مرت الأذرع الإعلامية مرور الكرام على نتائج المباحاثات الثلاثية بين مِصْر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة، التى جرت وقائعها بالخرطوم لتسفر عن مزيد من الفشل وقلة الحيلة لدبلوماسية السيسي، رغم اعترافها أن أديس أبابا تتلاعب بالمِصْريين من أجل كسب الوقت فى أمر حسمت نتائجه مسبقًا. إثيوبيا -التى أجبرت دولة السيسي على الركض خلفها "كعب داير" من مائدة مفاوضات إلى أخرى، ومن مكتب هندسي إلى ثانٍ- تحتفظ داخل أدراج الحكومة بوثيقة وقع عليها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ تعترف بحق بلد المنبع فى بناء السد وتحرم مِصْر من حقها التاريخي فى مياه النيل، وهو الأمر الذى يمنحها اليد الطولى على مائدة المفاوضات وعزز من قوتها الدبلوماسية توافق السودان مع رؤيتها حول السد، لتصبح يد العسكر مغلولة فى مواجهة العطش المرتقب. غير أن وزير خارجية العسكر سامح شكري تفوق فى معركة دبلوماسية أخرى، على "الميكرفون" الخاص بقناة الجزيرة الإخبارية، بعدما تخلى الرجل عن كافة الأعراف الدبلوماسية، وتصاغر على مائدة المفاوضات ليلقي ب"المايك" أسفل الطاولة. وخرجت الأذرع الإعلامية لتبارك بطولة الوزير فى معركة البقاء مع "المايك الجاسوس"؛ حيث أكد محمد شردي –عبر برنامجه على فضائية "المحور"- أن شكري لم يعجبه حضور "الجزيرة" لفعاليات المؤتمر ولكن ثقله الدبلوماسي منعه من طلب إبعادها. وأضاف شردي أن وزير الخارجية أبعد "الميكروفون" من الجلسة العلانية، حتى يتحدث إلى الوفد المرافق له بكل أريحية، دون أن يترك الفرصة ل"الجزيرة" لنقل ما يقول. انتصار الوزير فى موقعة "الميكرفون" بيّض وجه الدبلوماسية "الماسرية" فى النزاع الدائم بين دولة العسكر القوية والفضائية القطرية، وبرهن على أن خارجية الانقلاب تمتلك أدوات القوة فى المواجهات الخارجية، حتى وإن جنت الفشل تلو الآخر فى مباحثات الأمن القومي لاسترداد حصة مِصْر فى مياه النيل.