جامعة كفر الشيخ تنظم فعاليات المسابقة الكشفية الفنية لجوّالي الجامعة    محلية النواب: قوانين الانتخابات اتسقت مع الدستور وراعت التمثيل العادل    النائب محمد زين الدين: قانون مياه الشرب يدعم توجه الدولة في مشاركة القطاع بالاستثمار    شركة تنمية الريف المصرى تفتتح عددا من المشروعات التنموية والمبانى الخدمية بأراضى ال1.5 مليون فدان    انطلاق الندوة الخامسة من سلسلة ندوات حول الزراعة الذكية    مسؤول إسرائيلي: إسرائيل أصبحت معزولة تقريبا عن معظم شركائها التقليديين بسبب موقفها في الحرب وسلوكها حيال القضايا الإنسانية    مدير إعلام الهلال الأحمر: أقل من 100 شاحنة لا تكفي لمليوني فلسطيني في غزة    ماذا قالت باكستان عن قرار الهند بتعليق معاهدة مياه نهر السند؟    مصر تهنئ الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    ليفاندوفسكي ولامين يامال يقودان قائمة برشلونة أمام أتليتك بيلباو    الأهلي يحيى ذكرى تتويجه الأخير بدوري أبطال أفريقيا    محامي دولي: أتوقع أن تخصم المحكمة الرياضية الدولية 6 نقاط كاملة من الأهلي    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح بجائزة أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي    «خطاب وجهات واستفسار».. بيراميدز يصعد أزمة تأجيل سيراميكا بخطوة جديدة    ريال مدريد يعلن إصابة نجم الفريق «تفاصيل»    حبس مدرس متهم بالتحرش بطفلة أثناء التدريس في الشرقية    بالاسم ورقم الجلوس.. موعد نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 في محافظة الإسكندرية    غدا.. انطلاق الدورة الخامسة من مهرجان القاهرة للسينما الفرنكفونية.. وتكريم خاص لليلى علوي ومحمد سلماوي    «قلوبهم سودة ونواياهم خبيثة».. احذروا من هذه الأبراج    الدكتور سامح سعد في ضيافة أولى حلقات برنامج كلام في العلم على القناة الأولى قريبا    "عبدالغفار" يشارك في إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار الجين الرياضي    وكيل وزارة الصحة بالمنوفية: تحويل المدير المالي والمتغيبين عن العمل وممرض بمستشفى تلا للتحقيق    منظمة الصحة العالمية تدعو الحجاج إلى اتخاذ الاحتياطات الصحية اللازمة خلال مناسك الحج    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    الصحة: إجراء الفحوصات الطبية ل 117 ألف مواطن من طالبي كارت الخدمات المتكاملة    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    فريق فيلم "أسد" يحتفل بعيد ميلاد محمد رمضان.. (فيديو)    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    تأييد حكم المؤبد لموظف قتل شخصا بسلاح ناري بالعبور    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    تأجيل استئناف المتهمين بتجارة المخدرات وغسيل الأموال على حكم سجنهم بالمؤبد    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    20 يوما على امتحانات الثانوية العامة.. تعرف علي موعد إعلان أرقام الجلوس للطلاب    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    وزير الإعلام الكويتى يؤكد حرص بلاده على دعم وحدة الصف الخليجي    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود الإبداع.. الجدل مستمر

مؤيدو "الفن للفن": الإبداع مطلق بلا رقيب وليس مدرسة للأخلاق الحميدة
فريق "المسئولية الاجتماعية": الإبداع وظيفة ورسالة.. ولا حرية دون ضوابط
محمد السيد عيد: القيود تدفع المبدع لتسخير إمكاناته فى خداع الرقيب
فؤاد قنديل: إذا لم تكن للعمل الإبداعى رسالة.. فالحبر الذى كُتب به قد ذهب هدرا
حسن الجوخ: الإبداع يدعم القيم الأخلاقية بشكل غير مباشر.. وتقاليد المجتمع خط أحمر
فجر عاطف صحصاح
تشهد الساحة الثقافية جدلا واسعا حول قضية الإبداع.. تعريفه.. وظيفته.. ضوابطه.. وتنعكس الخلافات الأيديولوجية على تقييم كل فريق للقضية، حيث يرى البعض أن الإبداع مطلق لا حدود له، وأن الفن لا بد أن يكون صادما وليس مدرسة للأخلاق الحميدة.
