في أخطر تحد للشعب المصري، وأكبر دلالة على عمالته للصهاينة بعد لقائه زعيمهم المجرم نتنياهو علنا لأول مرة الأسبوع المقبل، أمر قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي القوات الجوية المصرية بإجراء تدريب عسكري مع قوات الاحتلال الصهيوني التي قصفت مدارس ومصانع ومنازل المصريين وقتلت الأبرياء. الفضيحة كشفها وزير الدفاع اليوناني مؤكدا اعتزام القوات الجوية المصرية والإسرائيلية إجراء تدريبات مشتركة، تشارك فيها أيضا اليونان وقبرص، ما يعد أحدث خطوات الخيانة والتحدي للشعب المصري، ومؤشر خطير علي تحول عقيدة الجيش المصري من اعتبار الدولة الصهيونية "عدوا" الي اعتبارها "صديقا وحليفا". وكشف بانوس كامينوس، وزير الدفاع اليوناني اليوم، أن بلاده تنوي المشاركة في تدريب عسكري مشترك بين سلاح الجو المصري والإسرائيلي والقبرصي، بحسب بيان نشرته وكالة اسوشيتدبرس ونقلته صحف العالم. وصرح الوزير اليوناني بأنه "يتم وضع خطط لتدريبات مشتركة للقوات الجوية مع قبرص ومصر وإسرائيل ودول أوروبية أخرى في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار في شرقي البحر المتوسط". ورغم تأكيد الوزير اليوناني رسميا ذلك، لم يصدر عن وزارة الدفاع المصرية، أو المتحدث باسمها أي بيانات تؤكد، أو تنفي هذا التصريح للوزير اليوناني، ما يؤكد صحته وخجلهم من إعلانه على الشعب رسميا والاستمرار في سياسة التعامل السري مع العدو الصهيوني سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وسبق لصحف تل ابيب الكشف عن تعاون قيادات الجيشين المصري والصهيوني في سيناء وسماح السيسي لطائرات العدو بقصف أهلنا في سيناء بدعاوي التصدي لإرهاب داعش، وأكد هذا أيضا مسئولون عسكريون صهاينة لموقع بلومبرغ. كما سبق أن نشرت صور قديمة للسيسي، وهو مع ضباط إسرائيليين قبل سنوات. اختراقا جرثوميا خطيرا لثوابت الجيش ووصف الخبير في الشئون الإسرائيلية "محمد سيف الدولة" التدريبات العسكرية المشتركة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها "ستمثل اختراقا جرثوميا خطيرا لثوابت الجيش المصري ولعقيدته العسكرية، وستثير حجم من البلبلة والاضطراب والشرخ في وجدان كل من يشارك فيها من جنودنا المصريين". وكتب على مدونته يقول: "التدريبات العسكرية المشتركة مع العدو الصهيوني ستسبب جرحا بالغا لغالبية المصريين، مما سيكون له آثاره وعواقبه ان عاجلا أم آجلا". وتابع: "لقد أصبح واضحا للعيان اليوم أن اسرائيل هي الداعم والحليف الإقليمي الأول للسيسي في المنطقة، وأنها بوابته لنيل الرضا والقبول والاعتراف والدعم الأمريكي والدولي". وذكر أن "سلاح الجو الصهيوني هو الذي دك مطاراتنا في 1967 وقتل اولادنا في بحر البقر وعمالنا في ابو زعبل، ويستهدف ويقتل اهالينا في فلسطين كل يوم، وهو الذي يعربد في سماوات الأقطار العربية، يقتل هنا ويدمر هناك، لا رادع له ولا معقب عليه". وتساءل: "أي مصلحة لمصر أو للقضية الفلسطينية أو للأمن القومي العربي، حتى من منظور جماعة كامب ديفيد، في اعطاء مصداقية لما يدعيه نتنياهو ويصرح به ليل نهار، من ان هناك دولا عربية كبرى اصبحت ترى في اسرائيل حليفا وليس عدوا، وان قضية فلسطين لم تعد تمثل عقبة او شرطا للتطبيع والصداقة بل وللتحالف العربي الإسرائيل؟!". وقال: "ليس في اتفاقيات كامب ديفيد أي شيء عن تدريبات عسكرية مشتركة أو أحلاف عسكرية، فحتى الذين يدافعون عنها، يقرون أنها معاهدة تمت تحت الإكراه مع عدو استراتيجي قام باحتلال أرضنا بالقوة في حماية الولاياتالمتحدة وتواطؤ مجلس الأمن". تغيير في العقيدة العسكرية المصرية وانتقد مصريون بعنف على مواقع التواصل الاجتماعي، بلوغ العلاقات المصرية الصهيونية إلى مستوى إجراء تدريبات عسكرية مشتركة لأول مرة في التاريخ، مشيرين إلى أن ذلك الأمر بمثابة تغيير في العقيدة العسكرية لمصر. في حوار سابق مع قناة "بي بي سي" البريطانية، 3 مارس 2016، قال السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة، حاييم كورن أن "العقيدة القتالية للجيش (المصري) قد تغيرت من اعتبار إسرائيل عدواً لصديق في محاربة