الفريق الرئاسى تجربة مصرية جديدة فى إدارة الرئيس للدولة الرئيس أطلق الفكرة فى برنامجه الانتخابى ولم يتأخر عن تنفيذها عقب فوزه مصر تدخل عهد الجمهورية الثانية بقوة؛ وأبرز ما فى هذه الجمهورية هو المؤسسية فى الحكم، أحد السمات الرئيسية للنظم الديمقراطية، وهو ما كنا نفقتقده فى الجمهورية المصرية الأولى؛ حيث الرئيس هو الآمر الناهى، وحيث تختلط الأمور بين صنع القرار وإصداره، فلا نعلم من صنع القرار وكيف صنعه، ولكن نعرف فقط من أصدره. نَبَعت فكرة الفريق الرئاسى بالأساس خلال حملة الرئيس مرسى الانتخابية عندما دعا البعض إلى تشكيل مجلس رئاسى على غرار بعض الدول الأخرى غير المستقرة سياسيا، وهو نموذج لا يصلح لمصر، بينما توقع آخرون أن يكون مرسى كسابقيه من الرؤساء يتخذ القرار "الفرد"، بينما كانت رؤية البرنامج الانتخابى للرئيس مرسى هى أن يكون هناك فريق يساعد الرئيس عبر مؤسسة الرئاسة، ويكون الرئيس فى النهاية صاحب القرار والمسئول عنه لكن بعد عملية صناعة للقرار تقوم على استشارة وأخذ رأى أهل الخبرة والكفاءة من التخصصات والتيارات المختلفة. مؤسسة الرئاسة يمكن أن نتصور شكل مؤسسة الرئاسة على هيئة هرم، على قمته الرئيس الدكتور محمد مرسى المنتخب شعبيا، ويليه نائب رئيس -سيصدر بيان تفصيلى بصلاحياته ومهامه- وهو المستشار محمود مكى، أحد رموز استقلال القضاء، يلى ذلك 4 من المساعدين وهم: د. باكينام الشرقاوى للشئون السياسية والتى قالت فى مؤتمر صحفى عقب لقاء الرئيس بمساعديه الأحد الماضى إن مهامها الأولية تتمثل فى معاونة الرئيس كهمزة وصل مع بعض الجهات الحكومية وفتح قنوات اتصال مع الجهات والتيارات السياسية، وطرح رؤى إستراتيجية، والتواصل مع المراكز البحثية لتقديم رؤى وأطروحات تفيد فى عملية صنع القرار، وهناك المفكر سمير مرقص مساعدا للرئيس لملف التحول الديمقراطى، وهو من الباحثين المعروفين فى مجال وشئون المواطنة، ويحظى بالقبول فى الأوساط السياسية والبحثية المختلفة، ود. عصام الحداد مساعدا للسيد الرئيس لشئون العلاقات الخارجية والتعاون الدولى، وللحداد خبرة فى هذا المجال ويعنى وجوده فى مؤسسة الرئاسة الاستفادة من شبكة علاقاته الواسعة فى الخارج سواء مع مؤسسات أو حكومات قائمة لخبرته السابقة فى هذا المجال، وأخيرا د. عماد عبد الغفور -رئيس حزب النور- مساعدا للسيد الرئيس لملف التواصل المجتمعى وهو الملف المهم المنتظر للدكتور عماد للتواصل مع المجتمع ولتواصل المجتمع مع مؤسسة الرئاسة. يلى ذلك فى مؤسسة الرئاسة مجموعة من المستشارين المتخصصين فى مجالات فنية محددة، ويمكن أن نعتبرهم موظفين يصدر لهم قرارات وتكون لهم درجات وظيفية مثل المساعدين والنائب أيا كانت درجتهم الوظيفية أو مسماها والذى سيتحدد بعد ذلك، ومن هؤلاء المستشار محمد فؤاد جاد الله فى الشئون القانونية، ويحيى حامد فى العلاقات العامة، وأسعد الشيخة والدكتور كمال الجنزورى مستشارين اقتصاديين والمشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان مستشارين للشئون العسكرية. وهناك الهيئة الاستشارية التى تعبر عن ضمير الأمة ليس لها مسمى وظيفى بالرئاسة، لكنها نخبة تعبر عن التيارات السياسية الموجودة وفى تخصصات مختلفة وسيشكل لها أمانة عامة وسيكون لها اجتماعات دورية برئيس الجمهورية. ربما يحمل بعض أعضاء