ما أن كشف عدد من وسائل الإعلام عن فضيحة سيطرة الجيش وجنرالات العسكر على الاقتصاد وهيمنته على قطاع الاستثمار في مصر، حتى تبجحت الجهات السيادية أكثر، للتنافس على ثروات البلاد والسيطرة عليها. وقالت مصادر رسمية، في صحيفة "المصري اليوم" إن حكومة الانقلاب تدرس آليات إصدار تراخيص لإحدى الجهات السيادية فى قطاعى الحديد والصلب والأسمنت وتستهدف فى الأساس تحقيق توازن فى السوق الذي أصبح يسيطر عليه جنرالات العسكر. وأضافت المصادر أن مصنع الأسمنت التابع لإحدى هذه الجهات سيضاعف طاقته الإنتاجية مطلع العام المقبل لتصل إلى 7 ملايين طن، وأن نفس الجهة تجرى دراسات نهائية لإقامة مصنع آخر. وأكدت المصادر أن هناك دراسة بشأن دخول ذات الجهة مجال الاستثمار فى تصنيع الحديد والصلب وأنها تتضمن مقترحا للحكومة بطرح 4 تراخيص جديدة لمصانع الحديد على أن يتم تخصيص 2 منها للجهة السيادية مقابل 2 للقطاع الخاص، لافتا إلى أن تلك الدراسة تشير إلى حاجة السوق المحلية لإنتاج 4 ملايين طن حديد. يأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه الكاتب الصحفي فهمي هويدي بفتح ملف "عسكرة الاقتصاد" الذي وصفه بالمسكوت عليه فى مصر، قائلا: "ليتنا نفتحه قبل فوات الأوان، لنزيل ما أصابه من غموض والتباس ومحاذير". وأشار هويدي -خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الثلاثاء- إلى بيان متحدث العسكر خلال أزمة التدخل لصرف ألبان الأطفال بسعر يزيد على المدعم، مشيرا إلى تقرير موقع «مدى مصر» فى الثالث من سبتمبر الحالى عن القطاعات الاقتصادية التى دخلتها القوات المسلحة خلال الاثنى عشر شهرا الأخيرة فقط، وكيف دخلت القوات المسلحة من خلال أذرعها المختلفة فى مجالات التموين والأوقاف وتصنيع عدادات المياه وميكنة بطاقات الحيازة وإنشاء المحال التجارية وتصنيع أدوية الأورام وتوريد صمامات ودعامات القلب وشق الطرق وإدارتها والإعلان فيها. إضافة إلى الدخول فى مجالات إنتاج الطاقة الشمسية والاستزراع السمكى على مساحات قدرت بألوف الأفدنة. وأخيرا إنتاج أجهزة تكييف الهواء وترميم معهد القلب، وصولا إلى تطوير قصر الثقافة فى كل من المحلة الكبرى وطنطا إلى جانب إنشاء المدراس الدولية التى تطبق النموذجين البريطانى والأمريكى. فيما علق الكاتب الصحفي محمود سلطان مدير تحرير صحيفة "المصريون" على هيمنة جنرالات العسكر قائلا: "المدهش أنه في حين لم تنتهِ بعد تداعيات الاهتزازات الارتدادية لفتنة حليب الأطفال، يتلقى الرأي العام خبر إصدار تراخيص مصانع «أسمنت وحديد» لجهة سيادية ولا تعليق!!!". وكشف موقع "مدى مصر" في تقرير له أول أمس عن اتساع اﻷنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة لتتخطى كل ما سبق في تاريخها منذ الانقلاب العسكري، حيث شهدت الشهور الاثنا عشر الأخيرة توسعات متسارعة في عدد من القطاعات التي بدأ الجيش العمل بها أو وسع أنشطته فيها كما تكشف قرارات في الجريدة الرسمية، أو محاضر اجتماعات رسمية، أو ما تم الإعلان عنه من خلال وسائل اﻹعلام. ومن صور هذه التوسعات الاستثمارية في الجيش مقاولات حكومية من خلال إسناد إدارة اﻷعمال إلى هيئات أو شركات تابعة للقوات المسلحة ومنها قرار وزارة اﻷوقاف تفويض وزارة اﻹنتاج الحربي لطرح 10 آلاف فدان من أراضيها في كفر الشيخ على المستثمرين، لإنشاء أول منطقة استثمارية في المحافظة، وانتقال مسؤولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز من وزارة التخطيط إلى وزارة الإنتاج الحربي، وتوفير الماكينات الخاصة بالمخابز والبقالين الجدد"، وإسناد مشروع تصنيع عدادات المياه لوزارة الإنتاج الحربى، والتى تقدر بثلاثة ملايين عداد، إضافة إلى توريد قطع غيارها، وميكنة بطاقات الحيازة الزراعية للفلاح والتى تقدر بسبعة مليون بطاقة، بتكلفة تبلغ 357 مليون جنيه في المرحلة اﻷولى، و مراجعة وتدقيق وتسجيل بيانات بطاقة الأسرة لعدد 20 مليون بطاقة لحوالى 80 مليون نسمة، بالإضافة إلي مشروع منظومة الرعاية الصحية لغير القادرين في 27 محافظة لحوالى ثلاثة مليون مستفيد، ومشروع منظومة الدعم الفنى الميداني للتعداد السكاني بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وإنشاء محلات تجارية