غير أن هناك رفضا واسعا لهذه الدعاوى التى تتعارض مع هوية المجتمع، ويؤكد الكثيرون أن للإبداع وظيفة قيمية ورسالة هادفة والحرية مقرونة بالمسئولية، وأن أفكار الصدمة أو الفن للفن وغيرها خاطئة ومدمرة، فضلا عن أنها مدارس وتوجهات ليس من الضرورى العمل بها، خاصة أنه يقابلها مدارس إبداعية أخرى، فالقاعدة أنه لا توجد حرية مطلقة، فلا يصح مثلا أن أساهم فى انهيار مجتمع بدعوى "أنى حر"، والضابط "أنت حر ما لم تضر".
وفى هذا التحقيق، نعرض لآراء المؤيدين والمعارضين حول وظيفة الإبداع، وحدوده وآليات ضبطه.
لا إبداع بلا حرية
بداية السيناريست "محمد السيد عيد": يعرف الإبداع بأنه "الخلق على غير مثال"، أى ليس تقليدا لأحد، أما القيم التى يدعمها فتختلف من مبدع لآخر، ومن عمل لآخر، لكن بوجه عام القيم الإبداعية منها ما هو إيجابى يساهم فى بناء الإنسان والمجتمع، ومنها ما هو سلبى وهو كل ما لا يفيد أو ربما يسبب أضرارا.
يضيف: إن فرض قيود على العمل الإبداعى مسألة مرفوضة، حيث تؤدى بالمبدع إلى أن يستخدم إمكاناته الفنية لخداع الرقيب، فمن جهتى مثلا فقد سبق أن قدمت مسلسل "الزينى بركات" وكنت من خلاله أقدم رسائل ناقدة للنظام، ولكن فى إطار تاريخى للخديعة.
ومن وجهة نظرى فيما أقدمه من أعمال مثل "قاسم أمين"، "على مبارك" وغيرهما، أرى أن الإبداع لا بد له من رسالة مجتمعية؛ لكنى مع ذلك لست ضد من يخالفون هذا التوجه، ويرون أن الفن أو الإبداع هما غاية فى حد ذاتهما، طبقا لمدرسة الفن للفن، وأؤمن بأن الرسالة الإبداعية هى ما ينبع من داخل الكاتب وليس من القوانين أو الرقابة وقواعدها.
وتابع: طبقا لهذا يكون الالتزام أمرا نابعا من داخل الكاتب نفسه، وهو الذى يصوغ القواعد التى يسير عليها فى عمله؛ فقد يرى المبدع ألا يتبع قيم المجتمع الذى يعيش فيه، ويسعى فى ذلك للتأسيس لقيم جديدة، مثل "قاسم أمين" حين طرح فكره لأول مرة.
ويشير تحديدا إلى الضوابط الأخلاقية فى الأعمال الإبداعية، فيقول: أحيانا الكاتب يريد أن يكون صادما، فمثلا فيلم "حين ميسرة" للمخرج "خالد يوسف"؛ فهو رغم ما به من مشاهد خارجة؛ إلا أنه ينبه إلى أخطار حقيقية جسيمة يمر بها المجتمع، مثل قضية أطفال الشوارع التى ثبت بعد الثورة أنها كانت كالقنبلة الموقوتة، أيضا مسرحية "الشيطان يسكن فى بيتنا" للكاتب "مصطفى محمود" ترتدى فيها البطلة ثيابا قصيرة، لا لأن الكاتب ليس لديه أخلاق، ولكنه يريد تسليط الضوء على النماذج التى تسير خلف الغرب بعينين مغلقتين، وكل تلك الأمثلة ينطبق عليها مبدأ إهمال الشر الجزئى فى مقابل الخير الكلى الذى سيعم مع إحداث الصدمة من تلك الأعمال.
