وقف قائد الانقلاب منتفخ العروق مكفهر الوجه، ليعبر بغضب مفتعل وعصبية تجسد تضخم الأنا داخل ذاته العسكرية، عن استيائه الشديد من عتاب أحد الإعلاميين لتعامله الرخو مع مأساة غرق الإسكندرية أواخر الشهر المنصرم، وتجاهل التعامل بشكل مباشر مع الأزمة بسبب اجتماعه مع رئيس شركة "سيمنز". السيسي وقف مفاخرًا بأن تدخل القوات المسلحة حل مشكلة غرق الإسكندرية خلال 48 ساعة فقط، بعدما أطاح بمحافظ "التاتو" هاني المسيري المدني الوحيد في دولاب المحافظة، واستعان بأحد اللواءات ليكمل 9 جنرالات تسيطر على عروس البحر المتوسط، في إشارة ضمنية أن العسكر وحدهم القادرين على حل الأزمات وفوق مستوي الحساب إن تسببوا في الكوارث. ولأن السيسي دخل في وصلة تقريع للشعب بأكمله في صورة الإعلامي المتحزلق: "أحد الإعلاميين انتقدني أثناء تغطية غرق مدينة الإسكندرية بمياه الأمطار، ميصحش كده، هذا أمر لا يليق، إحنا بنتجاوز في كل حاجة.. إيه الشغل ده؟، أنتوا بتعذبوني إن جيت هنا ولا إيه؟ الدولة هتضيع بالطريقة دي، إحنا كده بننشر جهل ومش بننشر وعي حقيقي"، جاء الرد سريعا ومباشرا وبذات الطريقة وفى نفس المكان وبكارثة أكبر وأفضح وأعمق أثرا. لم ينتظر أحد ظهور السيسي مجددًا للحديث عن الإسكندرية التي غرقت حتى أذنيها في مياه الأمطار فخرجت بأكملها من الخدمة، بشلل مروري تام امتد إلى كافة مناحي الحياة، بعدما غمرت المياه اليابسة ولم يعد هناك حدا فاصلا بين البحر والبر، فقرروا أن يجسدوا المأساة بكافة تفاصيلها على مواقع التواصل الاجتماعي ليفضحوا عجز العسكر وفشل دولة الانقلاب. «#الإسكندرية_بتغرق» هاشتاج تجاوز حدود الكلمات بعدما وجد النشطاء الصورة تُغني ألف كلمة وتأثيرها يتجاوز حدود الجمل التى قد تثير غضب الذات السيساوية، فنشر الناشط والصحفي محمد أبو المجد صورة مأساوية لنفق أبو قير، قائلا: " فاكرين الصورة دي.. ده المكان اللي كان واقف فيه الظابط أبو كرش من أسبوعين، النهاردة معادش فاضل حتة يقف فيها أبو كرش.. إسكندرية غرقت أكثر من المرة اللي فاتت". وسخرت أم عمر من ذات الصورة، وأعرب عن قلقها على الضابط نفسه، قائلة: "يكونش غرق، ولا طفا لحد ما وصل صقلية"، فيما تهكم الكاتب الصحفي محمد حسين: "قعدتوا تتريقوا على الراجل.. أهو فضى الميه اللي في كرشه وغرق المكان". وكتب الصحفي أسامة عبدالرحيم من المشهد المرير: "إسكندرية يا أجدع ناس.. ال# سابها بتغرق، من سيدي بشر لأبو العباس.. الميا دخلت ع المطبخ! #إسكندرية_بتغرق"، فيما اعتبر الناشط صابر محمد عبدالشافي غرق عروس البحر المتوسط من انجازات السيسي: "بركات البومة ابن الفقرية اللي هايخلي ايام المسريين كلهم ليل". وأعرب إسلام بن السيد عن قلقه من الورطة التي وضعت الأمطار دولة السيسي فيها، قائلا: "هتشيلوا مين المره دى؟ المحافظ واتشال، فاضل مين! ماحدش عارف ينزل شغله ولا الكلية ولا ينزل يجيب أكل"، مضيفا: "المره اللى فاتت غرقنا وعملنا هاشتاج #إسكندرية_بتغرق، طب بالمنظر دا هيحصل فينا ايه؟ احنا فى رعب اقسم بالله". وعادت منازل الإسكندرية لتتحول إلى مستنقعات تطفو على سطحها أثاثات البيت، بينما غمرت المياه السيارات فتحولت الطرق إلى ممرات مائية، وهو ما استشعرت معه الناشطة لميس لمعي أزمة العسكر وقدمت الحل لقائد الانقلاب: "المرة اللي فاتت أقلت محافظ الإسكندرية ولسه إسكندرية غرقانة، جرب كده ترجعه وتشيله تاني". عاد المشهد المأساوي يسيطر على شوارع الإسكندرية، فيما خرست ألسنة الإعلام بعد تهديد السيسي، وبقي التواصل الاجتماعي يفضح فشل قائد الانقلاب الذى يحط رحاله الآن فى لندن بحثا عن انبطاح جديد على عتبات العسكر، وترك التساؤلات تجوب الفضاء الإلكتروني: "إن فين يا بتاع سيمنز".