- الجزيرة لم تصنع الثورة ولكنها دعمتها. - الجزيرة لم تصنع الحدث ولكنها أذاعته. - الجزيرة لن تحرر وطنًا ولكنها تسانده. في مثل هذه الأيام من العام الماضي أعلنت شبكة قنوات الجزيرة إغلاق "الجزيرة مباشر مصر"، وكان ذلك ثمرة جهود قادها العاهل السعودي -الراحل- الملك عبد الله بن عبد العزيز، لعقد هدنة بين عسكر الانقلاب في مِصْر والنظام في قطر، بعد أن بثت قناة "مباشر مصر" آخر مواجيزها من الدوحة الساعة الخامسة مساء الاثنين الموافق 22 ديسمبر 2014. مثل إغلاق قناة "الجزيرة مباشر مصر"، ضربة قام بها العاهل الراحل للثورة المِصْرية دعمًا للانقلاب الذي جلب الخراب على المنطقة بأسرها؛ فبعد لقاء في العشرين من ديسمبر 2014 بين "السيسي" والمبعوث الخاص لأمير قطر الشيخ "محمد بن عبد الرحمن آل ثانٍ"، والمبعوث الخاص للملك "عبد الله" رئيس الديوان الملكي السعودي "خالد بن عبد العزيز التويجري"، أغلقت قطر القناة التي ولدت من رحم الثورة المِصْرية عقب الإطاحة بالمخلوع "مبارك"، التي كانت منبرًا إعلاميًّا مهما للثورة المصرية بعد الإنقلاب على الرئيس "محمد مرسي". سيظل السيسي قاتلًا خرجت تعليقات إعلامي القناة غاضبة منددة بدعم السعودية للانقلاب في مِصْر، وقال محمد ماهر عقل -المذيع بالقناة-بقوله على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "الجزيرة مباشر مصر off". بينما قال عبد العزيز مجاهد: "حتى لو قفلتم القناة سيظل السيسي قاتلًا ويده ملطخة بدماء رابعة"، في إشارة إلى المجزرة التي راح ضحيتها المئات من أنصار الرئيس محمد مرسي في أغسطس 2013. وعلق الإعلامي سامي كمال الدين، قائلاً: "لم تصنع قطر ثورة يناير ولا صنعتها الجزيرة، "الجزيرة" لعبت دورًا عظيمًا لحماية ثورة يناير لكن نحن الذين صنعنا يناير.. ونستطيع خلق ألف يناير بإيماننا بوطن حر". مبررات الغلق وشهدت الفترة التي سبقت إغلاق القناة اتهامات من جانب أذرع الانقلاب الإعلامية، بأن القناة تهاجم "العسكر" وتتدخل في شئون مِصْر الداخلية، وهو ما نفته القناة حينها مؤكدة أن تغطياتها مهنية وتعرض وجهتي النظر. وكانت سلطات الانقلاب قد أغلقت مكتب "الجزيرة مباشر مصر" عقب الانقلاب بالرئيس "محمد مرسي" بساعات قليلة، قبل أن تستأنف عملها من مكتب جديد في الدوحة عام 2013. وتدهورت العلاقات بين قطر ومِصْر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي في يوليو من عام 2013؛ حيث استقبلت الدوحة عددًا من قيادات جماعة الإخوان، وشخصيات سياسية داعمة للشرعية ورافضة للانقلاب. تحولات تحت الضغط وتحت الضغوط التي مارستها السعودية قبل رحيل الملك عبد الله، شهدت شبكة الجزيرة تحولاً لم يدم طويلاً في تغطية تطورات المشهد المِصْري، وهو الأمر الذي تجلى في خريطتها الإعلامية بعد إغلاق "مباشر مصر"، ولغتها في عرض الأخبار المِصْرية، الذي ظهر في توصيف القناة ل"السيسي" في نشراتها الإخبارية ب"الرئيس السيسي" بعد أن كان يتم وصفه عقب الثالث من يوليو 2013 ب "قائد الانقلاب العسكري"، وعقب فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2014 ب"أول رئيس منتخب بعد الانقلاب". الجزيرة والثورة جاء قرار إغلاق القناة تخفيفًا للضغوط الخليجية التي مورست ضد قطر، لا سيما بعد أن سحبت ثلاث دول خليجية، هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين سفراءها من الدوحة، وشرطًا للمصالحة مع الدول الخليجية الداعمة للانقلاب. ويرى مراقبون أن إغلاق "الجزيرة مباشر مصر"، التي بدأت البث من قطر بعد اقتحام سلطات الانقلاب لها في الثالث من يوليو 2013، خسارة إعلامية لثورة الخامس والعشرين من يناير؛ حيث إنها فقدت المنصة الإعلامية الأكثر مشاهدة عربيًّا، ومن الصعوبة بمكان تعويضها، لا سيما أن البدائل الأخرى تمويلها أقل ومستوى أدائها المهني متذبذب، وليس لديها نسبة مشاهدة إعلامية عالية مثل تلك التي تتمتع بها قناة الجزيرة مباشر مصر. ويضيف المراقبون أن خسارة الثورة المِصْرية لمنبر إعلامي مثل قناة "الجزيرة مباشر مصر" لن يمكن تعويضها لكونها تستخدم قدرًا من المهنية والحرفية في تغطيتها للأحداث، وهو ما تفتقده بعض القنوات الفضائية التي تؤازر الشرعية، التي تبث من تركيا. ورغم الظروف الصعبة التي نشأت فيها القنوات البديلة عن "الجزيرة مباشر مصر" مثل قناة "مكملين" و"الشرق"، فضلا عن تلك التي تعثرت وأغلقت، وفارق المهنية والحرفية بين تلك القناتين والجزيرة مباشر مصر، إلا أن المشاهد في الشارع الثوري المِصْري بات يرى أنها ستلقى قبولاً من الرافضين للانقلاب العسكري وأنصار الشرعية، ويومًا بعد يوم يزداد جمهورها مع زيادة مساحة المهنية والحرفية والدعم المالي لها، وهو ما باتت تخشاه أذرع الانقلاب الإعلامية والسياسية، وتحاول جاهدة وقف هذا الاستقطاب السياسي والإعلامي لصالح الثورة، ويبقى أن من صنع الثورة التى دعمتها الجزيرة، هو من صنع الحدث الذى أذاعته الجزيرة، هو من سيحرر الوطن. شاهد آخر موجز للجزيرة مباشر مصر: