تنهال الهدايا من رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي على كيان الاحتلال الصهيوني، حتى بات الإسرائيليون أنفسهم يشعرون بالحرج، من هذا الكرم الغزير، بدءًا من إعلان الحرب على سيناء، وإحكام الحراسة على غزة، كسجن كبير، مرورًا بإعادة سفير نظام القاهرة إلى تل أبيب، والتصويت لصالح إسرائيل في المحافل الدولية، وابتعاث رأس الكنيسة المصرية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، خرقًا لقرارات رفض التطبيع، وليس انتهاء بفتح الأجواء المصرية أمام الطيران الحربي الإسرائيلي، يمرح فيها كيفما شاء، بلا استئذان، وأخيرا الاجتماع الصهيوني السري الذي شارك فيه الجنرال "بلحة" بالأردن، وفضحته صحيفة "هآرتس". رئيس وزراء العدو الصهيوني "بنيامين نتنياهو"، أقر بمشاركة السيسي في لقاء سري في مدينة العقبة الأردنية مع كل ملك الأردن عبدالله الثاني ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري قبل نحو عام، تحت شعار "خدمة إسرائيل"! ورغم التذلل والخضوع الذي أبداه الزعماء العرب في اللقاء السري، إلا أن "نتنياهو" خيب مسعاهم ورفض مشروع ما يسمى ب"السلام الإقليمي" الذي قدمه كيري نيابة عنهم، ويقوم على اعتراف العالم العربي بإسرائيل ك"دولة يهودية". دعوة السعودية للتطبيع! ولفتت "هآرتس" إلى أن نتنياهو عرض في المقابل أن يقدم "تسهيلات" للفلسطينيين مقابل موافقة السعودية على عقد لقاء علني لممثل عنها مع مسئولين إسرائيليين. وأشارت الصحيفة إلى أن اللقاء السري عقد بمبادرة من كيري، وليس مبادرة من نتنياهو، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي قام بإعداد المقترح بالتشاور مع الدول العربية؛ وبعلم من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. جدير بالذكر أن الاعتراف بإسرائيل كدولة "يهودية" يعني، حسب المنطق الإسرائيلي، تنازل الفلسطينيين عن حق العودة للاجئين والقبول بكل متطلبات الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة. السيسي يعاني وبعد فضيحة اللقاء السري بالأردن تساءل مراقبون ما الذي يجعل رئيس الانقلاب يجزل العطاء لإسرائيل إلى هذا الحد؟، أو بالأحرى يلتزم بتقديم المطلوب منه، تصريحًا أو تلميحًا، بهذه الأريحية؟". من جهته قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إنه كلما استشعر نظام السيسي تآكلا في الداخل، وازدراءً في الخارج، يهرع إلى الحضن الإسرائيلي، إدراكًا منه أنه، من دون هذا الاحتواء الصهيوني الدافئ، لن يقوى على البقاء والاستمرار، مستعيدًا تجارب من يسير على دربهم؛ حيث ينبئنا التاريخ بأن أنور السادات بعد انتفاضة الخبز، يناير 1977، قرّر القفز إلى الكنيست الإسرائيلي، وكذلك فعل من جاء بعده، حسني مبارك، طوال 30 عامًا، كان خلالها ملتزمًا بما حددته واشنطن وتل أبيب من مواصفات الجالس على مقعد السلطة في مصر. وأكد قنديل أن "الحاصل، الآن، أنه مع تصاعد الدعوات إلى التوحد بمواجهة هذا النظام، العاري من أية شرعية، إلا قوة الأمر الواقع، مثل وجود إسرائيل الذي لا يستند إلى أية أسس تاريخية أو أخلاقية، يهرول عبد الفتاح السيسي أكثر صوب تل أبيب، يطلق سراح جاسوسها، عودة الترابين، ويطلق يوسف زيدان في عملية هدم المسجد الأقصى، تاريخيًا وثقافيًا، ويطلق الإشارة للأزهر كي يعيد النظر في موضوع التطبيع". وتابع: "يبدو عبدالفتاح السيسي، الآن، كمن يصارع الغرق، إذ بات واضحًا أنه اختار موسكو على حساب الرياض، وظهرت ملامح تورطه في جريمة إبادة الشعب السوري، من أجل الإبقاء على نظام بشار الأسد الذي يمثل مصلحة للكيان الصهيوني، ومن ثم يرى أنه لا منجى له إلا الارتماء أكثر بين ذراعي إسرائيل".