تناقلت أبواق الإعلام الموالي للانقلاب في مصر أكذوبة محاولة اغتيال مفتي الانقلاب وشيخ السلاطين علي جمعة، في محاولة للتعتيم على دوره الذي انكشف في المحاولة الفاشلة للانقلاب على النظام في تركيا، وسارعت قنوات الانقلاب إلى نسج الأساطير والتحاليل للتشويش على الدور الخفي لجمعة في منظمة جولن. وقالت صحيفة "الوطن"- الموالية للانقلاب- "قام مسلحون بالاختباء بإحدى الحدائق بخط سيره، وإطلاق النار صوب الدكتور علي جمعة، عقب خروجه من مسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر، نجا منها "جمعة" ولكن أصيب حارسه الشخصي برصاصة في القدم، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وتم نشر العمليات الخاصة والقتالية بالمنطقة للقبض على مسلحين يستقلان دراجة بخارية أطلقا الرصاص على المفتي السابق، لكنه نجا دون إصابته بمكروه". ونشرت صفحة جمعة الرسمية بيانًا بموقع فيسبوك، كتبت فيه "على عادة الخوارج كلاب أهل النار وحبهم للعيش في الدماء، حاول شرذمة من الفئات الضالة الاعتداء على فضيلة د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، عند باب المسجد، وهو في طريقه لأداء صلاة الجمعة، ولكن عناية الله عز وجل حفظت الشيخ من كل مكروه وسوء". وجاء في البيان "تعودنا من كلاب النار مثل هذه الأحداث الصبيانية، والحمد لله لم تمنعنا تلك الخزعبلات من تعطيل شعيرة الجمعة، فخطبنا الجمعة وأقمنا الصلاة؛ لأن منهجنا عمارة المسجد وعمارة الكون وليس خراب الدنيا والآخرة، وعقيدتنا التعمير لا التكفير والتدمير، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". ولم يتوان علي جمعة والداخلية وبعض الصحف الانقلابية في سرعة اتهام الإخوان بالتسبب في العملية، ونسبة الحادث لحركة سواعد مصر- "حسم"، التي بدورها سارعت إلى إعلان مسؤوليتها، باعتبارها "حركة إخوانية"، في حين لم يصدر عن الجماعة أو أي من متحدثيها على كافة المستويات ما يؤكد "المعلومة الأمنية". جمعة وجولن ويأتي ذلك بالتزامن مع ما كشفه رئيس الشؤون الدينية التركي، محمد غورماز، عن العلاقة بين مدبر الانقلاب التركي عبد الله جولن وعلى جمعة. وقال غوزماز، في حوار صحفي: إنه بعدما شاهد عملية فضّ اعتصام رابعة العدوية بالقاهرة في 14 أغسطس 2013، اتصل مباشرة بمفتي مصر السابق "علي جمعة" لوجود علاقة صداقة تربطهما من قبل؛ كي يتدخل الأزهر والعلماء المصريون لوقف الدماء التي تسيل في الشوارع، بعد أن أطاح الجيش بالرئيس المصري الأسبق "محمد مرسي". وأضاف غورماز أن علي جمعة حينها طلب مقابلته ليشرح له الوضع، فعرض عليه رجل الدين التركي أن يأتي إلى مدينة إسطنبول، إلا أن جمعة رفض ذلك، واتفقا على أن يلتقيا بعد يومين من المكالمة في العاصمة الأردنية عمّان لمناقشة دور العلماء المسلمين في وقف المذابح التي تحدث في مصر، حسبما قال. وقال رئيس الشؤون الدينية التركية، إنه عقب انتهاء المكاملة مع مفتي مصر السابق بنحو 15 دقيقة، اتصل به الرجل الثاني في جماعة فتح الله غولن ويُدعى مصطفى أوزجان، الذي كان يقيم حينها في تركيا، وأبلغه بتفاصيل المكالمة التي دارت بينه وبين جمعة، مشيرا إلى وجود علاقة بين الرجلين. وبحسب غورماز، فإن الرجل الثاني في جماعة غولن طلب منه أمرين: أولا الجلوس معا قبل زيارته إلى عمّان لمناقشة الأمر، والثاني أن يرافقه في السفر إلى العاصمة الأردنية، وعندما سأل غورماز مصطفى أوزجان كيف عرف بهذا المقابلة، قال له رجل غولن إن علي جمعة اتصل به وأبلغه بطبيعة زيارة الأردن وتفاصيلها. وأوضح غورماز أنه بعد لقائه رجل فتح الله غولن قبيل زيارته إلى الأردن ومعرفته بدعم علي جمعة للجيش المصري وتأييده فضّ الاعتصامات بالقوة المفرطة، اتصل به وقال له إن علاقتنا انتهت الآن، ومن ثم تم إلغاء المقابلة. محاولة الانقلاب وكانت محاولة الانقلاب الفاشلة قد وقعت ضد نظام حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، مساء 15 يوليو/تموز 2016، لكن خروج الشعب إلى الساحات والمطارات والشوارع، ورفض القيادات العسكرية له، والتفاف المعارضة حول الحكومة التي بقيت تمارس عملها، كل ذلك سارع بطي صفحة الانقلاب وإعلان فشله، والشروع في اعتقال من يقف خلفه.