علق الدكتور محمد محسوب وزير المجالس النيابية بحكومة د. هشام قنديل، على غرق مئات من شبابنا وهم يهربون من بلدهم طلبًا لحياة أفضل وفرص عمل أكرم على الشاطئ الآخر للمتوسط، مؤكدًا أنه لم تكن جريمة عدم المساهمة الفعالة في الإنقاذ هي الجرم الوحيد، بل ربما كانت أهون الجرائم في بلد يهرب أبناؤه بحثًا عن فرص عمل، وسلطة فاسدة لا تملك لا الرؤية ولا الملكات لتوفير حتى سدس ما هو مطلوب من فرص عمل. وقال محسوب، خلال مقاله بصحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية، إن سلطة الانقلاب لا تملك إلا الاستمرار في سياسات مبارك بالادعاء بأن موظفي الدولة والعمالة في قطاع الأعمال العام التي لا تزيد على 7 ملايين موظف وعامل هي عمالة زائدة، وبذا تبني رؤيتها الخائبة على التخلص من العمالة لا توفير فرص عمل؛ لأنها ببساطة لا تجد من عناصر الكلفة في الموازنة العامة أضعف من الموظفين والعمال للتلاعب بهم والانتقاص من حقوقهم.
وأشار إلى استحواذ المؤسسة العسكرية على كل المجالات الاقتصادية الربحية، وهو ما لا يصب زيادة في القدرة الاقتصادية إنما زيادة في عجزها؛ لأن المؤسسة العسكرية لا تزاحم القطاع الخاص فقط وإنما القطاع العام قبله، وفي الحد الأدنى تذهب فرص العمل سواء لشباب يعمل بالسخرة أداءً لخدمته العامة، فلا يستفيد شيئًا لأنه لا يُعامل باعتباره عاملاً بأجر وإنما باعتباره مجنداً؛ أو تذهب لشركات أجنبية تقوم المؤسسة العسكرية بإسناد العمل إليها من الباطن.
وأكد محسوب أن هذه السلطة غارقة حتى أذنيها في الفساد، حتى إن تقريرًا متواضعًا وحذِرًا عن "تكاليف الفساد" أفزعها للحد الذي أدارت لأجله معركة، اعتبرت أنها حققت نصراً مؤزراً فيها بإقصاء رئيس إحدى الأجهزة الرقابية، كما أن خلق فرص العمل يحتاج لزيادة إنفاق الدولة في مجالات الاستثمار، وهو الأمر المستحيل مع المستوى المرتفع لكلفة الحكم والقمع والذي يقتضي إنفاقاً في النواحي الأمنية تكفي لإعلان إفلاس قارة كاملة.
وقال محسوب إنه لن تتوقف مراكب الهجرة غير الشرعية بالتمني، وإنما ستتوقف بعد رحيل آخر جنرال عن السلطة السياسية، وتسلم المدنيين لمهمة إدارة السياسة والاقتصاد تحت رقابة شعبية صارمة.