"موعد مع فضيحة" هكذا هو حال المواطن المصري الذي لا يكاد ينتهي من الاستماع أو مشاهدة الفضيحة أو خبر عنها، إلا ويجد فضيحة أخري قد تخص فنانا أو فنانة أو شخصا شهيرا في سلسلة من التشتيت لا تتوقف، واعتبر خبراء مصريون أن سلسلة الإلهاء والفضائح التي يتعرض لها المصريون حالياً هو أمر متعمد من نظام السفيه عبد الفتاح السيسي في محاولة لإزاحة أخبار الغلاء والفشل عن الأضواء لصالح الفضائح الفنية وغير الفنية. وفي هذا السياق استطاعت الفنانة غادة عبد الرازق أن فرمل هجوم السوشيال ميديا على فشل السفيه السيسي، بعد أن ظهرت في فيديو فاضح بالتزامن من ارتفاع أسعار البنزين، خاصة وأن فيديو غادة احتاج لنصف ساعة فقط ليطيح بكل هاشتاجات البنزين من التريند المحلي في مصر، فهل يحدث نفس الأمر مع قرار هشام عرفات، وزير النقل في حكومة الانقلاب، زيادة سعر تذاكر مترو الأنفاق في الربع الأخير من العام المقبل، إلى 4 جنيهات. وأعلن هشام عرفات، وزير النقل في حكومة الانقلاب، عن زيادة جديدة في أسعار تذاكر مترو الإنفاق في الربع الأخير من العام المقبل على أن تبدأ الأسعار من 2 و3 و4 جنيهات على حسب مراحل المحطات. وحسب مراقبين عندما زاد سعر البنزين الأسبوع الماضي، فجأة تسرب مقطع فيديو فاضح ل”عبد الرازق”، وترتب عليه بحث أكثر من 3.7 مليون عن صور غادة الفاضحة ومقطعها المصور، كما تحول موقع تويتر لساحة جدل ساخرة بأكثر من 27 ألف تغريدة تعلق على أسباب إقدام غادة على هذه الخطوة المتهورة في هذا التوقيت. خراب قادم ولفت الدكتور هشام عرفات، وزير النقل في حكومة الانقلاب، إلى أن تذاكر القطارات ستشهد زيادة هي الأخرى ولكن بعد وصول الجرارات الجديدة وتحسين الخدمة وبعد صيانة الجرارات ال81 القديمة والانتهاء من أعمال التجديدات وكهربة الإشارات بشكل كبير وذلك بحسب حواره مع صحيفة “المصري اليوم”. وعن مدى تأثر وزارة النقل بزيادة أسعار السولار والقرارات الأخيرة قال الوزير أن الوزراة تأثرت بشكل مباشر لدرجة أن هناك مشروعات توقفت بالمشروعات القومية لمدة أسبوع بسبب فرق أسعار السولار موضحا في الوقت ذاته إلى عقد اجتماع مع المسؤولين عنها. وكان المفكر الأمريكي "نعوم تشومسكي" قد أعد قائمة اختزل فيها الطرق التي تستعملها النظم الديكتاتورية للسيطرة على الشّعوب عبر وسائل الإعلام في 10 استراتيجيّات أساسيّة جاءت أولاها إستراتيجية الإلهاء وهي عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وتتمثل في تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصادية، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاء والمعلومات التافهة. وقال تشومسكي: "أسلحة صامتة لحروب هادئة" ملخصا لتلك الفكرة قائلا: "حافظ على تشتت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. وأضاف: اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات". علشانك يا مصر وكشف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، المستور وراء الصور والفيديوهات التي انتشرت عبر مواقع السوشيال ميديا، حيث علق أحد النشطاء قائلًا: «غادة عبد الرازق هي أكتر واحدة تستحق أغنية اللي ضحى لأجل وطنه، قلعتلنا ملط عشان نتلهي فيها شوية بدل ما الناس هتنفجر من القهر بتاع زيادة الأسعار شابوة غادة عبد الرازق». من جانبه، قال حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس إن "علم "سياسية إلهاء الشعوب" يتم تدريسه على المستويين الأكاديمي والسياسي لرجال الأمن وصانعي القرارات ومن يقوم على تدريسها ويضع مناهجها ويقوم بتنفيذها هي جهة الاستخبارات في كل بلد". وأضاف الخولي أن "سبل الحاكم لإلهاء الناس عديدة يكون هدفها الأول إزاحة ما هو سياسي عن الأضواء لصالح ما هو فني أو غير ذلك". ومضى قائلا إن "سياسة الإلهاء تصل إلى ابتكار مشكلة أو موقف لإثارة رد فعل معين عند الناس بحيث يندفع الجمهور، مطالبا بحل يرضيه كالسماح مثلا بانتشار العنف في بعض المناطق الحساسة أو تنظيم هجمات إرهابية دموية لأماكن بعينها حتى تصبح قوانين الأمن العام مطلوبة ولو حتى على حساب حرية الآخرين". وأوضح أنه ربما يتم "خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية وتفكيك بعض الخدمات العامة الحيوية، وبناء عليها يتم تقديم حلول مبرمجة لنا سلفا وواجبة القبول على أنها شر لابد منه أو تمرير لإجراء أو قانون غير مقبول من الممكن أن يثير ثورة داخلية في البلاد، لو تم تنفيذه دفعة واحدة وتطبيقه بشكل تدريجي حتى يتم قبوله". 67 إلهاء! فيما اعتبر الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي أن "فن إلهاء الشعوب باستخدام الفن وأهل الفن استخدم بشكل كبير في مصر خصوصا في أوقات الأزمات والحروب". وقال الشناوي "خير مثال على ذلك وضع السينما عقب نكسة 1967 (يقصد حرب يونيو 1967 التي انتهت بهزيمة القوات المصرية أمام الصهيونية) حيث ظهرت موجة الأفلام الكوميدية بهدف إلهاء الناس عن أسباب الهزيمة. وأضاف "كما قلت الرقابة على الأفلام وسمحت بوجود مشاهد جنسية في السينما بشكل كبير". ومضى قائلا أن "نفس الأمر تكرر في عصر مبارك حيث انتشرت أفلام ضعيفة المستوى كوسيلة لإلهاء الناس عن قضايا الفقر وتردى حال التعليم والصحة فظهرت موجة أفلام المقاولات وانتشار الفضائيات وقنوات الرقص والأغاني".