قضى اللواء "سامح سيف اليزل" -مايسترو برلمان "الدم"- معظم حياته في مؤسستي الجيش والمخابرات العامة، وحمل على أكتافه وزر تكوين ائتلاف "دعم السيسي" المكون من أكثر 366 عضوًا داخل برلمان العسكر. ويبدو أن ثعلب العسكر في سباق مع الموت بعد إصابته بسرطان الأمعاء الذي يفتك به؛ حيث تغيب "سيف اليزل"، عن جلسات برلمان "الدم" الأربعة، ولم يشارك في الهرج وموجة الكوميديا التي انطلقت في البرلمان، وابتعد عن أي من الموضوعات التي جرى مناقشتها خلال الجلسات السابقة. وقد حرص "سيف اليزل" أن يصبغ البرلمان برائحة البيادة التي لا تخطئها الأنوف، فضخ بكثافة بأعداد من الضباط، من اللواء حتى ضابط الصف في برلمان الدم، ورسم ملامح سياسته بمعرفة غرفة العمليات التي أشرف عليها ابن السيسي ضابط المخابرات، وضمت الثلاثي سامح سيف اليزل، ضابط المخابرات السابق، ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي أسامة هيكل، والمحرر العسكري السابق، والمحامي محمد بهاء أبو شقة المستشار القانوني لحملة السيسي الرئاسية. هو فين؟ "النائب المحترم، سامح محمود سيف اليزل خليفة"، نداء أطلقه الباحث بمجلس النواب، علوم حميدة، منادي مجلس النواب، ومقرر الجلسة الإجرائية الأولى، والتي أدى فيها النواب اليمين الدستوري، حيث كان ذلك الظهور الأوحد ل"اليزل"، فكان أول من أدى اليمين في نواب القوائم الأربعة بالمجلس والتي حصدتها جميعا قوائم في "حب مصر". ويعد غياب "اليزل" حتى الآن علامة استفهام كبيرة، خاصة أنه يعد أبرز قيادات دعم السيسي، فضلا عن تفضيله الابتعاد عن الإعلام طوال الفترة الماضية، وحتى بعد فوزه بعضويه مجلس النواب، حتى بعدما حدثت مشادات من بعض الأعضاء لم يتدخل "اليزل" بأي شكل، مثل أزمة "مرتضي منصور" في اليوم الأول داخل الجلسة الافتتاحية للبرلمان. ويعقد "اليزل" اجتماعات يوميّة في مقر مبنى المخابرات، للانتهاء من كافة الأمور المتعلقة بالبرلمان، بما يضمن تشكيل برلمان يخضع للسيسي، من خلال تشكيل قائمة في حب مصر، إضافة إلى تفتيت المقاعد الفردية، بما لا يسمح أن يكون هناك تكتل كبير لقوى واحدة تحت قبة القبة". وأثبتت الوقائع على الأرض تنفيذ هذا السيناريو بمنتهى الدقة والصرامة، فقد جاءت "قائمة السيسي" فائزًا أول، في الوقت الذي تمت فيه عملية تفتيت المقاعد الفردية بنجاح، وتم تكسير عظم النائب السابق حمدي الفخراني، من خلال اصطياده بقضية أموال عامة، ثم تراجيديا "نتف ريش" النائب السابق عمرو الشوبكي، والمتطلع للحصانة حافظ أبو سعدة. وأخيرًا، مخرج الثلاثين من يونيو، النائب خالد يوسف، الذي سمحوا له بالمرور إلى البرلمان، ثم جرّدوه من ملابسه على بوابته، وأغرقوه في إناء هائل مملوء بمذيبات السمعة، تاركين قضية اتهامه بالتحرش مفتوحة على كل الاحتمالات. خوفه من سقوط الانقلاب ويخشى "اليزل" مثل غيره من الجنرالات سقوط الانقلاب، ومعه سقوط جمهوريتهم العطنة ومحاكمتهم بالخيانة العظمى، ف"اليزل" يخشى أن تفتك به موجة ثورية في 25 يناير القادم أو بعدها، أو يفتك به سرطان الأمعاء الذي يشوي أحشائه ويعتصره بالألم. ورغم كونه أحد أهم الشخصيات البارزة داخل مجلس "الدم"، لم يشارك "اليزل" بأي كلمة في البرلمان، حتى ولو بتعليق ساخر من وضع النائب توفيق عكاشة شريط لاصق على فمه، وكتب عليها "ممنوع من الكلام داخل المجلس أو خارجه بأمر الحكومة" اعتراضًا منه على عدم منحه الكلمة في أثناء الجلسة الثانية للبرلمان، ورغم تدخل العديد من النواب إلا أن "اليزل" لم يعلق بأي شكل أو يتدخل! وربما أخرجت موجة 25 يناير التي تقترب من سفينة الانقلاب "اليزل" عن صمته، فقال مشاركًا في مسرحية ال"600 مليار جنيه"، إنه من الوارد استدعاء المستشار هشام جنينة واستجوابه أمام المجلس، من خلال مداخلة هاتفية أجراها مع أحمد موسى من خلال برنامج "على مسؤوليتى" الذي يقدمه على قناة "صدى البلد" الفضائية. وقال "سيف اليزل" -دفاعًا عن سمعة الجنرال "السيسي"-: إن "مبلغ ال600 مليار جنيه مبلغ كبير جدًا ومبالغ فيه، ويضر بسمعة مؤسسات الدولة بالخارج". وأضاف أن "إحالة التقرير إلى مجلس النواب خطوة صحيحة 100%، ونحن من جانبنا سنأخذ هذا الموضوع بمنتهى الجدية، وقد نقوم بتشكيل لجنة خاصة لدراسته، ومناقشته في جلسة عامة". وأكد اليزل "أنه من الوارد أن نقوم باستدعاء جنينة واستجوابه، وقرارنا النهائي قد يصل إلى حد إحالة الموضوع بأكمله إلى النائب العام للتحقيق فيه". وتأتي تصريحات "اليزل" بعد طول صمت عن الكلام، ربما أن السرطان أنهكه وأضعف قواه، وجعله قريبًا من حافة الحياة، أو أنه يترقب موجة الثورة القادمة التي ستطيح بالعسكر، سواء في 25 يناير أو بعدها.