أتت رياح الأقصى بما لا يشتهي ثلاثي المؤامرة (ترامب – نتنياهو- السيسي) وقلبت الأحداث الأخيرة طاولة اتفاق القرن على رأس المتآمرين، وعادت القدس إلى بؤرة الاهتمام، وخطفت الأضواء من المشهد الخليجي والسوري والمصري وغيره، ولاحت بوادر فشل ل"صفقة القرن" بعد إحراج أطراف إقليمية عربية؛ بسبب ممارسات العدو الصهيوني بالقدس. وخرج بيان مفاجئ لحكومة "محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية يدعو حركة "حماس" لتوحيد الصفوف، وتمكين حكومة رام الله من قطاع غزة، وردت "حماس" بشكلٍ ودودٍ وألمّحت لإمكانية مَدّ يدها ل "عباس"، وتبع ذلك خروجٌ مفاجئ للجاسوس الصهيوني "محمد دحلان" يتحدث عن "غزة".
فرصة للإفلات
أحداث الأقصى جاءت مثل قشة في بحر تعلقت بها حركة المقاومة "حماس" التي أجبرت على اتفاقٍ مع "دحلان" برعاية السفيه السيسي والإمارات، بينما يبدو "دحلان" منتظراً بتخوّفٍ لتطورات الأمور، وممارساً أقصى ما يُمكن استطاعته لحثّ حلفائه "الصهاينة" على سحب المُبرِّر الذي قد يُمكّن "حماس" من إعادة طرده خارج المشهد.
من جانبها، أصدرت حماس بياناً دعت فيه "عباس" وحركة "فتح" والفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية كافة إلى وضع إستراتيجية وطنية عاجلة؛ للدفاع عن المسجد الأقصى ومواجهة انتهاكات الاحتلال.
الأحداث الأخيرة في الأقصى والقدس، ستُضعف كثيرًا من فرض "دحلان" على حركة "حماس"؛ نظراً لتسبُّبها في إحراج وسطاء الاتفاق الإقليميين (السيسي والإمارات) في الداخل الفلسطيني؛ بسبب عدم قدرتهما على كبح جماح ما يفعله العدو الصهيوني في الأقصى من إجراءاتٍ قمعيةٍ، تسبَّبَتْ في مقتل عددٍ من الفلسطينيين.
فيما تبدو "حماس" هي الطرف الأكثر قوة وسط كل هذه التفاعلات، فهي إن اضطرت للتجاوب مع "عباس"، فإنها ستُطالبه بتحسين الأوضاع المعيشية لأهالي القطاع، وسترفض التخلّي عن الملف الأمني، مُهدّدةً "عباس" بموافقة "دحلان" على هذه الصيغة، وفي نفس الوقت فإن "دحلان" مُطالَبٌ باستمرار التقارب مع "حماس" وطمأنتها.
لاحت فرصة جيدة لمشاركة "حماس" ميدانياً في أحداث الأقصى والقدس، وهو أمرٌ قد بدأ بالفعل، بعدما قيل إن منفذ عملية الطعن الأخيرة قرب مستوطنة "حلميش" في "رام الله" يتبع لحركة "حماس"، ومباركة الأخيرة للعملية، وفي ظل تلك التفاعلات سيكون دور حكومة "عباس" لمجابهة تلك التدخلات من الحركة محدوداً.
المكاسب العشرة
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي "جهاد العايش"، أنه :"من إيجابيات أحداث المسجد الأقصى 2017: 1- ميّز الله بها الخبيث من الطيب في القول والعمل؛فكانت محل ابتلاء للفئتين ففضحت المنافقين والمتخاذلين والمخذِّلين الجبناء، ومحَّصت المؤمنين الصادقين المرابطين الثابتين.
2- من بركاتها على قطاع غزة وأهله أنها أربكت مؤامرة اجتياح وتدمير غزة.
3- أكَّدت وعززت وأظهرت ولاء المسلمين في العالم وانتماءهم لفلسطين ومسجدها الأقصى.
4- كسرت بعضًا من القيود المفروضة على الأفواه والأقلام والتغريدات المناهضة للصهيونية.
5- أربكت مشروع التطبيع وجعلت المطبِّلين والمهرولين والمروِّجين له والدَّاعين إليه في مأزق، وحرج.
6- كشفت بوضوح الأطماع الصهيونية الهادفة للسيطرة الكاملة على الأقصى.
7- أنعشت روح القضية الفلسطينية ومسجدها في جسد شرفاء شعوب الأمة الإسلامية.
8- حِكمةٌ ربانية تتجدد بأن تبقى الأرض المقدسة تُروى بدماء الشهداء إلى قيام الساعة.
9- تذكير وتنبيه للأبناء وللأجيال الجديدة التي مُورس عليها -وفق خطة واضحة ومنهجيَّة مدروسة- تغييب المطالبة بالحق الإسلامي في فلسطين.
10- وشهادة للتاريخ وقَّع المقدسيون بدمائهم على جدران الأقصى أنَّهم وحدهم وبصدورٍ عارية وقفوا سدًّا منيعًا وشكَّلوا جدار تصدٍّ أمام أُمنيات اليهود المزعومة في بناء الهيكل مكان الأقصى.