عززت اللجنة العسكرية المكونة من جيشي السودان وإثيوبيا علاقتهما العسكرية بإعادة توقيع حزمة من الاتفاقيات المبرمة خلال السنوات الأخيرة بدءًا من 2009 وحتى 2016، وذلك خلال اجتماعها ال16 الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم، الثلاثاء الماضي، بحضور رئيسي الأركان وقادة الأفرع. ويتطلع محللون إلى أن يكون التعاون السوداني الإثيوبي هادفا لإثارة حفيظة القاهرة بشكل كبير، خاصة بعد النقلة النوعية الواضحة في مساحة وكيفية التعاون والتي تجاوزت الاقتصاد والسياسية إلى الجوانب العسكرية، لا سيما بعد إنهاء 60% من سد النهضة، وتصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي "هيلي ماريام ديسالين"، بأن أي تهديد للسودان هو تهديد للأمن القومي الإثيوبي، رآه مراقبون استهدافًا للقاهرة بعد تصعيد بعض وسائل الإعلام المصرية من نغمة اللجوء إلى الحل العسكري حال التصميم على مواصلة بناء السد. الحدود والإرهاب وتعليقا على اللقاء الأمني، أوضح رئيس أركان الجيش السوداني الفريق الدين مصطفى مصطفى عدوي، ونظيره الإثيوبي سامورا محمد يونس، أن نتائج الاجتماع ستشكل "الدعامة الاساسية لتنمية التعاون العسكري بين البلدين"، مشيرًا إلى الاتفاق على وضع خطة لحماية الحدود والعمل المشترك لمكافحة الجرائم العابرة للحدود والحركات السلبية. وقال "سامورا" إن "الاجتماع سيسهم في نقل العلاقات إلى مستوى أعلى من التعاون في مجالات الأمن والدفاع". وتوجه الاجتماع لتفعيل البروتوكول العسكري الموقع بين البلدين عام 2009 والخاص بسبل تأمين الحدود المشتركة بين البلدين في إطار تبادل الخبرات العسكرية، والموافقة على المقترح المقدم في مارس 2016 بشأن نشر وحدات عسكرية على الحدود بين البلدين. ملامح علاقة ويأتي الاجتماع في وقت يشكل فيه بناء سد النهضة نقطة الخلاف الأبرز بين دول حوض النيل لا سيما مصر، وجاءت تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير في إبريل للاحتفال بالذكرى السادسة لبناء سد النهضة، بالتلويح بالدفاع عن أديس أبابا أمام أي تهديد خارجي، قابلها تصريحات من ديسالين بأن أي تهديد للسودان "هو تهديد للأمن القومي الإثيوبي". كما اتفق الجانبان على عدة محاور للتعاون بينهما، منها استفادة السودان من كهرباء سد النهضة، بخط لنقل الكهرباء من السد إلى الخرطوم، وإنشاء خط سكة حديد لنقل البضائع من إثيوبيا، إلى ميناء بورتسودان، من أجل مساعدة أديس أبابا على نقل البضائع إلى الخارج، إضافة إلى مشروعات الأمن الغذائي، وتسهيل إثيوبيا نقل النفط من جنوب السودان. سخونة الانقلاب وتحت عنوان (حرارة استقبال البشير في إثيوبيا بخّرت التنسيق مع مصر) شنت صحيفة "الأهرام"، هجومًا ضد البشير، مشككة في خطوات التنسيق بين القاهرةوالخرطوم، مستعرضة المغريات التي تدفع السودان إلى الارتماء في أحضان إثيوبيا. واستعرضت "الأهرام" العديد من التساؤلات التي طالبت بالبحث عن إجابة لها والتي تلخص كيف تنظر القاهرة للتعاون السوداني الإثيوبي، قائلة: "التقارب بينهما يثير حفيظة المصريين، ويدفعهم للتساؤل، إذا كان السودان له هذه العلاقات المترابطة مع إثيوبيا، فلماذا لم تنجح وساطته في حل أزمات مفاوضات النهضة بين أديس أباباوالقاهرة؟ ولماذا لم يستطع السودان ب"دلاله" على إثيوبيا إطالة الفترة الزمنية لملء بحيرة السد دون اللجوء للمكاتب الاستشارية؟ وهل سيظل التعاون بين البلدين على هذا المنوال دون إلحاق ضرر بدول الجوار؟ أم أن الهدف كان بالأساس التحكم بقطرات مياه النيل التي يحيا بها المصريون تحت رغبة سودانية في تقليل التنسيق مع مصر ومزاعم الخرطوم بمشكلات حدودية مع "المحروسة؟". تحركات مضادة وردا على تحرك البشير؛ جال السيسي إفريقيا في أغسطس الماضي بتشاد، وتنزانيا، ورواندا، والجابون، وذلك في إطار مساعي تقريب وجهات النظر حيال عدد من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، على رأسها تشكيل لوبي ضاغط على أديس أبابا لوقف بناء السد، هي الجولة ال12 ضمن سلسلة جولات بالمنطقة. إلا أن محللين أكدوا أن جولة السيسي الإفريقية لم تحقق هدفها في الضغط على أديس أبابا، بعدما أعلن مجلس إدارة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، الانتهاء من 60% من أعمال بناء السد، منوهًا أن الأعمال المدنية والميكانيكية الخاصة بتوليد الكهرباء للسد يتم تنفيذها خلال موسم الفيضان الحالي دون توقف، على أن يتم إنتاج الكهرباء خلال عامين وفقًا للخطة الموضوعة، بحسب بيان صادر عن المجلس. وستنتهي كل من إثيوبيا وكينيا بداية العام المقبل من أعمال مد خط نقل 2000 ميجاوات من الكهرباء بين البلدين والذي تنفذه الشركة الصينية "تشاينا إلكتريك" لتكنولوجيا الطاقة والتكنولوجيا بتكلفة 1.26 مليار دولار بتمويل من مصرف التنمية الإفريقي بقدرة 500 كيلوفولت، وطول 1045 كيلومترًا منها 445 كيلومترًا تقع داخل أراضي إثيوبيا والبقية في كينيا، مما يعني أن السير في أعمال البناء مستمر رغم الضغوط الممارسة على أديس أبابا. المسار الميت وقبل أيام نشرت "الشروق"، نقلاً عن مصدر حكومي، بأن "المسار الفني لسد النهضة الإثيوبي أصبح ميتًا، مشيرة إلى أنه يتم حاليًا دراسة كل التحركات الدبلوماسية والسياسية لضمان الحقوق المصرية في مياه النيل وفقًا لمبادئ القانون الدولي. المصدر الذي رفض ذكر اسمه أشار إلى أن "الإخفاقات المتتالية للمسار الفني في إمكانية الاعتماد عليه كمسار لحسم الخلافات مع إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة"، ستدفع القاهرة للبحث عن تحركات مكثفة على المسارات السياسية والدبلوماسية والقانونية لحماية المصالح المصرية فى مياه النيل.