في الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر د.محمد مرسي، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم، بعدها تكشف أن ذلك جزء من مخطط أكبر جرى تنفيذه لاحقاً أحد فصوله استيلاء كيان العدو الصهيوني بترحيب من الحكام العرب على القدس، وتوطين الفلسطينيين في سيناء التي صارت "محتلة". وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين التي وصلت إلى الحكم في مصر عام 2012، بعد ثورة شعبية عارمة ضد نظام المخلوع مبارك، من أوضح الجماعات الإسلامية منهجاً وفكراً، وأكثرها اعتدالا ويسرا، تعتبر رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، أهم مفردات منهج الإخوان المسلمين وعمدة نظامهم الأساسي، وما تزال فعالة في نهج الجماعة وفكرها. وفي وقت وصل قمع الانقلاب العسكري للمصريين عمومًا وللجماعة على وجه الخصوص ذروته، تحاول الجماعة الحفاظ على الثوابت الدينية لشعب مسلم يبلغ تعداده 104 ملايين نسمة، على قدر طاقتها، كما تحاول التوعية السياسية للجماهير، والتعافي من الضربات الاقتصادية التي يوجهها الانقلاب للشعب، عبر بنية تنظيمية وغيرها تنتشر في المحافظات، فهل تنجح الجماعة أمام اللعبة الصهيوأمريكية التي تدير الانقلاب العسكري؟ كارثة الانقلاب لا تزال تلك كارثة انقلاب السفيه السيسي في مصر تتكشف يوميًا مع انتهاكات حقوق الإنسان، وتضييق الخناق على معارضي العسكر، وانتشار الفساد على نطاق واسع، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية وتوطيد الحكم في يد عسكري مستبد جديد، وهو السفيه عبد الفتاح السيسي. وتقر جميع القوى السياسية المستقلة في مصر بأن الحالة المزرية التي تمر بها البلاد تمثل خيانة لثورة يناير التي بدأت عام 2011، في الوقت نفسه، لا يمكن القول بأن جذوة الثورة في مصر انطفأت، حتى ولو خفتت، إذ لا يمكن إطفاء نيران ثورة بكومة من رمال 30 يونيو 2013. وباعتبارها أكثر الحركات الاجتماعية تنظيمًا في مصر، تجتهد جماعة الإخوان المسلمين وتلعب دورًا أساسيًا في عملية إسقاط الانقلاب، إلا أن رغبة القوى الأخرى في إقصائها عن العملية السياسية واستبعادها، تسبب في انقسامات عميقة في صفوف الحراك الثوري في وقت كانت الحاجة إلى الوحدة عند أقصى درجاتها. الحرية فريضة تعتبر الجماعة أن الحرية فريضة، وحق فطري منحه الله لعباده، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وعقائدهم، والحرية تعني حرية الاعتقاد، والعبادة، وإبداء الرأي، والمشاركة في القرار، ومزاولة حق الاختيار من خلال الاختيار الحر النزيه، فلا يجوز الاعتداء على حق الحرية، أو حق الأمن، ولا يجوز السكوت على العدوان عليها أو المساس بها. لم يهدأ شباب الجماعة ولا كبارها وصغارها من الخروج في مسيرات صغيرة أو كبيرة، لرفض الانقلاب العسكري، ورغم أن ماكينة العسكر استباحت دماء المصريين في اعتصامي رابعة والنهضة، بشفرات الرصاص وهدير المروحيات، إلا أن الجماعة بفروعها المنتشرة في المحافظات والأقاليم تكتسب كل يوم شريحة لا بأس بها حتى من هؤلاء الذين كانوا يؤيدون الانقلاب في بادئ الأمر. وتعمل الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وعبر فضائيات الثورة، على تنوير الشعب وحشد رأي عام بات موجودًا في الشارع ضد انقلاب جنرالات العسكر، ومحذرة من "سرقة الثورة" وداعية جميع المصريين مدنيين وعسكريين ومن مختلف الاتجاهات والأيدلوجيات إلى عدم الاستجابة لهذا الانقلاب. أما حزب "الحرية والعدالة" المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، فإن قياداته وأفراده سواء داخل المعتقلات أو خارجها يقفون بكل جسارة وحسم ضد هذا الانقلاب العسكري، ورفض التعاون مع سلطات الانقلاب منذ البداية. وسعت الجماعة التي يلقى شيوخها وشبابها ورجالها ونساؤها أقصى درجات القمع والتعذيب والقتل في سجون العسكر، إلى تأسيس التحالف الوطني لدعم الشرعية ومناهضة الانقلاب، وضم عدة أحزاب مصرية وشخصيات عامة. وتتبنى جماعة الإخوان إلى الآن المطالبة بعودة الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، وبينما يحتفل ترامب ونتنياهو بنجاح انقلاب عميلهم السيسي، والاستيلاء على القدسالمحتلة، في مشهد يذكر بسقوط الخلافة العثمانية عام 1924، يُقتل أنصار الشرعية داخل السجون وخارجها على يد قوات الأمن والجيش، في طول البلاد وعرضها.