رصد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق، عوامل تراجع الصادرات المصرية من 29 مليار دولار قبل سبع سنوات إلى أقل من 19 مليار دولار فقط، خصوصا بعد انقلاب 30 يونيو المشؤوم. وفي مقاله المنشور بموقع «عربي 21»، مساء اليوم السبت 17 سبتمبر 2016م بعنوان «ضربات متتالية للصادرات المصرية»، يقول الولي: «تسببت عوامل خارجية ومحلية في تراجع قيمة الصادرات السلعية المصرية، بالسنوات السبع الأخيرة، لتصل لأقل من 19 مليار دولار بالعام الماضي، مقابل أكثر من 29 مليار دولار قبل سبع سنوات، وجاءت قرارات السعودية والولاياتالمتحدةوروسيا بحظر استيراد بعض المنتجات الغذائية والزراعية المصرية لتزيد الأمر صعوبة». عوامل خارجية وأرجع الخبير الاقتصادي أسباب هذا التراجع إلى «عوامل خارجية تخص التباطؤ الذي تشهده الدول الأوربية التي تمثل الشريك التجاري الأول لمصر، والاضطرابات الداخلية بدول عربية مثل ليبيا واليمن وسوريا والعراق، والتي كانت تحصل على كم كبير من الصادرات الغذائية. إضافة إلى تراجع سعر البترول، ما أثر على التصدير للدول الخليجية، والأزمة الروسية التي ترتب عليها تراجع قيمة الروبل الروسي، وبالتالي زيادة تنافسية أسعار المنتجات الأوربية بالسوق الروسية مع المنتجات المصرية». ارتفاع سعر الدولار وبحسب نقيب الصحفيين الأسبق، فإن من «العوامل الداخلية ارتفاع سعر الدولار الأمريكي، ما زاد من قيمة المكونات المستوردة لإنتاج السلع، وزيادة تكاليف النقل الداخلي وفرض رسوم إضافية على الطرق السريعة، وزيادة أسعار الشحن البحري، والشحن الجوي في ضوء تراجع السياحة وقلة الفراغات المتاحة بالطائرات، وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة الضرائب، وارتفاع سعر الفائدة بما يزيد من تكلفة التمويل»، وكلها عوامل، بحسب المقال، تقلل من المنافسة دوليا. منع استيراد السلع المصرية ويشير الولي إلى أن «القرارات الأمريكية والروسية والسعودية بمنع استيراد منتجات مصرية، جاءت لتزيد من المتاعب، حيث قررت الولاياتالمتحدة حظر دخول منتجات غذائية من قبل عدد من الشركات المصرية، شملت الجبن الأبيض والجبن الرومي والبامية والملوخية والليمون والخرشوف والزيتون والحلاوة الطحينية، والمربى والمشروبات الغازية كالبرتقال وكذلك البابونج والنعناع وغيرها». كما قررت روسيا، بحسب الولي، وقف واردات الفاكهة والخضر المصرية مؤقتا، وقررت السعودية إيقاف استيراد بعض أصناف الخضر والفاكهة المصرية إضافة إلى الجبن. إحصائيات وأرقام ويكشف الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، أنه «في العام الماضي احتلت السعودية المركز الأول بين الدول التي اتجهت إليها الصادرات المصرية بنصيب 9.2% من الإجمالي، وجاءت الولاياتالمتحدة بالمركز الرابع بنسبة 5.6%، وبلغ نصيب روسيا 1.5%، ليصل نصيب الدول الثلاثة 16% من الإجمالي». ومن ناحية أخرى، كان نصيب صادرات المنتجات النباتية 13.5% من إجمالي الصادرات المصرية لدول العالم، كما بلغ نصيب المنتجات الغذائية والمشروبات 6.2% من الإجمالي، أي بحوالي 20 % للنوعين من إجمالي الصادرات. ويلفت الولي إلى أن «خطورة القرار الروسي تكمن في توقيته، حيث اقترب موسم التصدير للخضر والفاكهة، الذي يبدأ أول الشهر القادم، وصعوبة إيجاد أسواق بديلة، كما أن السعودية تحتل المركز الأول بصادرات الخضر والفاكهة المصرية تليها روسيا، بينما تشكل صادرات الغذاء والخضر والفاكهة مرتبة متأخرة بالصادرات للسوق الأمريكية». سمعة الصادرات المصرية في خطر ويضيف «إلا أن تضرر سمعة الصادرات الغذائية المصرية بالأسواق المختلفة هو الأهم، خاصة أن مبررات منع الاستيراد من مصر يتعلق بالري بمياه المجاري لبعض المنتجات الزراعية، واحتواء الجبن على الفورمالين، واحتواء منتجات غذائية على مبيد حشري سام، وكلها اتهامات تسيء لسمعة المنتجات المصرية ببلدان العالم التي يمكن التصدير إليها كبديل. ومن المهم أن نعرف أن رقم الصادرات المصرية السلعية البالغ 19 مليار دولار بالعام الماضي، هو النصيب الحقيقي لمصر، حيث تتوزع قيمة الصادرات السلعية، ما بين 12.4 مليار للصادرات السلعية المتنوعة، و6.6 مليارات دولار للصادرات من البترول الخام والمنتجات البترولية. حصة الشركات الأجنبية ويشير الواقع، بحسب "الولي"، إلى أن معظم صادرات البترول الخام والمنتجات البترولية تخص شركات أجنبية تعمل في مصر، حيث تقوم السلطات المصرية بشراء غالب إنتاجها لتستهلكه بالداخل، وتحسبه على أنه صادرات بترولية. ومن ناحية أخرى، فإن قيمة الصادرات السلعية غير البترولية البالغة 12.4 مليار دولار، لا تخص المصدرين المصريين وحدهم، وإنما تشاركهم بها شركات أجنبية تعمل في مصر، ولها نصيب كبير منها بالعديد من المناطق الصناعية، والكثير من السلع التي تصدرها، إلا أن السلطات المصرية لا تفصح عن نصيب الشركات الأجنبية من إجمالي الصادرات». احتجاز قيمة الصادرات "الدولار" بالخارج الأخطر ما كشفه الولي في مقاله موضحا «غالبا ما تقوم الشركات الأجنبية العاملة بمصر باحتجاز غالب قيمة صادراتها بالخارج، سواء من أجل تمويل شراء المواد الخام والسلع الوسيطة اللازمة للإنتاج، أو لضمان وصول أرباحها لشركاتها الأم، بعد ظهور صعوبات تحول دون تحويلها لأرباحها للخارج، في ضوء أزمة نقص العملات الأجنبية بالسنوات الأخيرة بمصر». وهي الأزمة التي دفعت الشركات المصرية المصدرة إلى احتجاز كامل قيمة شحناتها التصديرية خارج البلاد، في ضوء العقبات التي وضعتها البنوك المصرية لتمويل الواردات، وذلك حتى تستطيع شراء ما تحتاجه من مستلزمات للإنتاج، في ظل استحواذ المكونات المستوردة على حصص كبيرة ضمن المنتجات المصرية التي يتم تصنيعها محليا، والنتيجة دخول قدر محدود من حصيلة الصادرات للبلاد.