في محافظة الوادي الجديد، تهدف لتوفير فرص عمل للشباب، والحصول على أجهزة "البيومترك" الخاصة بتسجيل دخول وخروج موظفى المطارات ومراقبة حركتهم أثناء العمل، لصالح الشركة القابضة للمطارات. كما وقعت القوات المسلحة بروتوكول مع شركة فاركو للأدوية ﻹنشاء أول مصنع ﻹنتاج أدوية اﻷورام في مصر، واستيراد لبن اﻷطفال ومسئولية توريد دعامات وصمامات القلب والقساطر العلاجية للمستشفيات ، فضلا عن قرار المجلس اﻷعلى للجامعات بوقف جميع المناقصات العامة والمزايدات علي الأدوية والمستلزمات الطبية تمهيدًا لشراءها من القوات المسلحة. واستصدار قرارات منح الالتزام بالإدارة والتشغيل والصيانة لطرق المشروع القومي إلى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع، وتخصيص اﻷراضي الصحراوية بعمق 2 كيلو متر على جانبي الطرق الجديدة لوزارة الدفاع واعتبارها مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية لا يجوز تملكها. وإنشاء الطريق الدائرى الإقليمى، وطريق القاهرة- العين السخنة، وتطوير طريق القاهرة-الإسماعيلية، وتطوير وتوسعة طريق القاهرة-السويس، ومحور الفريق سعد الشاذلى، ومحور جوزيف تيتو، ومحور صحراء الأهرام، باﻹضافة إلى عدد من الطرق والكباري اﻷخرى، وإدارة وتشغيل وصيانة طريق القاهرة-الإسكندرية الصحراوى. كما دخل جنرالات العسكر في مجالات التعليم والكهرباء حيث قام الجيش الثالث يإنشاء مدارس بدر الدولية في السويس، والتي توفر تعليمًا بالنظامين اﻷمريكي والبريطاني. والإشراف على خدمات الطعام ومطابخ المدن الجامعية لطلاب الجامعة، والدخول مجال الطاقة الشمسية، بعدما وقعت مع وزارة التعاون الدولى مذكرة تفاهم مع شركة TBEA الصينية تهدف إلى نقل تكنولوجيا تصنيع ألواح الطاقة الشمسية من الرمال، وبدء التعاون الفنى والتجارى والصناعى بين وزارة الإنتاج الحربى وشركة TBEA الصينية و إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميجاوات، ومصنع إنتاج ألواح الطاقة الشمسية. كما تولى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية تنفيذ عدد من مشروعات الاستزراع السمكي في محافظتي كفر الشيخ وبورسعيد. وبدء مصنع 360 التابع لوزارة لإنتاج الحربي في إنتاج تكييفات بشراكة مع شركة التكييفات الصينية Galanz. وترميم قصور الثقافة، في الوقت الذي حصلت فيه المؤسسة العسكري على الإعفاءات الضريبية. وأقر برلمان العسكر في إبريل 2012 تعديلات على قانون القضاء العسكرى الصادر برقم 25 لسنة 1966 تقضي باختصاص القضاء العسكري دون غيره بنظر قضايا الكسب غير المشروع التى تقع من ضباط القوات المسلحة ولم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد إحالتهم للتقاعد، كما أصدر الفريق صدقي صبحي، وزير الدفاع في يونيو من العام الماضي قرارًا بإعفاء 574 منشأة تابعة للجيش من الضريبة العقارية. وشملت قائمة العقارات المعفاة 52 ناديًا، و29 فندقًا، و18 مصيفًا، وثمانية دور سينما ومسارح، إلى جانب عدد من دور القوات المسلحة، والساحات وفروع السوبر ماركت والمجازر الآلية، إلى جانب العمارات والشقق والفيلات. وفي ديسمبر الماضي، أصدر السيسي القرار رقم 446 لسنة 2015 لتنظيم قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة، وتخصيص عائدها لإنشاء مناطق عسكرية بديلة، وأتاح القرار للقوات المسلحة تأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي. وفتح القرار الباب للشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية التابعة لجهاز الخدمة الوطنية لتأسيس شركة مشتركة للإستزراع السمكى مع مستثمر سعودي، وإحدى الشركات الألمانية المتخصصة فى استزراع سمك التونة، تحمل اسم "الشركة الدولية للمنتجات البحرية". كما تتمتع القوات المسلحة بميزة تنافسية إضافية، إذ تتكون الكتلة اﻷساسية من العاملين لديها من مجندين لا يخضعون لقوانين العمل المدنية. على سبيل المثال، يحاكم حاليًا 26 عاملا وعاملة من عمال شركة الترسانة البحرية بالإسكندرية عسكريًا، في القضية رقم 2759 لسنة 2016، ضمنهم 14 عاملًا محبوسين حاليًا على ذمة القضية، و11 عامل يحاكمون غيابيًا، وعاملة أخلي سبيلها، بسبب تحريضهم زملاءهم على اﻹضراب عن العمل، وهو حق مكفول دستوريًا.