الإرهاب"، مؤكداً أن هذا ما تؤمن به القيادة الحالية (السيسي). وزعم "كورن" إن "العدو الحقيقي لمصر هم الإخوان وليس بلاده"، وأضاف لها "حركة حماس" كعدو خارجيا، زاعما أن "الإرهاب هو التحدي الحقيقي للدولة المصرية"، وكان السفير الإسرائيلي يدافع عن لقاء توفيق عكاشة معه. وعمدت الولاياتالمتحدة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979، وتخصيص معونة سنوية عسكرية (1.3 مليار دولار) واقتصادية لمصر، لتغيير عقيدة الجيش المصري من الحرب مع إسرائيل باعتبارها هي "العدو الأول والاساسي" لكي يكون العدو هو "الإرهاب"، ويشمل هذا "التيارات الإسلامية" في الداخل. وبسبب سيطرتها على التسليح والمعونات، بعد تحول مصر من الاتحاد السوفيتي شرقا إلى أمريكا غربا، فقد نجحت الخطط الأمريكية في التأثير علي الجيش المصري تمويلاً وتسليحاً وتدريباً وعقيدة ونجحت إعادة تشكيله من جديد والتأثير على توجهاته وفق مصلحتها القومية، فأدخلت تغييرات جوهرية على بنية الجيش وأعادت تحديد عدوه كي لا يكون إسرائيل. وكان الهدف الأمريكي من تغيير عقيدة الجيش المصري القتالية، مرتبطا بكميات السلاح التي تحصل عليها مصر، حيث حاولت واشنطن تقليص كميات السلاح الثقيل التي تطلبها مصر بموجب المعونة، والتي كانت توجه لحرب تقليدية مع العدو التقليدي التاريخي (إسرائيل)، وسعت واشنطن لإقناع الجيش بالتوقف عن اقتناء السلاح الثقيل مقابل أسلحة خفيف تتناسب مع "محاربة الإرهاب" لا إسرائيل. محاولة فاشلة في حقبة مبارك وقد كشفت وثيقة دبلوماسية سرية سربها موقع ويكيليكس عام 2008 عن محاولات أمريكية خلال حقبة الرئيس السابق مبارك، لتغيير عقيدة الجيش، وخلاف غير بين واشنطنوالقاهرة حول استخدام المساعدات العسكرية الأميركية. وأن الولاياتالمتحدة سعت لإقناع الجيش بتوسيع مهامه بطريقة تعكس التهديدات الإقليمية والعابرة للدول، مثل القرصنة وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب، غير أن "القيادة المصرية الهرمة قاومت جهودنا وبقيت مكتفية بالقيام بما سبق أن قامت به لسنوات: التدريب على عمليات المواجهة، مع التركيز على القوات البرية وعمليات الدفاع" بحسب قول المسئولين الأمريكيين في الوثيقة. السيسي يستجيب للضغوط وفي أعقاب انقلاب السيسي 3 يوليه 2013، أعلن وزير الدفاع حينئذ عبد الفتاح السيسي عن تشكيل ما اسماه "قوات التدخل السريع"، وأعلن أن "تلك القوات التي تم تشكيلها لأول مرة تأتي لتعزيز قدرة الجيش على مواجهة التحديات التي تواجه مصر في الداخل والخارج"، وأن قوات التدخل السريع شكلت للقيام بمهام "خاصة جدا". وزعم السيسي بأن القوات المسلحة "يعاد تنظيمها وتطويرها وفقا لأحدث النظم القتالية لتنفيذ جميع المهام، ومجابهة التهديدات والتحديات التي قد تواجه الوطن وأمنه القومي"، ما اعتبر بداية تغيير في العقيدة القتالية للجيش أو رضوخ للضغوط الأمريكية وربما لنيل الاعتراف بانقلاب السيسي. واعتبر مراقبون أن هذا التوجه الجديد للجيش المصري، يشير لأن القادة الجدد للجيش بعد الانقلاب قد بدأوا بالفعل في تغيير عقيدة القوات المسلحة من قتال إسرائيل إلى محاربة الإرهاب، أي التحول من اعتبار اسرائيل "عدو" الي "صديق في محاربة الارهاب". وفي اعقاب هذا التغيير للعقيدة القتالية للجيش، وقبل نهاية مارس 2015 أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عبد الفتاح السيسي بانتهاء تجميد تسليم مصر المساعدات العسكرية التي كان قد تم حجزها عقب فض اعتصامات ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013. كما تلقت القاهرة عددا من طائرات الأباتشي المروحية، وتم شحن 12 طائرة مقاتلة إف 16، و20 من صواريخ هاربوون، وقطع غيار 125 دبابة من طراز M1A1، وعدد من الزوارق والقطع البحرية المتقدمة. أيضا انعقد في القاهرة في الثاني من أغسطس 2015 ما أطلقت عليه القاهرة «حوار استراتيجي» بين الدولتين، رغم أنه انعقد لجولة واحدة فقط في صورة مباحثات ثنائية موسعة بين الطرفين، وسعت صحف مصر لوصفه بانه انتصارا للسيسي و"رضوخ أمريكي لسياسات السيسي"، ولحقه عودة مناورات النجم الساطع.