مقال "جوليو" الأخير في "المانيفستو" يكشف أسباب قتله؟ كتب - كريم محمد كشفت صحيفة "المانيفيستو" الإيطالية عن أن طالب الدكتوراه الإيطالي "جوليو ريجيني" الذي وجدت جثته ملقاة في طريق صحراوي بمصر وعليها آثار تعذيب وكسر في الجمجمة، كان يراسلها، كمراسل صحفي، باسم مستعار، ونشرت له اليوم الجمعة 5 فبراير آخر مقال بعث به وطلب نشره كالمعتاد ب "اسم مستعار". وقالت إدارة تحرير الصحيفة، في تنويه قبل المقال، إنها نشرت المقال باسمه الحقيقي هذه المرة بعدما قتل في مصر، مشيره لأن سبب طلبه حجب اسمه في المرات السابقة هو "حساسية" الموضوع الذي يكتب عنه ويقوم بعمل أطروحة الدكتوراه حوله وهو "النقابات العمالية المستقلة" التي تحاربها الحكومة المصرية. بدأ "جوليو" مقاله بالحديث عن أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تعد من "أسواء المجرمين" في مجال حرية الصحافة، مشيرا لسيطرة السيسي بقوة الشرطة والجيش على البلاد. وأشار إلى أن "الاتحاد المصري للنقابات المستقلة" يرفض، مع هذا، الاستسلام لهذه الأوضاع، وأنه عقد اجتماعا -حضره جوليو- "نابضا بالحياة" حسب تعبيره، حُشر فيه العديد من النشطاء داخل قاعة اجتماعات لا تستوعب سوي قرابة 100 شخص، وجاءوا من جميع أنحاء مصر لمناقشة قانون الخدمة المدنية الذي يرفضه العمال ورفضه البرلمان مؤخرا. وأشار الطالب الإيطالي القتيل في مقاله، إلى أن الاتحاد الرسمي للعمال في مصر ووزراء السيسي لا يرغبون في دور لهذا الاتحاد المستقل (نشأ 13 أغسطس 2011، قبل ثورة يناير وكان يرأسه الوزير النقلابي السابق كمال أبو عيطة)، وأنهم يطالبون بمواجهة النقابات العمالية المستقلة وتهميش العمال. وقال إن الحقوق العمالية والنقابية باتت مقيدة بشدة في أعقاب "الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013"، وهو ما يثير استياءا كبيرا بين العمال، الذين لم يترجموا – كما يقول - غضبهم وإحباطهم في "مبادرات ملموسة". وشهدت مصر توسعا مذهلا في الحرية السياسية عقب ثورة 2011، بحسب جوليو، وظهرت مئات من النقابات العمالية المستقلة الجديدة، ولكن على مدى العامين الماضيين من حكم السيسي، والقمع، والاستقطاب من قبل نظام سيسي ضعفت هذه المبادرات لإنشاء نقابات مستقلة، حتى أن اثنين من الاتحادات الكبرى (مؤتمر عمال مصر الديمقراطي والاتحاد المصري للنقابات المستقلة) لم تعقدا جمعية عمومية منذ عام 2013 . ونقل "جوليو" عن عمال أنهم محبطون من عدم تعاون اتحادات هذه النقابات المستقلة، حيث كل اتحاد يعمل بعيدا عن الاخر برغم ضرورة توحيد وتنسيق الجهود، بدلا من تفتيت الحركة العمالية. وأشار لرغبة البعض في عقد جمعية عمومية واحدة للعمال تدافع عن مصالحهم، بدلا من تنظيم سلسلة من المؤتمرات الإقليمية كل بضعة أشهر، ودعوة عمال ل "احتجاج موحد في التحرير!"، بحسب بعض الحاضرين، والمحظور الاحتجاج به منذ عامين. ويظهر من تقرير "جوليو" أن الاجتماع الذي حضره (20 يناير قبل خمسة أيام من خطفه) كان مخصصا لمناقشة القانون رقم 18 لعام 2015، (الخدمة المدنية) الذي رفضته النقابات العمالية وطالبت بالتظاهر والاضراب ضده. ومعروف أن هناك صراعًا بين (اتحاد عمال مصر) و(النقابات المستقلة)، ورغم رفضهما سويا لقانون الخدمة المدنية، إلا أن اتحاد عمال مصر الحكومي يرفض الاعتراف بشرعية النقابات المستقلة، وتقدمت عضوه بالاتحاد الحكومي 26 يناير الماضي ببلاغ للنيابة يطالب بعدم الاعتراف بالنقابات المستقلة ويصفها ب “الغير شرعية" (المحرر). وسرد "جوليو" -في مقاله- تفاصيل إضراب عمال الغزل والنسيج والأسمنت والبناء، في العديد من المدن المصرية من أسيوط إلى السويس إلى الدلتا، للمطالبة بزيادة الأجور والتعويضات. وأشار إلى "موجة جديدة من الإضرابات" في أعقاب عمليات الخصخصة التي بدأت منذ عهد الرئيس الاسبق مبارك، ورفع قضايا أمام المحاكم لإلغاء هذه الخصخصة، بعد ظهور العديد من المخالفات وحالات الفساد في هذه الشركات. وقال إن الاضرابات ضد رفض الحكومة "تثبيت" العمالة المؤقتة، والخصخصة، تساندها النقابات العمالية المستقلة، وهو ما يطعن في قلب التحول الليبرالي الجديد للبلاد، الذي شهد تسارعا كبيرا منذ عام 2004، حتى عام 2011 وجرت بسببه انتفاضات شعبية شعارها: "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية". كما أشار إلى أن "خطورة هذه الاضرابات، في ظل نظام سلطوي وقمعي بقيادة الجنرال السيسي، عبر مبادرات شعبية وعفوية يؤدي لكسر "جدار الخوف"، وهو ما يزعج السلطة لأنه في حد ذاته حافزا رئيسيا للتغيير". ونوه لأن النقابات تعتبر حالة الطوارئ ونداءات النظام من أجل الاستقرار بدعوي "الحرب على الإرهاب"، "هي مجرد جزء من خطاب النظام لتبرير قمع المجتمع المدني".