأنهم "خدم وهو السيد الذي عليهم أن يتبعوا ما يأمر به فقط، وهو ما رفضته الأردن بصورة قاطعة".
خادم أولى القبلتين
التصعيد أخذ منحى عربيًا على منهج داحس والغبراء فكما في السعودية خادم الحرمين الشرفيين، وضع رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، وأعضاء حكومته وعدد من النواب، على صدورهم صورًا للعاهل الأردني كُتب عليها "خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين"، في إشارة إلى المسجد الأقصى.
جاء ذلك خلال جلسة مجلس النواب، الأحد؛ حيث وزّع النواب هذه الصورة بعضهم على بعض وعلى أعضاء الحكومة خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة.
وقال محللون أردنيون إن إعفاء الأمراء في الأردن صحيح والسبب هو تفطن المخابرات الأردنية للاتصالات بين هؤولاء الأمراء والحكام في الإمارات والسعودية وسعيهم الانقلاب على الملك عبدالله؛ بسبب ميله المحور القطري التركي وحضوره في القمة الإسلامية بتركيا وكذلك موقفه من القدس ورفضه لصفقة القرن.
وفي المسألة المقدسية سجل الأردنيون في العاصمة وبقية المدن حراكًا ملحوظًا نال لأول مرة إشادة من ملك الأردن في خطاب له بل وكت تغريدة عر حسابه على تويتر قال: إن "الأردنيين هم على الدوام نبض هذه الأمة، وما أظهروه اليوم من مشاعر جياشة تجاه القدس، قضيتنا الأولى، بتلاحم وتآخ لا مثيل لهما، يعكس مقدار شموخ شعبنا ورقيه، وهو مصدر فخر لي ولكل عربي. حفظ الله الأردن وشعبه درعًا وسندًا لأمتنا وأبنائها".
رغم أن مراقبين أشاروا إلى أن حراك الشارع مُبرمج ومدروس ولن يتعدّى حدود ورضى وموافقة الملك والهدف رفع العتب وامتصاص صرخة الشرفاء في الشارع الأردني.
صبيح المصري
ومن بين الضغوط السعودية على الأردن ليحني مواقفها اعتقال رجل الأعمال الأردني صبيح المصري، وهو من أكبر المصرفيين الأردنيين، وكشف تحليلات الكاتب البريطاني روبرت فيسك -في مقال له بصحيفة «ذي إندبندنت»- عن أسباب الاعتقال لرجل يرأس مجلس إدارة البنك العربي الأردني.
وقال فيسك -في مقال له- إنه لا دليل على أن بن سلمان تمكن من أموال هذا الملياردير الفلسطيني الأصل؛ الذي يدير استثمارات كبيرة في الأردن، أو أنه حاول ذلك، لكن كثيراً من الفلسطينيين يعتبرون أن الأمر كان قريباً من هذا السياق.
وأشار فيسك إلى أن اعتقال الملياردير صبيح المصري أثار غضب عشرات آلاف الفلسطينيين في الأردن، والكثير منهم لاجؤون قدموا من القدس والضفة، واستثمروا الملايين في البنك العربي.
الرياض برأي الخارجية الألمانية "لا تشبه ابدا نفسها سابقا.. حين كانت فعلاً معنية بأمن واستقرار الاردن، وجملة الملك سلمان في الرياض "امن الاردن من امن السعودية" لا تزيد على كونها استهلاك اعلامي..فرياض اليوم "مغامرة ومتهورة".
وبعدما باعت السعودية القدس لترامب ليفتتح فيها سفارته، عملت على الضغط على الأردن لمحاولة عدم مشاركة الملك عبدالله في مؤتمر تركيا، من قبيل اعتقال رجل الأعمال الأردني صبيح المصري للضغط على الأردن.
وكشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن السعودية ضغطت على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وملك الاردن لعدم حضور مؤتمر القمة الاسلامية الذي عقد مؤخرا في اسطنبول.
وقال الصحفي البريطاني الخبير في شؤون الشرق الأوسط ديفيد هيرست، أن العاهل الأردني استُدعِيَ إلى الرياض وتم الطلب منه عدم حضور قمة القدس في إسطنبول. لكنه بعد بضع ساعات قضاها في الرياض غادر من هناك إلى إسطنبول، معتبرا أن حضور عباس وعبدالله للمؤتمر، بعث رسالةً إلى السعودية وأمريكا بأنَّ اتفاق الرياض مع ترامب غير مقبول من الأردن وفلسطين، وتدعم الدول الإسلامية هذا القرار".
وبحسب الصحيفة فان قمة إسطنبول وضعت الأساس لإعادة التمحور بين الدول العربية، واستعرضت حالة من التمرد لزعيمين عربيين طالما عرفا بولائهما للغرب، حيث بدا الرجلان كما لو أنهما خرجا عن طوع حلفائهما التقليديين في واشنطن.
وبعد فشل المحاولة لإثنائهما اعترضت السعودية على الوصاية الهاشمية على الأقصى، ولذلك كان اطلاق لقب خادم اولى القبلتين وثالث الحرمين على عبدالله الثاني، فضلا عن أنباء غير مؤكدة حول حشود عسكرية على حدود البلدين.
تحالف مضاد
يرى المحللون أن الهدف السعودي والإماراتي هو حصار قطر وعزلها وتشويه صورتها ولكن السحر انقلب عليهم، وباتت الاردن واحدة من دول المنطقة التي تتجه نحو تركياوقطر، وتبرم الاتفاقيات مع كليهما، فضلا عن السودان التي سحبت قواتها من اليمن وأقامت علاقات مع تركياوقطر.
وقال الصحفي التركي "سليمان باشا": "إن عام "2022 عام أكتمال التحالف العربي التركي مع جميع الدول العربية في مواجهة التحالف العربي الصهيوني ( السعودية_الاماراتٍ ) سيتم استكمال بناء القواعد العسكرية البرية والجوية والبحرية في قطر والسودان والصومال وبالاضافة للتواجد العسكري في الكويت وعمان والاردن وتونس".