"وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء"، كم كانت كلمات أبي الطيب المتنبي ناجزة موجزة، وبرغم قسوتها فإنها صحيحة إلى حد كبير، فما يحدث في مصر بعد الانقلاب جعل المصريين "أضحوكة" بين شعوب العالم. كلمات المتنبي مع الحال التي وصل إليها المصريون على يد الانقلاب، دفعت خيال شابين في الصف الأول الثانوي لتقديم شخصية الضفدع "كيرميت" على صفحة على الفيس بوك، وساعدهما ما يملكانه من خفة الدم والذكاء، ما جعلهما يتفننان في إلقاء النكت السوداء وتأليفها من الواقع المتردي حولهما، وفي جمل قصيرة لخصا "بلاوي" العسكر.
كوميديا سوداء
أمين الشرطة ذراع الانقلاب اليمنى الذي يتقاضى رشوة في وضح النهار هو ذاته الذي يجري ليلحق بصلاة العصر، والموظف الذي يدفع جزءًا من مرتبه في صندوق "تحيا مصر" هو نفسه من ينافق رئيسه، ولا مانع لديه من الوشاية بصديقه لو ثبت أنه "إخواني" وفي الوشاية ترقية.
تلك الكوميديا تجعلك تضحك وتحزن في نفس الوقت، فكل تهكمات الضفدع "كيرميت" وقفاشاته تعكس خيبة أمل أو غضبًا من المجتمع، أو من الظروف، أو حتى المواقف البسيطة التي اصطدم فيها مع المحيطين به، وترجم كل تجاربه، ومشاعره، ونقده، لنكت على لسان هذه الشخصية الخيالية.
وجمعت صفحة "الضفدع كيرميت" معجبين ومتابعين تجاوزوا ال900 ألف شخص، وذلك في عام واحد، جراء تناول السخرية على تعاملات الناس في بعض المواقف، يقول "أحمد التلاوي" أحد آدمنز الصفحة: "فكرة الضفدع كيرميت جاءت لنا من نجاحه في برنامج عالم سمسم، واشتهر جدًّا فقررنا نعمله بيدج كوميدية، والفانز هما اللي دعمونا طبعًا، ومعي زميلي عبدالرحمن خالد وهو صاحب الفكرة".
مضيفًا: "النكت ساعات بتبقى من دماغنا وساعات بنستعين ببيدجات تانية، وبنركب النكت ع الصور ببرنامج «Photoshop» وتصل اللايكات على النكتة لأكثر من 10 آلاف أحيانًا، بل هناك ما وصل ل12000 معجب وهى تحب تنصح الأجيال الجاية بإيه؟ أنصحها ما تجيش!! وكذلك آخر ما كتبناه على الصفحة وانتشر وشيره ناس كثيرة ووصل المعجبون لأكثر من 13000 وفى عز النحس اللي انت فيه .. ييجى حمار ويحسدك!".
السيسي أم كيرميت؟
ويعشق المصريون النكتة والكوميديا حتى ولو كانت سوداء، لذلك كان نصيب قائد الانقلاب السيسي منها حظًّا وافرًا، فقد تعرض "السيسي" في أول خطاب صريح له بعد انقلاب 3 يوليو إلى زلة لسان على الهواء، وقال بالعامية:"اللي ميرضيش ربنا إحنا هنبقى موجودين معاه، وندعمه ونأيده".
العبارة أدهشت المصريين وأثارت سخريتهم، وأظهر نشطاء التواصل الاجتماعي ما في تلك العبارة من تناقض، مشيرين إلى أن السيسي قال بلسان الحال ما يقوم به فهو يفعل كل ما لا يرضي ربه ويدعمه ويساند كل من يفعل ذلك.
ثم جاءت العبارة الثانية الأشد سخرية ردًا على سؤال أحد الإعلاميين، عن سبب التأخر في الكلام، فقال "السيسي" خلال لقائه وفدًا من الأدباء والمثقفين، عن سر تأخره في الكلام قائلاً: "لأن أنا الكلام عندي بيعدي على فلاتر .. فلتر الصدق .. فلتر الأمانة .. فلتر الحق .. وده يرضي ربنا أقوله وللا لأ .. تصور حضرتك كل كلامي كده .. بتعذب أوي عشان بتكلم".
وواصل قائد الانقلاب تفوقه على الضفدع "كيرميت" مع تلك العبارة، في معرض حديثه عن الأزمة الاقتصادية في مصر؛ حيث توجه "السيسي" بالدعاء إلى الله عز وجل، قائلاً: "يا رب ظروفنا صعبة، يا رب حضرتك تساعدنا"، خلال حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الحربية.
وخلال لقائه مع ذوي الاحتياجات الخاصة قال "السيسي" موجهًا كلامه لمستمعيه: "ربنا قالي أنا هخلي الملايكة معاكم .. عاوزين نوجه أحلى تحية للملائكة"!.
هل يتراجع الضفدع "كيرميت" ليفسح مكانًا للسيسي ابن النكتة السوداء؟!