مع تعدد حوادث اغتصاب الأطفال والتلاميذ بالمدارس مؤخرا، تسود بين أولياء الأمور حالة من الفزع والخوف الشديدين، فمن يفترض أنهم رعاة على التلاميذ تحولوا إلى وحوش كاسرة بلا ضمير أو رحمة أو خوف من حساب الله يوم القيامة. وقد تم تسجيل ألف حالة اغتصاب لأطفال في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014، وذلك بحسب بيانات المركز القومي للأمومة والطفولة، وهو رقم يبدو مخيفا؛ إذ أنه الرقم المعبر عن حالات تم رصدها أو قام أصحابها بالإبلاغ عنها، وهو ما يعني أن هناك العديد من البلاغات لم تسجل في المواثيق الرسمية للدولة، والأكثر دعوة للفزع أن عددا كبيرا من الحالات الموثقة تم الاعتداء عليها داخل أماكن مخصصة لحماية الأطفال، فهناك حالات اعتداء في دور أيتام، ومؤسسات رعاية الأحداث، وأيضا داخل الفصول المدرسية. وكان آخر هذه الجرائم، قيام ولى أمر طالبة بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة 6 أكتوبر التابعة لحي عين شمس بالقاهرة، أمس الأول، بتحرير محضر برقم 24688 جنح عين شمس، ضد أحد المدرسين لمادة الرياضيات بالمدرسة، ويدعى «ش. ص» اتهمه بالتحرش وهتك عرض نجلته بالصف الثالث الابتدائي، خلال تواجدها بالفصل يوم الأربعاء قبل الماضي. "6" وقائع هزت البلاد من جانبها، تناولت صحيفة الأخبار الحكومية هذا الوباء، ورصدت في تقرير لها يوم 2 من نوفمبر الجاري، "6" وقائع تم نشرها في وسائل الإعلام مؤخرا. فمن هذه الحالات، قيام عامل باغتصاب طفل يبلغ من العمر 4 سنوات داخل حضانة بمنطقة دار السلام بالقاهرة، وأبلغت الحضانة أهل الطفل بمرضه، وفور وصوله للمستشفى توفى على الفور، وبعد تشريح جثته تبين تعرضه لاعتداء جنسي شديد أودى بحياته. وفي العام الماضي، قام عامل نظافة بمدارس الفيوتشر بالاعتداء الجنسي على 5 أطفال لا يتجاوز عمرهم الخمس سنوات. أيضا بالعام الماضي، قام عامل بمدرسة المعادي الدولية بالاعتداء الجنسي على أحد الأطفال "المصابين بالتوحد"، لذلك استغل الفاعل مرض الطفل وعدم قدرته على النطق وفعل فعلته، وفي مدرسة جمال فودة الابتدائية بمنطقة الخانكة، تعرضت طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات لاعتداء جنسي داخل المدرسة وعلى أيدي معلمها، فبعد انتهاء اليوم الدراسي استدرج المعلم الطفلة إلى إحدى قاعات الدراسة، وخلع عنها ملابسها، ثم قام بالاعتداء عليها جنسيا. ولم تفلت محافظات الصعيد من حالات الاعتداء الجنسي على الطلاب، ففي مدرسة بمحافظة سوهاج قام عجوز بالاعتداء الجنسي على إحدى التلميذات ذات ال11 عاما داخل حمام المدرسة، وبسبب خوف البنت من فضح أمرها لم تحك لأحد من عائلتها، مما جرأ هذا العجوز لتكرار فعلته هذه مرة أخرى، ولكن هذه المرة صراخ الطفلة فضحه. أما في محافظة الشرقية، فقام معلم بمدرسة الحرية الابتدائية بالاعتداء الجنسي على طالبته بالفصل بحمام المدرسة، وبعد إنهاء فعلته هدد الفتاه بالقتل إذا تحدثت عن أي شيء مما حدث. وكانت المصيبة الكبرى هذا العام قيام صاحب مدرسة "المصرية الجديدة للغات" بالنزهة باغتصاب 3 طلاب بمرحلة رياض الأطفال والتحرش بأطفال آخرين، وقامت وزارة التربية والتعليم بوضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري، وما زالت التحقيقات جارية. أخصائية نفسية توضح الأسباب بدورها، تحذر الدكتورة منى شطا، الأخصائية النفسية لطب الأطفال، من أن ظهور متحرش جنسي أو مغتصب واحد للأطفال يهدد المجتمع ككل، وتأثيره سلبي، حيث إنه يستهدف شريحة الأطفال أهم شرائح المجتمع. وتعزو شطا، فى تصريحات صحفية، الأسباب التي تجعل المعلم يلجأ إلى اغتصاب الأطفال، إلى اضطرابات نفسية يعاني منها منذ الصغر، وأيضا مشاهدة الأفلام الجنسية والتى لها تأثير كبير بالسلب على الشخص. وأشارت الأخصائية النفسية إلى أن السبب الأكبر فى تفشي تلك الظاهرة يكمن فى منظومة التوظيف الخاطئة للمعلمين؛ لأنها تعتمد اعتمادا كليا على المؤهل الدراسي فقط، دون إجراء أى اختبارات نفسية على المعلم لتحديد مدى انضباطه نفسيًا وسلوكيًا. وطالبت بضرورة أن يكون هناك دورات تدريبية للأطفال تحضرها الأم مع طفلها، واختبارات مكثفة لتأهيل الطفل للتعامل مع مثل تلك الأمور قائلة: "العالم الغربي عامة وأمريكا خاصة لديهم مراكز كبيرة لتأهيل الطفل وتدريبه على كيفية الدفاع عن نفسه فى مثل تلك الأمور، وده بيكون بدراسة معينة، وخطة قابلة للتغير في حالة عدم نجاحها مع الطفل، إلا أن الأهم هو دراسة الحالة النفسية لكل طفل والإلمام بنقاط ضعفه، والتى تعتبر محور جذبه من هؤلاء الأشخاص". وطالبت بتشديد العقوبات على مغتصبي الأطفال خاصة، قائلة: "تشديد العقوبة هي الرادع الوحيد الذي سيوقف تفشي تلك الظاهرة لحماية المجتمع والدولة". أين العقوبات الرداعة؟ حادثة النزهة بالذات تسببت في زلزال داخل المجتمع، وناقش برلمان العسكر هذه المأساة، وتستدعى لجنة التعليم الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب، يوم الأحد الموافق 19 نوفمبر، لمناقشته فى مشاكل المدارس، ومنها تكرار حوادث الاعتداء الجنسى على الأطفال. من جانبها؛ أدانت النائبة زينب سالم، واقعة اغتصاب 3 تلاميذ بKG1، بمدرسة لغات بالنزهة، متسائلة: "كيف يحدث ذلك فى صرح تعليمى مرموق من المفترض حماية تلاميذه والمحافظة عليهم وليس الاعتداء عليهم وتضييع مستقبلهم؟!". ووصفت المدارس بأنها تحولت إلى "وكر للرذيلة"!.