* "الصحة": أكثر من 900 حالة مصابة بالمرض ليس بينها حالة خطيرة * عبد العزيز: 120 إصابة بالقاهرة من 1.7 مليون طالب * العدوى تنتقل قبل ظهور الأعراض.. والذكور أكثر عرضة للمرض * والد أحد المصابين: لا نعرف حقيقة المرض ولا توجد أية إرشادات * إمبابى: العلاج المبكر يحد من خطورة المرض * فضل: إهمال العلاج قد يصيب الذكور بالعقم لا يزال عدد كبير من أولياء الأمور يعيشون حالة من الفزع جراء انتشار مرض الغدة النكافية بالمدارس، والذى يتزايد بشكل مطرد بمرور الأيام. ووصل عدد المصابين بالمرض حسب تقارير وزارة الصحة إلى 989مصابا فى العديد من المدارس بمختلف المحافظات، فيما كشفت عن ارتفاع معدلات الإصابة بمحافظة القاهرة، التى وصل عدد المصابين بها إلى 120 حالة، وسط اتهامات للإعلام بالتسبب فى إصابة أولياء الأمور بالرعب عبر تضخيم الأمر. "الحرية والعدالة" ترصد على الطبيعة انتشار المرض، وتجرى زيارة لعدد من المدارس التى ظهرت بها حالات الإصابة ولقاء بعض التلاميذ المصابين. ومن بين المدارس التى زارتها الجريدة مدرستا رفاعة الطهطاوى وعباس العقاد بالقاهرة. الخوف للجميع وأمام باب مدرسة رفاعة الطهطاوى الابتدائية الواقعة بمنطقة المطرية اجتمع عدد كبير من أولياء الأمور جمعتهم مشاعر الخوف والقلق الشديد على أبنائهم بعدما تسرب إليهم خبر اكتشاف حالات إصابة فى المدرسة، حيث وجهت والدة الطالبة آية كمال بالصف السادس الابتدائى اللوم لنفسها على إحضار ابنتها للمدرسة هذا اليوم، بعد أن رأت خروج أكثر من 10 حالات مصابة أمامها من المدرسة خلال حملة المرور التى قامت بها إدارة التأمين الصحى على المدرسة. "أدخل أطمن عليها بس".. "أشوف الفصل فى تهوية ولا لأ".. جاءت تلك الكلمات على لسان والدة الطالبة شاهندة بالصف الأول الابتدائى"، موضحة أنها علمت أثناء وجودها أن المدرسة اليوم بها عدد حالات متزايدة عن الأيام السابقة وأنها رأت الحالات تخرج أمام عينيها. وأشارت إلى أنها فى تلك اللحظة لم تتمالك أعصابها وطلبت الدخول، إلا أن الإدارة أكدت أنها لن تسمح للطلاب بالخروج إلا بعد انتهاء اليوم الدراسى. ولم يختلف الأمر بالنسبة لوالدة نيرة أشرف، الطالبة بالصف الخامس الابتدائى، حيث دفعها قلقها لاتخاذ قرار بتغييب ابنتها عن المدرسة الفترة المقبلة، مشيرة إلى أنه بعد حالة الرعب التى انتابتها على ابنتها اليوم وعدم تمكنها من الاطمئنان عليها لن تحضرها حتى تهدأ الأمور. مع المصابين ويقول والد الطالب يوسف إبراهيم، أحد المصابين بالصف السادس الابتدائى، إنه لم يظهر على نجله بوادر المرض، ولكنه بالكشف الطبى عليه تبين إصابته بالمرض. وأشار إلى أنه حضر ليصطحب نجله، وأن أكثر ما تعجب منه هو النفور الكبير من جانب أولياء الأمور والطلاب عقب علمهم بإصابة نجله، مضيفا أنه مشتت لأنه لا يعرف بالضبط ما الذى يجب أن يفعله مع نجله. أما والدة منار، فى المدرسة نفسها، فقد تم إدراج اسم ابنتها ضمن المشتبه فى إصابتهم بالمرض وتخشى أن تنتقل العدوى لطفلها الذى يبلغ من