بالرغم من انهيار التعليم في مصر وخروجه عن التصنيفات العالمية، بدأت الأبحاث العلمية في مصر والتي تقاس من خلالها حضارة وتقدم الشعوب، الدخول في مرحلة جديدة من الانهيار، بعد استسهال عدد من طلاب الماجستير والدكتوراه، طريق النفاق الاجتماعي، للحصول على الدرجة العلمية، من خلال رسائل تنافق السيسي، وتتحدث عن إنجازات الوهم في دولة الانقلاب، وهو الطريق الذي يظن معه الطلاب أنه الطريق الأفضل والأسهل للحصول على الدكتوراه. وفي زمن الانقلاب قد يكون النفاق "العلمي" الطريق الأسهل لحصول طلاب الماجستير والدكتوراه على دراجات علمية، إلا أنه الطريق الأسرع إلى انهيار البحث العلمي في مصر، فضلا عن خلق جيل جديد من الباحثين المزيفين.
رسائل النفاق
ولعل أول رسالة دكتوراه قامت بها إحدى الطالبات في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، حول ما أسمته "اهتزاز صورة شخص رئيس الانقلاب حد التشوية" تكشف رسائل النفاق العلمي الذي بدأ الطلاب في التوجه إليه للحصول على درجاتهم العلمية بسهولة.
هو الأمر الذي وجدته هايدي وجيه طالبة الدكتوراه في جامعة عين شمس مفروغًا منه منذ حدوث ثورة ال25 من يناير، والحديث عن فساد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم انقلاب 30 يونيو، ليزيد اهتزاز الصورة مع حكم بعض الرؤساء، في محاولة للدفاع عن السيسي، فاتخذته مدخلًا لمناقشة رسالة الدكتوراة الخاصة بها اليوم، لتزعم أن الكفة اعتدلت مع قدوم عبدالفتاح السيسي.
"الصورة الإعلامية للسيسي في القنوات الفضائية المصرية والعربية، وعلاقتها بصورته الذهنية لدى المراهقين".. هذا هو عنوان رسالة الدكتوراه التي تناقشها المدرس المساعد بقسم الصحافة هايدي وجيه عبدالعاطي، والتي سيناقشها فيها الدكتور مصطفى الفقي أستاذ العلوم السياسية وسكرتير حسني مبارك السابق للمعلومات ورئيس مكتبة الإسكندرية.
تبرر هايدي رسالة نفاقها العلمي، في حديثها لبعض صحف الانقلاب، إنها في أثناء إجراء رسالتها والتي اعتمدت على المراهقين وجدت أن "السيسي حسّن من صورة رئيس الجمهورية مرة أخرى، وخصوصًا أن الشعب تعرف عليه كوزير للدفاع، وطالبوه بالترشح لرئاسة الجمهورية، حتى صار النشء يتمنى أن يكون مثله" على حد تعبيرها.
يأتي ذلك في الوقت الذي أصبحت صورة المنقلب السيسي في أسوأ مراحلها، بعد حملات السخرية التي تم تنظيمها ضده، لدرجة أن الاسم الذي أصبح الأكثر شهرة له هو"بلحة"، فضلا عن صورته المهتترئة بمواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لتصريحاته التي تكون بابا للسخرية منه على نطاق واسع.
وزعمت صاحبة رسالة النفاق إن "الصورة الإعلامية للسيسي كانت إحدى الجوانب التي تناقشت فيها مع المراهقين الذين اعتمدت عليهم دراسة الدكتوراة، التي استغرقت عامين في لتمامها، حيث طالب البعض بإغلاق القنوات التي تشوه من صورة السيسي لأنها تشوه صورة مصر بالتبعية".
ليست الأولى
ولعل رسالة "هايدي" في نفاق السيسي ليست الأولى من نوعها في استسهال الحصول على الدرجة العلمية، من خلال ابتزاز المناقشين للرسالة والتلويح بسيف الاستبداد والفاشية التي يحكم بها السيسي، حيث سبقتها سلمي صادق، طالبة تسعى للحصول على الماجستير من كلية الفنون الجميلة. عبر تمثال لقائد الانقلاب.
وأثار التمثال موجه من السخرية، في الوقت الذي تقوم فيه طالبات كلية الفنون الجميلة، بنحت تماثيل لشخصيات مشهورة سواء في الوسط الفني والوسط السياسي.
نفاق المدارس
واتجه نفاق السلطة الحاكمة حتى في المدارس، حتى أن طلاب مدرسة الصلعة، مركز أخميم، محافظة سوهاج، اضطروا للهتاف خلف مدير مدرستهم: "يعيش السيد الوزير المحافظ.. يعيش السيد مدير الإدارة.. يعيش السيسي.. عاش السيد محافظ سوهاج.. عاش الدكتور أيمن عبدالمنعم”.
وكررت الموقف طالبة بورسعيد التي وقفت أمام محافظ الانقلاب اللواء عادل الغضبان لتردد: "لو كنت ساجدة لشخص لسجدت للواء عادل الغضبان".
ليتبقى السؤال: ماذا تبقى في التعليم العام والجامعي بعد حالة الانهيار التي مر بها وخروجه من التصنيفات العالمية؟ وهل ستكون رسائل النفاق بديلا عن الأبحاث العلمية؟".