لم تكن تدري "الجارديان" أن قطر وعبر وزير خارجيتها أعلنت اليوم الأحد "رفض المطالب المطروحة عليها"، على الرغم من أن الموعد النهائي لتلبيتها هو غدًا الاثنين. فقد أعدت الصحيفة الإنجليزية تقريرا، عنوانه "قطر على الجانب الصحيح من التاريخ.. والجزيرة كسرت هيمنة الغرب على الإعلام، ولهذا السبب دعمت الإخوان". قالت إن السعودية وحلفاءها "وُضِعَت الجزيرة في قائمة المطالب لأنها رمزٌ قوي لقطر، ولأنها تعبيرٌ واضحٌ لسياسات صنع القرار القطرية". وحذرت "الصحيفة" من أن "غدًا الاثنين، 3 يوليو، ربما تنتهي فجأة تجربةٌ جريئةٌ ومثيرةٌ للجدل في مجال الإعلام والسياسة بالشرق الأوسط، إذ تواجه قناة الجزيرة -التي اعتُبرت منارةً للإعلام العربي الحر الذي كسر هيمنة شبكات الإعلام الغربي وغيَّر اتجاه تدفق المعلومات من الشرق إلى الغرب لأول مرة منذ العصور الوسطى- احتمالية إغلاق أبوابها". حرية التعبير واعتبرت الجارديان أن قناة "الجزيرة" الفضائية بأنها ظاهرةٌ فريدةٌ من نوعها، أحدثت ثورةً في الإعلام العربي منذ بدء بثها عام 1996، ووضعت معايير جديدة لنقل الأخبار والتغطية الإعلامية في المنطقة، ورفعت سقف حرية التعبير بشكلٍ جذري، ما أثار غضب الأنظمة الاستبدادية العربية المفتقدة للتفويض الشعبي. وقالت "الصحيفة": "بصرف النظرِ عمَّا سيحدث، يُحسب للجزيرة أنها لا تزال تُشكِّل تحدياً وإزعاجاً للقابعين على رأس السُّلطة، بعد مرور 21 عامًا على انطلاقها". وأضافت: "الجزيرة لا تشبه القنوات الأخرى.. واضطلعت بدورٍ رئيسيٍ في عام 2010 عبر إحداث ثورةٍ سياسية حقيقية عبر الكثير من دول العالم العربي". وأشارت إلى أن نشرات أخبار التلفزيون العربي كانت قبل الجزيرة هُراءٍ استبدادي، إذ ركَّزت الأخبار بشكلٍ رئيسي على ما كان يفعله الشيخ، أو الأمير، أو الرئيس حينذاك، وتحدَّثت بعض الأخبار عن وريث العرش، فضلاً عن مقالات المديح، التي دارت حول حظ الأمة بوجود مثل هؤلاء الآباء الأبطال. الجزيرة والإخوان وأضافت أن ما يُشعِرهم أكثر بالبغضاء تجاهها هو وجهة النظر المنتشرة بشكلٍ واسع، التي تتبناها القيادة القطرية، بأن الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين وحماس سيصلون إلى الحكم عاجلاً أم آجلاً في المنطقة كلها، سواء كان هذا عن طريق ثورةٍ أو انتخاباتٍ ديمقراطية. ركَّزت الدول المجاورة لقطر على هذه النقطة، عندما قدَّمت قائمةَ مطالبها؛ نظراً لأهمية هذا الملف بالنسبة ل"إسرائيل" والعديد من الدول الغربية، غير أنها لم تأتِ على ذكر حركة حماس في المطالب؛ نظراً للشعبية التي تتمتَّع بها الحركة لدى الجمهور العربي، حسب الجارديان. وأضافت الجارديان أن الأنظمة العربية، التي تُحاكم قطر اليوم، وتُعد محوراً للثورة المضادة في المنطقة، تتعرض لخطر الإطاحة بها من قبل ثورة شعبية، واستبدالها بجماعات إسلامية؛ لذا فإن رؤية هذه الجماعات وهي تُقدَّم كمعارضةٍ سياسية شرعية على قناة الجزيرة، والسماح لها بالدعوة إلى التغيير السياسي يُمثِّل تهديداً واضحاً لوجود هذه الأنظمة. ثورة مضادة وأثبتت الصحيفة أن محور الثورة المضادة ينفق موارد ضخمة لقمع وشيطنة نفس الأفراد والمجموعات (الإرهابيين)، الذين تمنحهم الجزيرة مساحةً للتعبير. والمشكلة بالنسبة لهم هي أن قطر تبدو على الجانب الصحيح من التاريخ. لقد طفح الكيل بالعرب من الفساد والحكومات غير المُنتَخَبة التي لا نفع من ورائها، وباتوا مستعدين لأي بديل في المستقبل طالما كان لا يشبه الماضي. ويعتقد العديد من العرب السنة، ليبراليين وإسلاميين على حد سواء، أن الخطاب الإسلامي الديمقراطي والرؤية المتفائلة للمستقبل التي تقدمها قناة الجزيرة تُشكِّل مصدرَ إلهامٍ أكثر من الرؤى، التي تنشرها حكوماتهم المكروهة والخائفة. اضهاد مبكر وقالت "الجارديان" إن سلسلةٌ من الأزماتِ الدبلوماسية اندلعت بين قطر وجميع دول المنطقة، باستثناء عُمان بالإضافة إلى العديد من الدول غير العربية. واستخدم الأعداء الكثيرون للشبكة التلفزيونية كل حيلةٍ ممكنة لإغلاقها، بدءاً من إلقاء القبض على المراسلين وإغلاق مكاتبها وترحيل عائلات موظفيها، ومضايقة المُعلِنين المُحتَمَلين، ورفع قضايا عبثية ضد القناة، وفي حالة الولاياتالمتحدة، عن طريق تفجير مكاتبها مرتين وقتل طاقم العاملين بها. وعن طرق المواجهة لفتت إلى أن الحكومات العربية أدركت أن الطريقة الوحيدة لمواجهة الجزيرة هو هزيمتها في لعبتها، وهو ما دفع السعودية في 2003 إلى إطلاق قناة العربية المنافسة. واعتبرت أن ما يجعل جيران قطر غير مرتاحين لوجود قناة الجزيرة هو نجاحها في تشكيل وعيٍ سياسي جديد بين العرب، وإثارة موضوعات مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.