يخفي قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي نواياه تجاه أموال مبارك المجمدة في سويسرا، حتى أن سويسرا نفسها أصبحت في حيرة من أمرها "ماذا تفعل في أموال مبارك؟" التي تقدر بحد أدنى نصف مليار دولار (10 مليارات جنيه)، في الوقت الذي يتسول السيسي من الغلابة "الفكة"، ليفتح هذا الملف قضية غض الطرف عن هذه الأموال رغم حاجة البلاد إليها، في ظل زعم السيسي بأنه لن يتم التمكن من استردادها في ظل عدم وجود أحكام قضائية بفساد مبارك، الذي برأه قضاء السيسي نفسه لحمايته وحماية أمواله. وتخرج السفارة والسلطات السويسرية بين الحين والآخر لتسأل نظام السيسي "ماذا نفعل في أموال مبارك التي نهبها المخلوع ولا يريد السيسي استردادها؟"، وكان آخر بيان لها اليوم الأربعاء، والذي كشفت فيه أن السلطات القضائية السويسرية أبلغت سلطات الانقلاب في يوم 28 أغسطس 2017، كما أبلغت النائب العام المصري، بأن إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة التي فتحت في أعقاب ربيع 2011 قد أغلقت دون أن تسفر عن نتائج مادية، وأنه في أوائل عام 2011، كانت سويسرا أول دولة تجمد الأصول المملوكة لأفراد مصريين منتمين إلى نظام مبارك السابق، ومنذ ذلك الحين تم التعاون بين سويسرا ومصر من خلال العديد من التبادلات، لا سيما بين أعلى السلطات القضائية. وأكدت السفارة استمرار التحقيقات في سويسرا ومصر في كلا البلدين بشكل مستقل، وأن إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة هي مجرد جزء من التحقيقات، ولم يتخذ القرار النهائي بشأن الأموال بعد، ويعتمد على عوامل أخرى أيضا. ولعل تلكؤ نظام عبدالفتاح السيسي الذي يملك جرأة التدخل في الشأن القضائي، وعمل القضاة وأحكامهم الصادرة، فضلا عن تحكمه في البرلمان الحالي، يفضح سر تأخر التحقيقات حتى الوقت الحالي، في الوقت الذي يملك فيه السيسي إعطاء أوامر باستصدار أحكام قضائية وتشريعات تدين حسني مبارك، وتغلق الملف باسترداد هذه الأموال المجمدة، إلا أنه لم يفعل حتى الآن. وذكرت السفارة أنه كان على السلطات القضائية السويسرية أن تستنتج أن المتطلبات القانونية لم تتحقق، ولا سيما فيما يتعلق بالصلة بين الجرائم المزعومة وسويسرا، وعلاوة على ذلك، برأت المحاكم المصرية عدة أشخاص متورطين، أو أبرمت اتفاقات للمصالحة القانونية أو لم تعد بعض الأشخاص تحت الملاحقة القضائية. ونوهت السفارة إلى أن هذا الإغلاق لا يعني أن المساعدة القانونية المتبادلة بين سويسرا ومصر مستحيلة، ومن ثم فإن الأحكام المتعلقة بالمصادرة في القانون الاتحادي المتعلق بالأصول الأجنبية غير المشروعة لا تنطبق في هذه الحالات، وأكدت أنه من اليوم، فإن الأصول التي تبلغ حوالي 430 مليون دولار أمريكي تظل مجمدة على أساس الإجراءات الجنائية المستمرة، فضلا عن مرسوم الحكومة السويسرية. إدانة مبارك ويأتي هذا على الرغم من الحكم النهائي الصادر من محكمة النقض المصرية بإدانة مبارك ونجليه بإهدار المال العام في قضية القصور الرئاسية، فضلا عن أن السلطات السويسرية قامت برد طلب لجنة استرداد الأموال المصرية المهربة للخارج، في يوليو الماضي، بمبرر عدم تمكن مصر من إثبات أن الأموال المجمدة في المصارف السويسرية تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة. وكانت سويسرا شددت على صدور حكم نهائي ضد مبارك ورموز نظامه لإعادة الأموال المهربة والمودعة لدى مصارفها، وبالفعل صدر الحكم عن محكمة النقض المصرية في مطلع العام 2016، بمعاقبة مبارك ونجليه بالسجن فيما أثبتت تصريحات المسئولين السويسريين أن السلطات المصرية لا تتبع الأصول القانونية المطلوبة وفق القانون السويسري لاستعادة الأموال، ليزداد الموقف غموضا في ظل عدم صدور أحكام نهائية حتى اليوم ضد عدد من رجالات نظام مبارك السابق، وكذا تبرئة بعضهم من تهم الاختلاس والاستيلاء على المال العام. ويأتي تقرير الصحيفة السويسرية في ظل صمت مطبق من قبل سلطات الانقلاب، التي لم تعلن حتى اللحظة أي تعليق أو توضيح للإجراءات التي سيتم اتخاذها في سبيل الإبقاء على التجميد إلى حين استعادة الأموال المنهوبة. وحسب القانون السويسري، فإن السلطات في البلد الأصلي للرئيس أو الملك لا يمكنها استخدام الأموال المجمدة في سويسرا قبل صدور حكم قضائي نهائي، وهو الأمر الذي يتلكأ من خلاله السيسي في عدم استرداد هذه الأموال. وسلمت مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، ملفات تعود إلى عشرات الشخصيات المصرية ومن بينها مبارك إلى السلطات السويسرية، بهدف الحجز على أموالها، إلا أن لجنة استرداد الأموال التي تغيّرت 9 مرات منذ اندلاع الثورة لم تستطع استرداد أي مبلغ حتى الآن، وواجهت مصر عدة عقبات أفشلت مساعيها من أجل استرداد الأموال المهربة، كان في مقدمتها ضعف الإرادة السياسية وعدم صدور أحكام قضائية نهائية تدين الرئيس المخلوع حسني مبارك، أو نجليه علاء وجمال أو رموز نظامه.