الهيئة الاستشارية ملفات بعينها ويتواصل مع مؤسسة الرئاسة والمساعدين من خلال هذه الملفات، كما أن الدور الرئيسى للهيئة الاستشارية -كما قال الصحفى أيمن الصياد، عضو الهيئة فى المؤتمر الصحفى عقب لقاء الرئيس، الأحد الماضى-: إن وجود الهيئة الاستشارية بما تمثله كعقل جمعى للأمة أمر مفيد وسابقة أن يكون لدينا رئيس يستمع، مؤكدا أنها ميزة يجب أن نحافظ عليها ونعمل على أن نوصل ما لدينا له. وتتنوع التخصصات والمسارات داخل الهيئة؛ فهناك 4 من الحقل الصحفى بتنوعاته؛ فهناك سكينة فؤاد الكاتبة الصحفية، وأيمن الصياد الصحفى والمفكر، وفاروق جويدة الصحفى والشاعر، وعمرو الليثى الصحفى والإعلامى، كما يوجد متخصصون فى التكنولوجيا والطب والهندسة والشئون السياسية وغيرها. ومن ناحية التوجهات، هناك السلفيون والإخوان والإسلاميون المستقلون والناصريون والليبراليون والمستقلون، مما يؤكد أن الفريق يعبر فعليا عما يمكن أن نسميه ضمير الأمة أمام الرئيس ينقل للرئيس هموم ومشاكل المجتمع بالتعاون مع مؤسسات أخرى ويطرح عليه الحلول والأفكار لبعض المشاكل والأزمات القائمة. ثم هناك ديوان الرئاسة والذى يأتى على رأسه السفير الثائر رفاعة الطهطاوى، والمتحدث الرسمى الدكتور ياسر على، ومدير مكتب الرئيس د. أحمد عبد العاطى، وسكرتيره الشخصى خالد القزاز، ومسئول صفحة الرئيس على فيس بوك الصحفى وائل الحدينى، وهناك تصورات فى طريقها للتنفيذ لتطوير ديوان الرئاسة بتعيينات جديدة أو إنشاء إدارات جديدة مثل الإدارة الإعلامية التى سيتم إنشاؤها رسميا وتتولى ملف الإعلام؛ إضافة إلى ما قيل عن تطوير الهيئة العامة للاستعلامات وضمها لمؤسسة الرئاسة. نمط جديد وعند الحديث عن شكل الفريق ومهامه واختصاصاته يحاول البعض استدعاء تجارب دولية أخرى مهمة، ولكن المتوقع أن يتم الاستفادة منها فى إطار التجربة والخبرة المصرية أيضا، فالتجربة الأمريكية والأبرز فى هذا المجال تناسب الخصوصية الأمريكية، وإن كان يمكن الاستفادة منها مع خبرات دولية أخرى فى إطار البيئة المصرية لنخرج بخبرة مصرية، لذلك كانت المفاجأة التى طرحها الرئيس مرسى على مساعديه والهيئة الاستشارية فى اجتماعه الأول بهم هى: ما تصوركم لعملكم وليس هذا قرارى لطبيعة عملكم ومهامكم، وهو ما وصفه الصياد بالأمر الجيد؛ حيث كان فى الماضى يصدر القرار وينفذ بصيغته بينما الجلسة كانت للتشاور للاتفاق على الإطار المحدد لعمل الفريق. وأكد الصياد أن الأمر الجيد أن الاجتماع الأول للهيئة الاستشارية كان استشاريا للاتفاق على طبيعة عملها وهو أمر غير مسبوق. وهو ما أكدته الشرقاوى أن الاجتماع كان مبدئيا وتشاوريا، وأن الرئيس لم يفرض مهام بعينها على المساعدين، بل استمع وترك الفرصة لهم عدة أيام للتوافق على طريقة العمل، كما أن توزيع المهام ليس نهائيا، بل قابلا للنقاش والتطوير للوصول إلى أفضل صيغة يتم إنجاز العمل بها فى المستقبل. إذن أولى خطوات الفريق الرئاسى هى الشورى والحوار، وأن يترك للفريق تحديد صلاحياته ومهامه، ويدور نقاش مع الرئيس بشأنها فى الاجتماع القادم كى يصدر قرارا رسميا بصلاحيات ومهام المساعدين والهيئة الاستشارية ونقدم خبرة مصرية جديدة يستفيد بها الآخرون من المؤسسات فى الدول والقادم من الأنظمة فى مصر وتجربة غير مسبوقة لمؤسسة الرئاسة فى حكم مصر المحروسة.