كشفت كارثة سقوط الطائرة الروسية فى سيناء عن حالة الارتباك التى تسيطر على مؤسسات العسكر، فى الوقت الذى حاولت الأذرع الإعلامية تمرير الأزمة عبر اختلاق الأكاذيب والتعتيم على الرأي العام بتعرض مِصْر لمؤامرات كونية من أجل تبرأة الانقلاب من تهمة الفشل، حتى وإن عاد المسئولون بعد ذلك لإثبات ما تم تكذيبه ابتداءً. وفى الوقت الذى توالت فيه الأحداث متسارعة عقب سقوط الطائرة الروسية خاصة فيما يتعلق بالقطاع السياحي المتهالك، التى تصاعدت وتيرتها فى أعقاب إعلان الصحف البريطانية عن تعرض طائرة تابعة لشركة "تومسون" قبل نحو شهرين من الحادثة لصاروخ نجح قائد الطائرة فى تفاديه بأعجوبة. وواصل الجانب البريطاني التلاعب بنظيره المصري عبر تقارير صحفية تؤكد الحادثة، وكشف الكريملين عن تلقيه معلومات من الاستخبارات البريطانية حول حادثة الطائرة الروسية، وإصدار حكومة ديفيد كاميرون قرارًا بحظر السفر إلى مِصْر وإجلاء الرعايا، ما دفع الخارجية المِصْرية للاعتراف بواقعة إطلاق صاروخ من طراز أرض-أرض، ولكنه لم يهدد طائرة "تومسون"، ليفاجئ وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند الجميع بنفي واقعة تعرض طائرة بلاده لهجوم صاروخي. وفى ظل المشهد الضبابي المسيطر على الأوضاع فى سيناء، كان التعاطي الإعلامي مع الحادث لا يختلف كثيرا عن التخبط المسيطر على أروقة الدولة العسكرية، فتوالت العناوين على مانشتات الصحف من نوعية "السائحون يرفضون مغادرة البلاد"، "شرم الشيخ تتحدى الأزمات"، "الشعب يتحدى المؤامرة"، و"مصر تتحدى إرهاب الغرب". شبكة "الجزيرة" الإخبارية، رصدت الوضع المضطرب فى مِصْر -فى تقرير لها-، مؤكدة أن إدارة النظام المصري للحادثة أثارت انتقادات دولية، إذ قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن مهارة النظامين المِصْري والروسي فى الكذب أعلى بكثير من مهارتهما في محاربة الإرهاب. وأضاف التقرير: "كشفت حادثة تحطم الطائرة منذ بدايته عن إرباك داخل أروقة الدولة، فتجسيدًا لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب -على ما يبدو- اختارت مِصْر أيمن المقدم رئيسا للجنة التحقيق في حادثة الطائرة المنكوبة، على الرغم من أن هذا الشخص هو أول من أعلن وقت سقوط الطائرة أنها بسلام وغادرت مِصْر ووصلت تركيا واتصلت ببرج المراقبة". ورصد التقرير تدفق التصريحات المتخبطة التى كشفت عقلية صناعة الأكاذيب المسيطرة على الانقلاب، متابعا: "لم يتوقف سيل التصريحات المِصْرية عند هذا الحد بل أكد مسئولون أن قائد الطائرة أرسل استغاثة بسبب عطل فني". وتابع: "أما الأزمة الأخرى، فقد شككت الحكومة المِصْرية فيما كشفت عنه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، عن أن طائرة بريطانية نجت قبل شهرين من صاروخ أطلق في أثناء تحليقها فى شرم الشيخ، ورغم نفي الجانب المِصْري فى البداية إلا أنه سرعان ما تكشفت الحقائق على لسان متحدث وزارة الخارجية الذى أكد أن صاروخ "أرض-أرض" أطلق من قاعدة عسكرية قريبة من مطار شرم الشيخ". وبين أزمة الطائرتين الروسية والبريطانية وقف الإعلام المِصْري يحلل ما جرى بأسس علمية، ساخرًا من عقلية المشاهدين، تاركًا الأوضاع فى سيناء خارج نطاق السيطرة فى ظل تدفق فرق التحقيقات الروسية، ومطالب بريطانيا بنشر قوات تضمن ملاحقة عناصر "ولاية سيناء"، والتوجه الأمريكي بإعادة تموضع قوات التحالف فى منطقة الشرق الأوسط.. بينما يبحث السيسي عن غلة من "الرز" على عتبات المؤتمر "العربى-اللاتيني".