العمر 10 سنوات. ومن داخل فصل رابعة خامس، أجمعت الطالبات اللاتى جلسن مرتديات الكمامات، أنه لا يتم توقيع الكشف الطبى عليهن بشكل دائم، عدا اليوم الذى جاءت به حملة من الخارج. وأشارت سامية "مدرسة التربية الفنية" إلى أنها تُعانى منذ أكثر من 3 أيام بأعراض ارتفاع درجة الحرارة والتهاب فى الحلق، ورفضت عيادات التأمين الصحى إعطاءها إجازة . أولياء الأمور يحتشدون ومن داخل المدرسة كانت هناك حالة طوارئ بسبب احتشاد أولياء الأمور الذين يرغبون فى الهروب بأبنائهم قبل إصابتهم بالمرض. وقالت هدى جمال الدين؛ الزائرة الصحية بمدرسة رفاعة الطهطاوى: إن العدد لم يصل لعشرين حالة كما يدعى عدد من أولياء الأمور، ولكنها فى ذات الوقت أكدت أن نسبة الإصابة ب"النكافية" ارتفع هذا العام عن الأعوام السابقة. وأوضحت أن عدد الحالات حتى الآن بلغ 7 حالات، وأنها أبلغت الإدارة التى أرسلت حملة لتجرى مسحا شاملا على الطلاب، مشيرة إلى أن هناك 6 حالات ظهرت فى فصل واحد بالصف الخامس الابتدائى، وأنه فى حال وصولها ل7 حالات، سيتم إغلاق الفصل تماما، وإذا تجدد الأمر فى فصل آخر ستغلق المدرسة. ومن جانبها، اعتبرت إحدى الطبيبات بالحملة أن المرض ليس خطيرا، وأنه يظهر بشكل موسمى، وأن علاجه الوحيد هو الراحة التامة لمدة 15 يوما، خاصة للبنين، الذين نؤكد عليهم ضرورة أن يحدوا من حركاتهم تماما؛ لأن الحركة أثناء الإصابة قد تتسبب فى العُقم لديهم، مع أخذ أدوية البرد العادية، ويتم إجراء الكشف الطبى مرة أخرى قبل عودته للفصل. وأشارت إلى أن نسبة إصابة الذكور فى المدرسة أعلى من الإناث، موضحة أنه حتى الآن أصيب 5 طلاب فى مقابل طالبتين، وأن أكثر شىء تعانيه الآن هو انتشار وهم الغدة النكافية بين الطلاب، فتجد الطلاب خائفين وكذلك أولياء الأمور الذين يطالبون بإجازات لأبنائهم. وأضافت أنها خرجت بنفسها لتُطمئن أولياء الأمور المتكدسين إلا أن محاولتها باءت بالفشل أمام تصميم الأمهات على أخذ أولادهم خلال اليوم الدراسى، موضحة أن الإدارة لن تستجيب لهم طالما أن أبناءهم من غير المصابين بالمرض، لافتة إلى أن 99% من الطلاب يُشفى بعد مرور 15 يوما. مدرسة عباس العقاد ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لمدرسة عباس العقاد، حيث قال أحد الطلاب بالصف الأول الابتدائى وهو مصاب بالمرض وحضر إلى المدرسة مرتديا كمامة: إنه أصيب بالمرض منذ حوالى 3 أيام. وأوضح أنه شعر بالإعياء وارتفاع درجة حرارته، بينما أشارت والدته إلى أن الطبيب لاحظ وجود المرض عنده. لكن الغريب فى الأمر أن الطفل حضر إلى المدرسة رغم أن الطبيب أعطى له إجازة وطلب منه خلالها الراحة التامة وعزله عن بقية إخوته قدر الإمكان، وعدم المجىء إلى المدرسة إلا بعد إتمام شفائه. مسح شامل كشفت الدكتورة أمل على عبد العزيز -مسئول الصحة المدرسية بهيئة التأمين الصحى فرع القاهرة- أن العاصمة ظهر بها حتى الآن أكثر من 120 إصابة بالغدة النكافية، وأن تلك الحالات موزعة على المناطق الخمس وهى مدينة السلام وحدائق