"رب صدفة خير من ألف مقال وتقرير" ، ذلك ما حدث عندما أعلن بنك HSBC أنه يقدم أعلى سعر لشراء الدولار اليوم الاثنين بقيمة 17٫91 جنيه مصري، تزامن ذلك مع تحذير أطلقه اقتصاديون من كارثة عجز الموازنة المقبل الذي سيتعدى ال 3 تريليون جنيه بالتمام والكمال. السعر الذي رصده بنك HSBC، يؤكد أن الدولار سيقفز خلال الأيام المقبلة ، مع إعلان حكومة الانقلاب عن أن حجم الموازنة الجديدة 2017-2018 سيتعدى التريليون جنيه لأول مرة في تاريخ مصر ليبلغ 1.1 تريليون جنيه، مقابل نحو 975 مليار جنيه للموازنة العامة الحالية.
اقتصاديون وصفوا التصريح بأنه مؤشر سلبي وخطير، وأن الموازنة زادت بسبب القروض المتتالية والتي يجب على الحكومة سدادها، وأن كل هذا سيؤثر سلبا على المواطن المصري بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم، مشيرين إلى أسباب عديدة أدت لزيادة الموازنة العامة للعام المقبل.
مؤشر سلبي
الخبير الاقتصادي وائل النحاس أكد على أن القروض والتي تأخذها حكومات الانقلاب والأقساط والفائدة المتواجدة بها، هي السبب الرئيسي في تخطي الموازنة العامة لمصر التريليون لأول مرة في العام المقبل.
وأشار ، في تصريحات صحفية، إلى أن تضخم الموازنة العامة يعتبر مؤشرا سلبيا، لأن هذه الزيادة ستجبر الحكومة على البحث عن موارد جديدة تغطى هذه الزيادة، وستكون هذه الموارد ضرائب أو جمارك أو رسوم أخرى، وليست مشروعات تنموية.
وتابع النحاس : "انخفاض الإيرادات تسبب فى مشكلة كبيرة، وانخفاض الجنيه أمام الدولار أوجد أزمة فى الموازنة، علاوة على ارتفاع الأجور والرواتب والمعاشات".
التضخم 190%
لم تتوقف نسب التضخم عن وتيرتها المتسارعة في الصعود منذ الثورة، إلى مستويات جديدة داخل السوق المصرية، تزامنا مع شح العملة الأجنبية في القنوات المصرفية الرسمية، ثم تحرير الجنيه بالكامل.
في 25 يناير 2011 تاريخ اندلاع الثورة، بلغت نسبة التضخم في مصر 11%، واستمرت عند هذه الحدود حتى إعلان المخلوع مبارك تنحية نفسه من قيادة البلاد، لتبلغ الشهر الماضي 31.7% بنسبة ارتفاع بلغت 190% عن 2011.
وخلال فترة حكم المجلس العسكري الذي فوضه مبارك بإدارة شؤون البلاد، ارتفع معدل التضخم السنوي من 11.8% في مارس 2011، إلى 12.1% في يونيو من العام نفسه.
تراجع في عهد مرسي
وبدأ حكم محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بشكل رسمي في الأول من يوليو 2012، وتراجع معدل التضخم السنوي إلى 6.3% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكم مرسي، ليرتفع إلى 7% في الشهر الرابع، وبدأ مسيرة الانخفاض إلى 4.1% في نوفمبر 2013 وارتفع إلى 4.7% في الشهر التالي له.
وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 6.6% في يناير 2013، وبدأ مسيرة الصعود إلى 10.9% في يونيو 2013، قبل الانقلاب على الرئيس .
صعوده مع الانقلاب
وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 11.1%، في يوليو 2014، أول أشهر الانقلاب ، وسجل 11.5% في أكتوبر 2014، وتراجع خلال الشهرين التاليين إلى 8.5% و 9.80% على التوالي، ليبدأ موجة الارتفاع إلى 10.7% في فبراير 2015.
وتباينت معدلات التضخم السنوي بين الارتفاع والانخفاض حتى وصلت إلى 12.9% في مايو 2016، وارتفعت إلى 12.9% و 14.8% و 14.8% في الأشهر الثلاثة التالية على التوالي.
ووصل التضخم إلى 16.4% في أغسطس 2016 وتراجع قليلا إلى 14.6% في الشهر التالي، ثم إلى 14% في أكتوبر من العام نفسه.
كارثة التعويم
وكانت مصر على موعد مع التعويم في 3 نوفمبر 2016، لتكون أحدث دولة في العالم تحرر سعر صرف عملتها أمام العملات الأجنبية لتخضع لقواعد العرض والطلب.
وقفز معدل التضخم السنوي إلى 20.2% في نوفمبر 2016، ومنذ ذلك الحين وهو يواصل ارتفاعه إلى 24.3% في نهاية العام الماضي.
وواصل معد التضخم السنوي ارتفاعه ليصل إلى 29.6% في يناير 2017 و31.7% في الشهر التالي له، وهو أعلى معدل خلال عقود.
وطبقت حكومة الانقلاب تدابير اقتصادية، ذات تأثير تضخمي خلال الشهور الماضية مثل تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء.
ومنتصف الشهر الماضي، توقع وزير المالية في حكومة الانقلاب عمرو الجارحي، ارتفاع معدل التضخم إلى الذروة بحلول نهاية الربع الأول من العام الجاري، وبعدها تلاشي صدمات الأسعار التي قفزت في أعقاب تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود.