طبيبة واحدة لعلاج 10 آلاف طالب!! طبيبات: عزوف شباب الأطباء عن التعاقد يسبب كارثة فى علاج الطلاب المدرسون: الدواء موحد لكل الأمراض مع بدء العام الدراسى تنصرف أذهان أولياء الأمور إلى تدبير الزى الملابس ومصاريف المدارس وغيرها، لكن صحة الأطفال تكون أيضا فى الحسبان.. ماذا لو مرض التلميذ؟ هل هناك طبيب فى المدرسة؟ وهل يجد الأدوية المناسبة للعلاج؟ بطبيعة الحال تتجه الأنظار إلى التأمين الصحى المسئول عن علاج تلاميذ المدارس. لكن منظومة التأمين الصحى مريضة، ولا تسعف أبدا، وفى بعض القرى والنجوع عندما يمرض تلميذ يضطر للسير مسافات طويلة حتى يصل إلى أقرب وحدة صحية.. ورغم ذلك لا يجد العلاج.. كل ما هنالك "شوية مسكنات" أو "أدوية موحدة" لكل الأمراض. "الحرية والعدالة".. اقتربت من الواقع لتتعرف على التفاصيل فى التحقيق التالى: الدواء الموحد!! كانت الشكوى الأبرز على لسان المتعاملين مع منظومة التأمين الصحى بالمدارس سواء طلابا أو معلمين أن "الدواء موحد!!"، الأمر الذى يجعل الكثير يلجأ إلى العيادات الخارجية بعد فقدان الثقة بالتأمين، وأصبح توفير علاج بالمجان مجرد حبر على الورق. داخل المدارس كان المشهد الغالب على غرف عيادات التأمين الصحى هو عدم وجود أحد بها، والعيادات التى تصادف وجود طبيبات بها يكون العدد غير كاف مقارنة بعدد الطلاب، وأجور العاملين ضعيفة، تجعل شباب الأطباء يعزفون عن التعاقد مع التأمين الصحى بالمدارس. مدرسة السيدة خديجة وقد فجرت الطبيبة الموجودة بمدرسة السيدة خديجة عددا من المفاجآت؛ فقالت: سيأتى وقت لن نجد أى أطباء للتأمين الصحى بالمدارس، خاصة الطبيبات، لأن كثيرين منهن وصلن لسن المعاش، والباقى فى إجازة رعاية طفل، وأن دفعات الشباب من خريجى الطب عزفوا تماما عن التعاقد مع التأمين الصحى هروبا من الأجور المتدنية التى يحصل عليها الطبيب، وهو ما تسبب فى تحميل الطبيبات العاملات عبء تغطية المدارس التى أصبحت خالية. طبيبة لكل 10 آلاف تلميذ!! وأضافت أن الكثير من طبيبات التأمين الصحى متقدمات فى السن نظرا لعزوف الأجيال الجديدة عن العمل فى التأمين الصحى فى المدارس، فلا يوجد شاب يرضى أن يعمل الآن ب300 جنيه فى الشهر، وأصغر طبيب يعمل الآن يبلغ عمره 40 عاما، وفى العام المقبل، سيكون عدد المدارس المربوط على وحدتنا العلاجية 24 مدرسة بدلا من 20 حاليا. وكشفت أن طبيبة واحدة تقوم بالكشف الطبى على أكثر من 10 آلاف طالب "أى بمعدل 20 طالبا يوميا"، وتساءلت.. هل من المعقول أن يكون مصير وصحة هؤلاء الطلاب مرهونا بطبيبة قد تمرض فى أى وقت وتكون غير موجودة؟ وفجرت الطبيبة مشكلة أخرى يواجهونها؛ تتمثل فى نقص عمال النظافة، الذين يوجدون من أجل تنظيف العيادة، مشيرة إلى أن نسبة 1% من الطلاب هم من يفضلون العلاج فى الخارج على نفقتهم الخاصة. وعن توافر المسلتزمات الطبية لديهم، أوضحت أن الأدوية متوفرة، وأغلبها يكون مرتبطا بالإسعافات الأولية، وإذا حدث نقص فإنه يتم إمدادنا بها بمجرد الطلب. غرفة التأمين مغلقة دائما!! وفى مدرسة "النعام التجارية بنات"، فإن غرفة التأمين الصحى بالمدرسة مغلقة دائما، وهو المشهد الذى تكرر فى أكثر من مدرسة أخرى، وحين نسأل عن الطبيبة أو الزائرة الصحية يكون الرد: غير موجودة!. وأشارت وكيلة المدرسة حياة فؤاد إلى أن عدد الطبيبات غير كاف بالمرة وكذلك المسلتزمات الطبية، مضيفة أن لديها الكثير من الكشوفات المعطلة. وأوضحت أن المدرسة تعمل فترتين (صباحية ومسائية)، وفى ذلك الوقت لا تجد أى طبيبة، فكلهن يغادرن فى الساعة الثانية ظهرا على أقصى تقدير، موضحة أن مستوى الخدمة فى المدارس الحكومية يختلف عن نظيره فى المدارس الخاصة؛ حيث إن المدرسة الخاصة تخشى من ترك الطالب للمدرسة فتقدم له الخدمة قدر الإمكان. قلة الدواء أفضل! ومن جهتها، وصفت هدى محمد نبيل -مدرسة علوم بمدرسة الحرية الإعدادية بنين- الوضع فى التأمين الصحى بأنه "سيئ للغاية"، لسوء معاملة كثير من أطباء التأمين الصحى بالعيادات للمرضى؛ حيث تسود لغة التعالى، وكذلك من جانب العاملين بالصيدليات، ومن جانب التمريض، إلا أن هناك قلة محترمة. ولفتت هدى إلى أن الأدوية التى يصرفها الطبيب ليست فعالة؛ حيث يلجئون إلى أبخس نوع من ناحية السعر.. ودللت على ذلك بأنها توجهت لعيادة التأمين الصحى هى واثنتان من زميلاتها المدرسات، وكل منهن لها شكوى مختلفة عن الأخرى، فواحدة تعانى من مرض فى العظام، وأخرى فى معدتها، وثالثة كدمة فى يدها، وقالت "خرجنا جميعا بالعلاج نفسه!، لدرجة أنه فى كثير من الأحيان يصرف برشاما موحدا". المعاهد الأزهرية ولم يكن الوضع فى المعاهد الأزهرية أفضل حالا؛ حيث قالت "م.ع" -مدرسة-: إنها لا تتوجه للتأمين الصحى لأنها لا تثق به، فهم يقدمون أدوية غير فعالة، كما أنها متشابهة فى جميع الحالات، وهو ما يجعلنى أعزف عنها أنا وأبنائى الذين ألحقتهم بالمدارس الخاصة. ومن داخل المعهد، يتكرر مشهد غرفة الطبيبة المغلقة؛ حيث تشير نادية عبد الباسط -عميدة المعهد الأزهرى للفتيات بالمطرية- إلى أن الطبيبة والزائرة التى لديها بالمدرسة بلغت سن المعاش، ولم يعين أحد مكانها، مضيفة أنه على أقل تقدير يجب أن يتوافر لدى المعهد زائرة صحية، حتى تكتب تحويل التأمين وكارنيهات الطلاب، وتلك الإجراءات التى لا يمكن لغيرها القيام به. وأضافت أنها شخصيا أصبحت لا تلجأ إلى العلاج من خلال التأمين الصحى بعد تجربة مرت بها كانت تعانى من ألم فى العظام، وكتب لها الطبيب علاجا علمت أنه يعطيه لكافة المرضى دون إجراء أى أشعة أو تحاليل لبيان نوع الإصابة، فشعرت بحجم الإهمال بصحة المريض، وعليه أصبحت تتعامل مع العيادات الخاصة. مدرسة الملك الصالح وأشار حسن عبد الفتاح -مدير مدرسة الملك الصالح الثانوية بنين- إلى أنه سيدخل العام الدراسى الجديد دون أن يكون لديه طبيبة فى المدرسة، موضحا أن الزائرة كانت منتدبة لسنة وانتهت المدة، وأصبحت المدرسة الآن بلا رعاية صحية، كما أن الطبيبة الموجودة كانت تأتى مرة أو مرتين فقط فى الأسبوع، مشيرا إلى أن لديه 1300 طالب يخدمهم مستشفى الطلبة بالسيدة زينب. أما الزائرة الصحية بمدرسة الاتحاد القومى المشتركة بشبرا، فتقول إن هناك أصنافا من الدواء غير متوفرة بالمدرسة، لكن الطبيب يكتب البديل والمتوافر فى السوق، ويضطر التلميذ المريض أن يشتريه من منافذ الدواء التابعة للتأمين الصحى. وتضيف أن الطبيبة المسئولة بالمدرسة تتابع حالة التلاميذ فى مدرستين أخريين، ولا توجد بصفة منتظمة بداخل المدرسة، مؤكدة أن السنوات الماضية لم يكن بالمدرسة أى مواد مطهرة، ونتمنى أن تكون موجودة هذا العام. مليون و200 ألف طالب ويقول د. مصطفى عبد الجواد -مدير فرع مستشفيات التأمين الصحى بالقليوبية-: إن الفرع يخدم نحو مليون و200 ألف طالب على مستوى المحافظة، موضحا أن أعداد الأطباء فى المدارس كافية؛ إذ يوجد فى كل مدرسة زائرة صحية وربما يوجد عيادات شاملة. وأوضح أنه يتم التعاقد مع الأطباء بعد بلوغهم سن المعاش، لافتا إلى أنه يأتى تكليف من الوزارة لدفعات من الأطباء فى المدارس لسد العجز فى الأعداد، مشيرا إلى أن الأطباء فى المدارس يكون دورهم وقائيا يقتصر على التطعيمات والفحص الشامل مع بداية العام الدراسى، مؤكدا أنه يتم الكشف على بدايات المراحل الدراسية (ابتدائى، إعدادى، ثانوى). ويشير إلى أنه يتم تنفيذ الخطة وفقا لما تضعه وزارة الصحة وتشارك فيها، موضحا أنه لا توجد مستشفيات تأمين خاصة بطلبة المدارس، وأن هناك خطة لإدخال ال40% الباقية من المواطنين للتأمين الصحى؛ حيث تم إضافة بعض الفئات كالمرأة المعيلة، لافتا إلى أن عدد المستفيدين من التأمين الصحى فى القطاع الحكومى بالنسبة للفرع يبلغ نحو 55 ألفا و358، غير القطاع العام والخاص.