رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أهم تحولات السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي تخالف من سبقوه من الرؤساء، سواء كانوا من الديمقراطيين أم الجمهوريين. هذا التحول الكبير أبرزته الصحيفة، في تقرير لها بعنوان «ترامب يهمش ملف حقوق الإنسان بمصر». التقرير سلطت فيه الصحيفة الضوء على الزيارة التي يقوم بها حاليا قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للولايات المتحدة، ولقائه المرتقب مع نظيره الأمريكي، بعد غد الإثنين، في ظل توقعات بألا تحتل قضايا حقوق الإنسان مساحة في مباحثات الطرفين، لا سيما مع تصريحات ترامب التي أشار فيها إلى أنه يعتزم مناقشة تلك الأمور مع السيسي في إطار من السرية. وبحسب التقرير، فإن البيت الأبيض أعلن، أمس الجمعة، عن أنه لن يسمح لقضايا حقوق الإنسان أن تصبح ساحة صراع في العلاقات مع مصر، فيما يراه المراقبون تحولا مهما آخر بعيدا عن سنوات السياسة الخارجية التي كان ينتهجها رؤساء أمريكا السابقون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ويلفت التقرير إلى أن الملفات الأمنية والاقتصادية هي التي سوف تهيمن على مباحثات الطرفين. بينما صرح مساعدون لترامب بأن قضية حقوق الإنسان لا تزال على الطاولة، ولكن ترامب يفضل أن يتعامل معها بشكل سري. ويأتي هذا الإعلان في ملف السياسات الخارجية لترامب، في ظل إشادة من الإدارة الأمريكية بجهود قائد الانقلاب في حربه على ما وصفتها بالإرهاب، ومحاولة رأب الصدع في الاقتصاد المصري المأزوم، إضافة إلى توجهات السيسي نحو تجديد الخطاب الديني، بينما لم يتطرق البيان من قريب أو من بعيد إلى انتهاكات نظام السيسي لحقوق الإنسان وتضييقه الخناق على المعارضين. تغاضي إدارة ترامب لحقوق الإنسان لا يتعلق بالأوضاع في مصر فقط، بل كانت هناك مؤشرات أخرى تعكس توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة نحو تأخير ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في سلم أولويات ترامب الخارجية في منطقة الشرق الأوسط. فسياسة ترامب بتهميش قضايا حقوق الإنسان في مصر يأتي بعد أيام قلائل من إبلاغ إدارته للكونجرس بأنها سترفع القيود المفروضة على بيع الأسلحة للبحرين، والتي كانت قد فُرضت خلال فترة حكم سلفه باراك أوباما، وهو ما اعتبره الكثيرون أنه يبعث برسالة خطيرة بشأن حقوق الإنسان في البلد الخليجي، الحليف المهم لواشنطن في الشرق الأوسط، والذي يستضيف الأسطول الخامس الأمريكي. ومن شأن تلك الإجراءات، إذا نظرنا إليها دفعة واحدة، أن تعزز رسالة مفادها أن خطط ترامب بجعل التعاون الأمني حجر الزاوية لسياسته في المنطقة، دون أن تصبح حقوق الإنسان عائقا في هذا الخصوص، بخلاف الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، الذي كان يؤكد دوما تطوير الديمقراطية، أو حتى سلفه أوباما الذي كان يضغط على الدول المستبدة لتخفيف ممارسات القمع بحق شعوبها. وطالبت سارة مارجون، مدير منظمة "هيومان رايتس ووتش" في واشنطن، الكونجرس باستخدام سلطاته للحد من دعم ترامب للقاهرة، في ظل الخروقات التي تتم في الملف الحقوقي. أما توم مالينوسكي، نائب وزير الخارجية الأمريكي المسئول عن قضايا حقوق الإنسان في عهد إدارة أوباما، فيرى أن المساعدات الأمريكية الممنوحة لمصر لم تترجم أبدأ إلى دعم من القاهرة في الحرب على داعش. وقال: "كل ما حصلنا عليه من مصر هو القمع السياسي الذي رسخ التشدد بين شبابها، ومنح الجماعات التي وصفها بالإرهابية حياة جديدة". وبحسب التقرير، فإن خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ أعلنوا عن أنهم سيطرحون مشروع قرار لمطالبة نظام السيسي بتخفيف ملاحقته للمعارضين. وحث السيناتور ماركو روبيو، من فلوريدا، الرئيس دونالد ترامب على "الضغط على السيسي لإطلاق سراح السجناء السياسيين في مصر، وإعطاء مساحة أكبر لمنظمات المجتمع المدني، وجعل حرية التعبير مكفولة للجميع".