هربوا من بلادهم فرارًا من القتل، إلا أن الموت لم يتخل عنهم، فمات عدد كبير منهم خلال رحلة الهروب، أو جوعا بعد أن تمكن من الوصول إلى بنجلاديش الدولة الأقرب إليهم، والوحيدة التي فتحت لهم أبوابها. والتي استقبلت حتى الآن، وفقا للأمم المتحدة، 270 ألف فروا من أراكان إلى بنجلاديش خلال أسبوعين. جاء ذلك في تصريحات للصحفيين بمقر المنظمة الدولية بنيويورك، أدلى بها استيفان دوجريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
وأوضح دوغريك أن "270 ألف لاجئ من الروهنجا فروا من العنف في ولاية راخين (أراكان) وعبروا الحدود إلى بنجلاديش سيرا على الأقدام عبر الغابات والأدغال، فيما يخاطر آلاف آخرون بحياتهم في رحلات طويلة وخطرة في خليج البنغال، سعيا للأمان منذ 25 أغسطس الماضي".
وفي سياق متصل أرسلت حكومة بنجلاديش رسالة إلى منظمات دولية تتضمن مقترحين يتعلقان بوضع مسلمي إقليم أراكان الذين يتعرضون لهجمات الجيش الميانماري والميليشيات البوذية.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن المقترحين يتضمنان إنشاء "منطقة آمنة" في إقليم أراكان لمسلمي الروهنجا، ويؤكدان على ضرورة تدخل المجتمع الدولي في جهود إقناع حكومة ميانمار من أجل إعادة اللاجئين الروهنجا في بنجلاديش إلى بلادهم.
وبعثت بنجلاديش الرسالة إلى بعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، إضافة لرابطة دول شرق أسيا "آسيان"، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة التعاون الإسلامي.
ووفقا للتقرير الذي نشرته وكالة أنباء الأناضول، تقول "لالة خاتون" (60 عاماً)، التي غادرت قريتها قبل 10 أيام متجهة إلى بنجلاديش: "لقد ظلمونا كثيراً، ولجأنا إلى هنا (بنجلاديش)، إلا أنه لا يوجد أي شيء هنا، ومازلنا نعيش في الشوارع". مضيفة أن "الجيش الميانماري قتل زوجها وزوج ابنتها".
وأشارت إلى أنها وبقية اللاجئين الروهنجا يعانون الفقر والحرمان والجوع، كما لفتت أنهم لا يملكون أغطية ولا لوازم الطبخ أو مواد غذائية. وبالنسبة لها، فإن إقليم أراكان بميانمار يتعرض لظلم كبير.
وتحدث عبد الله شكر (35 عاما)، عن رحلة هروبه من "فظاعات" جيش ميانمار، قائلا: "عبرت النهر مع 9 أفراد من أسرتي، لأجتاز، أمس (الخميس)، الحدود بين ميانمار وبنجلاديش، وأصل أخيرا إلى مخيم اللاجئين".
وتابع أن الجيش الميانماري أحرق قريته ومنزله، وأطلق النار عليه وعائلته، ما جعلهم يعيشون "لحظات رعب رهيبة". واصفا عمليات الجيش الميانماري الذي استهدفهم ب"الوحشية".
أما رشيد أحمد (40 عاما)، فقال إن جيش ميانمار أحرق قريته بالكامل، كما حاول الجنود اغتصاب النساء وفتيات القرية، وغالبا ما يقتلنهن عقب اغتصابهن. ومضى يقول: "هربت من قريتي، وسرت على الأقدام ل 3 أيام، ولا أعتقد أننا سنعود ثانية إلى قرانا ومناطقنا".
يذكر أنه تم رصد 7 آلاف و354 قتيلًا من الروهنجا، و6 آلاف و541 جريحا منهم، منذ بداية حملة الإبادة الأخيرة وحتى أول أمس الأربعاء.