على وقع الأنباء التى تواترت مؤخرا عن مساع سعودية من أجل إلقاء حجر في مياه العلاقات المتجمدة بين القاهرة وأنقرة قبل 90 يوما من القمة الإسلامية المقرر انعقادها في تركيا، من أجل مصالحة "هشة" تصب في صالح موقف الرياض في ظل تسارع الوضع المتأزم مع إيران وحالة الاستقطاب الطائفي في المنطقة المتوترة، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليضع النقاط فوق الحروف ويحسم الجدل حول مصير العلاقات مع دولة الانقلاب. أردوغان تجاهل التصريحات الوردية التي خرج بها القابع على رأس دبلوماسية العسكر سامح شكري، بطل موقعة الميكرفون، من أجل استجداء النظام التركي، ورد على محاولات المصالحة التي تقودها المملكة مع قائد الانقلاب بعبارة موجزة "لا مصالحة مع نظام أجرم بحق شعبه"، قبل أن يفصل طبيعة الأزمة مع الأنظمة الفاشية التي تقبل الحلول الوسط.
أردوغان تطرق إلى الأزمة المتصاعدة بين الرياض وطهران على خلفية إعدام القيادي الشيعي نمر باقر النمر مطلع العام الجاري، من أجل تحليل المشهد إلى جزيئات ينفذ منها إلى أنباء المصالحة ويعبر إلى المشهد المصري المتأزم منذ الانقلاب، مشيرا إلى اندهاشه من استنكار إيران لأحكام قضائية في دولة أخرى تخص مواطنيها في الوقت الذي تمارس فيه دولة "خامنئي" ذات النهج ضد مواطنيها السنة وحتى خارج أراضيها في العراق وسوريا واليمن.
وعرج الرئيس التركي إلى موقف الدول العربية المتسارع لتأييد المملكة على حساب علاقتها الدبلوماسية مع إيران في الوقت الذي تجاهل فيه الجميع تطورات المشهد في مصر عقب الانقلاب على نحو فج بلغ بشامخ العسكر إصدار حكم بالإعدام على أول رئيس مدني منتخب فى تاريخ مصر، مضيفًا: "هناك أحد الرؤساء والقادة الذين حكم عليهم بالإعدام في مصر -محمد مرسي- هذا الشخص رئيس للجمهورية المصرية، كيف قمت بإصدار حكم الإعدام عليه وهو رئيس؟".
تأكيد رفضه للانقلاب
واستنكر أردوغان حالة الصمت العربي والدولي لتلك الردة الفاشية: "هل كان إرهابيًا؟، من الذي قام بالانقلاب العسكري، جنرال من الجنرالات العسكرية، وهو السيسي، قام بعمل انقلاب عسكري وضربة عسكرية في مصر ثم قام بإلقاء القبض على الرئيس وأصدر عليه حكمًا بالإعدام، هل تكلم أحد؟، هل أحد صدر صوته بخصوص حكم الإعدام الذي صدر بخصوص مرسي، لم يصدر أحد صوتًا ولكن تركيا لم تصمت جراء هذا الموضوع، إذن كيف يمكن، أن نصمت جراء هذا؟".
واعترف أن أحكام الإعدام موجودة في العديد من الدول بما فيها إيران، وحتى الولاياتالمتحدة، وروسيا، والصين، وما حدث في السعودية "شأن داخلي"، لكنه هذا لا يمنع من استنكار بلاده جريمة حكم الإعدام بحق الرئيس مرسي.
وسخر الرئيس التركي من الدول والمنظمات العالمية التي سارعت لإدانة إعدام النمر الشيعي رغم تنفيذ الحكم كذلك في قرابة 40 سنيا في المشهد ذاته، في الوقت الذي مارست الصمت المخزي إزاء إعدامات العسكر التي تجاوز ال1000 حكم في مصر بعد الانقلاب تم تنفيذ قرابة 15 منها.
وانتقد أردوغان الأوضاع في مصر ووجود الآلاف من "المعتقلين السياسيين" داخل سجون العسكر، محذرًا من إمكانية حصول "انفجار اجتماعي" يهدد الاستقرار والأمن بذلك البلد، مضيفا أنه دعا العاهل السعودي إلى ممارسة دور أكبر في مصر، معتبرا أن ذلك كفيل ب"قلب الأوضاع" بذلك البلد.
تصريحات أردوغان القوية، جاءت لترد على انبطاح سامح شكري على عتبات البلد الأوروبى –في تصريحات متلفزة- بأن العلاقات بين تركيا ومصر ستتم إعادتها، مضيفا: "إننا نتمنى أن تعيد تركيا علاقاتها مع مصر، المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية وسيادة الدولة، إننا منفتحون دائمًا على العلاقات الإيجابية والاهتمام بمصالح الشعبين".