في تعليقها على توقيع قادة مصر وإثيوبيا والسودان على "وثيقة مبادئ" بشأن سد النهضة, الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، قالت صحيفة "نازرت" الإثيوبية إن "بلادها حققت كل ما تريد, ولم يكن أمام القاهرة سوى الرضوخ للأمر الواقع". وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني في 23 مارس أن مصر سعت لإجبار إثيوبيا على إلغاء فكرة بناء السد, لكنها لم تنجح في ذلك, خاصة بعد الانتهاء من بناء 40 % منه, ولذا اضطرت للتفاوض والتوقيع على وثيقة تعتمد فقط على حسن النوايا, وقد لا تلتزم بها أديس أبابا في المستقبل. وتابعت أن إثيوبيا استفادت من الفوضى التي تعانيها مصر, وشرعت في بناء السد في أوائل 2011, موضحة أن الخيارات أمام مصر تكاد تكون معدومة في مواجهة أي إخلال بوثيقة المباديء مستقبلا. واستطردت " حتى الخيار العسكري, ليس متاحا أمام مصر, لأن موقع السد بعيد عن المطارات في مصر، كما أن مصر ليس لديها قدرات التزود بالوقود من الجو, ولا الوصول إلى القواعد السودانية القريبة". وأشارت الصحيفة إلى أن إثيوبيا تستطيع انتهاك الوثيقة, عندما تريد ذلك, بينما مصر لن تستطيع فعل أي شيء, وأضافت "سد النهضة يعطي لإثيوبيا إمكانية الحد من تدفقات مياه النيل, وهو ما قد يشكل كارثة لمصر". وتم التوقيع في العاصمة السودانية الخرطوم في 23 مارس على وثيقة اتفاق مبدئي حول آلية تشغيل سد النهضة, الذي تواصل إثيوبيا تشييده في حوض النيل. ووقع قادة السودان ومصر وإثيوبيا بالأحرف الأولى اتفاق إعلان مبادئ حول السد بهدف بلورة تعاون إقليمي يشمل كل دول حوض النيل. ويبعد سد النهضة حوالي 20 كيلومترا من الحدود السودانية، ويقع على النيل الأزرق الذي يرفد نهر النيل بنحو 60% من وارداته المائية. وتبلغ السعة التخزينية الكلية للسد 74 مليار متر مكعب. وتهدف إثيوبيا من وراء تشييده لاستغلال المياه في إنتاج احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. واكتفى الموقعون بكلمات حول التعاون، وما يمكن أن يحققه سد النهضة من إيجابيات لدول إثيوبيا والسودان ومصر دون الكشف عن أي بند من بنود الاتفاق. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام ديسالين إن بلاده اختارت المسار التفاوضي لأجل التوافق مع دول المصب، معلنا قطع شوط كبير في توصيات الخبراء. وأبدى ديسالين استعداد أديس أبابا لإبراز كل الوثائق التي تطمئن جميع الأطراف, قائلا :"لن نسبب ضررا للسودان أو مصر". وبدوره, قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي :"إن الأطراف الثلاثة استطاعت أن تصل عبر الحوار لنقطة البداية, مما يجعلنا نمضي قدما لاستكمال العمل حتى ننتهي من كل الدراسات الفنية المشتركة وفق أسلوب يضمن تحقيق مصالح الجميع". أما الرئيس السوداني عمر البشير، فاعتبر أن الاتفاق خطوة مباركة تكرس الترابط بين شعوب الدول الثلاث، متمنيا الوصول لحل شامل يرضي كل بلدان حوض النيل. وفي ظل عدم نشر بنود الاتفاق، رأى مراقبون وخبراء مياه - حسب تقرير نشرته "الجزيرة"- أن التوقيع تتويج للجهود الإثيوبية على الأرض في بناء السد، وأن الخرطوموالقاهرة سلمتا في النهاية بالأمر الواقع. ويرى هؤلاء أن أخطر ما في الوثيقة هو عدم إقرار إثيوبيا بحصة مصر من مياه النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا وفقا لاتفاقية عام 1959, فيما تعترف مصر بموجب الوثيقة بحق إثيوبيا في بناء السد, مقابل تعهدات غير مكتوبة من أديس أبابا بمشاركة القاهرة في إدارته. وسادت حالة من الخوف بين كثيرين في مصر إزاء عدم نشر الوثيقة في وسائل الإعلام وإصرار الدول الثلاث على سرية بنودها, لكن الخارجية المصرية أكدت أن بنود الاتفاقية تضمنت أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي بطريقة تضمن عدم الإضرار بدولتي مصر والسودان.