المعادى بهما نحو 32 حالة من إجمالى عدد طلاب 637 ألف طالب، أما المنطقة الثانية وتضم حلوان و15 مايو أصيب بها أربع حالات من مجمل 214 ألف طالب، أما المنطقة الثالثة فضمت أكبر عدد من الإصابات والتى تشمل منطقة طره المعادى والفجالة والمقطم والسيدة زينب والمنيل بنحو 39 حالة من إجمالى 450 ألف طالب، أما المنطقة الرابعة وهى الساحل وشبرا والزاوية والشرابية والوايلى والزمالك بها نحو 17 حالة من إجمالى 350 ألف طالب، فى حين أن المنطقة الخامسة والتى تضم مدينة نصر ومصر الجديدة بها نحو 13 حالة من إجمالى 31 ألف طالب. وأوضحت أن المشكلة الأكبر فى هذا المرض هو أن العدوى تنقل قبل ظهور أعراض المرض وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات أكثر حزما؛ منها إشراف شامل على المدارس من خلال إدارة كل منطقة لرصد أى حالات مصابة حتى لا يتحول المرض إلى وباء ومن ثم تضطر الدولة لغلق المدارس مؤكدة أنه بالمتابعة الجيدة يمكن التقليل من عدد الإصابة، خاصة أنه من أصيبوا به مقارنة بأعداد الطلاب ليس كبيرا ولكن ما أثير حوله من ضجة إعلامية هو ما سبب الخوف والهلع لدى أولياء الأمور. أما د. هناء إمبابى -مديرة إدارة التأمين الصحى فرع المطرية- فتقول: دورنا هنا وقائى من خلال متابعة أعراض المرض؛ حيث يتم إجراء مسح شامل على طلاب المدارس عن طريق طبيبة المدرسة، مضيفة أن المرض لا يوجد منه أى خوف إلا إذا حدثت مضاعفات والتى من أبرزها "التهاب فى البنكرياس، والتهاب فى الخصيتين عند الذكور والذى قد يسبب عقما على المدى الطويل إن تم إهماله، كما أن التهاب الغشاء المبكر للمخ من أحد مضاعفات المرض التى نادرا ما تحدث". أوضحت أن تلك الفترة تشهد حالة ترصد تحسبا لانتشار المرض وتحوله لوباء، موضحة أنه فى حال اكتشاف 7 حالات من فصل واحد سيتم غلق الفصل، وإن ظهر ذلك فى فصلين يتم غلق المدرسة تماما، أما فى حال ظهوره فى فصول متفرقة نتكفى بالإجراءات السالف ذكرها. راحة تامة من جانبه، قال عبد العاطى عبد العليم -وكيل وزارة الصحة للشئون الوقائية- إن نسبة الإصابة بمرض الغدة النكافية على مستوى الجمهورية يبلغ 989 حالة، النسبة الأكبر منها بين طلاب المدارس؛ حيث يزيد عددهم على 800 طالب مصاب إلى الآن ليس من بينهم أى حالات خطيرة تستدعى النقل للمستشفى، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات التى اتخذتها وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم منها إرسال تعليمات مشددة لمديرى التربية والتعليم بالمحافظات بإجراء متابعة ميدانية للمدارس والتأكد من تنفيذ الإجراءات الوقائية الخاصة بحماية التلاميذ من الإصابة وعزل الحالات المصابة والتشديد على دور الرعاية الصحية بالمدارس؛ حيث يوجد بكل مدرسة زائرة صحية على الأقل لمتابعة الحالات واكتشافها مبكرا. وتقرر عدم السماح للحالات التى تظهر عليها أعراض المرض بدخول الفصول الدراسية؛ حيث تم منح التلاميذ المصابين بالغدة النكافية إجازة لمدة 15 يوما من الدراسة حتى يتم شفاؤها بشكل كامل. وأبدى وكيل الوزارة اعتراضه على مطالب بعض أولياء الأمور بإغلاق المدارس التى تظهر بها حالات مصابة، معللا ذلك بأن الفيرس ينشط فى الشتاء وتكون مدة حضانته من ثلاثة إلى أربعة أسابيع أى أنه من الممكن بعد إغلاق المدرسة لمدة معينة أن تتجدد الإصابة عند العودة مرة أخرى ومن ثم نضع أنفسنا فى دائرة مفرغة، موضحا أنه يرى الحل فى زيادة جرعة التوعية بالمدارس والمتابعة الجيدة لظهور أى حالات جديدة وإعطائها إجازة للراحة فهى أهم الأمور التى من شأنها أن تساهم بشكل كبير فى الحد من انتشار المرض. وحول توفير الأمصال والتطعيمات فى المدارس، أكد عبد العاطى أن مرض الغدة النكافية فيروس وليس ميكروبا، ومن ثم فليس له أمصال وإنما علاجه يتطلب اتباع خطوات وقائية معينة؛ وأهمها هو الراحة التامة للطفل، مشيرا إلى أن مصل الحصبة والغدة النكافية يتم إعطاؤه للأطفال فى السنوات الأولى من أعمارهم منذ عام 1999 حيث كان يتم إعطاء جرعة واحدة ثم زادت بعد ذلك لتصبح جرعتين ويلاحظ أن الأطفال الذين تم تطعيمهم بالجرعتين هم الأقل إصابة بالفيرس من غيرهم. عزل المصابين وتوضح الدكتورة ولاء عبد اللطيف -مدرس الميكروبيولجى بكلية طب عين شمس- أن مرض الغدة النكافية ينتقل عن طريق الرزاز الناجم عن عطس شخص مصاب على مسافة تزيد على متر ونصف متر وعن طريق ملامسة الأدوات الشخصية للمصاب ويبدأ المرض على شكل ورم يأخذ شكل تدويرة الأذن، ومن أعراضه ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالاجهاد الشديد وضعف عام وصداع مع فقدان الشهية والتهاب بالحلق إلى جانب حدوث تورم مؤلم فى الغدد اللعابية تحت الأذن مما يؤدى إلى تورم الأذن. وأشارت إلى أن سبل الوقاية متعددة منها الراحة التامة للمصاب؛ حيث إن تعرضه لأى مجهود يقلل من سرعة الشفاء ويزيد من انتشار الفيرس، مطالبة بضرورة عزل الطالب المصاب بشكل فورى عن أى شخص لم يتم تطعيمه مسبقا ضد هذا المرض أو لم يصب به، وأن يتناول الكثير من المياه والسوائل وأن يكون الطعام عبارة عن وجبات خفيفة غير دسمة، لافتة إلى أنه لا مانع من إعطائه خافضا للحرارة ومسكنا للألم ومضادا حيويا وفيتامين للضعف العام وفاتح شهية من أجل سرعة الشفاء. واتفقت معها فى الرأى الدكتورة حياة فضل -الأستاذ بمعهد البحوث الطبية جامعة الأسكندرية- والتى شددت على أهمية المتابعة الجيدة للمصابين فى المدارس وضررورة الإسراع فى عزلهم عن الآخرين لمدة أسبوعين ومعالجتهم بشكل بسرعة حتى لا تزداد الأعراض. وأشارت إلى أن أخطر هذه الأعراض هو التهاب الخصية لدى الذكور والذى قد يعرضهم للإصابة بالعقم مستقبلا إذا تم إهمال العلاج؛ حيث إن هذا الفيروس يفضل الاستقرار فى منطقة الأذن والخصية ومن ثم الإسراع فى علاجه من شأنه أن يجنب هذه المخاطر، لافتة إلى أن أول خطوة فى العلاج هى الراحة التامة وعدم الخروج من المنزل إلا بعد الشفاء مع ضرورة تهوية المكان الذى يوجد فيه المصاب وعدم بلع أشياء صلبة أو مأكولات مالحة أو دسمة، كما يتم التنبيه على النظافة الشخصية.