وردا على سؤال حول السبب فى عدم تقديم تلك الأفكار الجيدة بأساليب وضوابط أخلاقية، يقول عيد: لماذا أغير الإطار، طالما أنه قادر على توصيل الفكرة، فالفن ليس مدرسة للأخلاق الحميدة، ولكنه عمل إبداعى له مهامه وظروفه التى ينبغى ألا تفرض عليها القيود التى تكبلها، بل يترك الأمر للمبدع نفسه فى تقييم واختيار ضوابطه بنفسه!
رقابة تليفزيونية
وبنظرة من يعيد قراءة الفكرة الإبداعية من جديد، توافق د. عبلة عثمان -أستاذ سيكولوجية الفن بجامعة حلوان- على فرض قيود معينة على الأعمال الإبداعية التى تأتى للفرد وتقتحم عليه بيته، مثل الأعمال التى تقدم فى التليفزيون، ويكون بها خروج على المألوف كاستخدام ألفاظ نابية.
وترى أنه من الملائم تقييد تلك الأعمال، ولكنها -فى الوقت نفسه- ضد تقييد الأعمال عامة التى يذهب إليها الإنسان بنفسه مثل السينما والفن التجريبى، فهى لا ترى تماما أهمية وضع ضوابط أو قيود على الأعمال التى تعرض فى السينما؛ لأن من يذهب إليها يختارها بإرادة حرة.
وتضيف "أنا غير مقتنعة بضرورة وضع قيود على الأعمال الإبداعية، خاصة فى السينما، ولكن الضوابط نضعها للأخلاق الذاتية، التى تنتقى وتختار، ثم تفرض إرادتها بعد ذلك".
وعن المدارس والرؤى الإبداعية المختلفة، تقول: أقبل الوضع الوسط بين أن يكون للإبداع وظيفة مجتمعية من جهة، وبين أن يكون هناك إبداع لمجرد الإبداع، فالنوع الأول هو من قبيل "القوى الناعمة" التى باتت أداة تغيير، أما النوع الثانى فهو قد لا يهتم بالأخلاق أو المجتمع، ولكنه ينظر إلى إنتاج جمالى بغض النظر عن الأدوات والأساليب التى يعبر بها، والمبدع هنا يكون مبدعا "مجددا" يرفض المسايرة الاجتماعية أيا ما كانت –سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية ربما- ويخرج عن المألوف، فهو يستمتع بالتغيير، وهى حالات نادرة وقليلة، ولكنها مطلوبة تماما مثل النمط الأول، حتى لا يكون الإبداع كله على شاكلة واحدة.
وتوافق د. عبلة على وجود ضوابط قانونية مسبقة تمثل الضمير الاجتماعى العام، ويكون المبدعون على علم بها، حتى يتم الاحتكام إليها حين الاختلاف، ولكنها تعود فتقول: من الأفضل أن يضع الضوابط المبدعون أنفسهم؛ لأن المبدع فى بعض الأحيان يكون سابقا لعصره، ولا يصح أن يضع له الضوابط أناس عاديون قد لا يعون شيئا عن إبداعه، فعلى الأقل يشارك المبدع فى صياغة الضوابط، وحتى إذا لم يقبل فى النهاية القواعد الحاكمة فعليه أيضا أن يعود فيحتكم للقانون.
وتتابع: المشكلة أيضا أن البعض يفسر القانون أو الدين من وجهة نظره الخاصة بما لا يرضى آخرين، والأولى من كل ذلك أن نترك الأمر لشد وجذب المجتمع، فيلفظ المجتمع ما يرفضه، ويبقى على ما يريده. وعموما القضية بالفعل شائكة وتحتاج إلى جدال كثير ومناقشات عدة ربما تسفر عن تصور أفضل.
لا حرية بلا ضوابط
من جانبه، يرى الأديب حسن الجوخ أن الإبداع هو ما لا يدعم القيم بشكل مباشر، ولكنه يحث عليها دون مباشرة، بل يستطيع العمل الإبداعى أن يرسخ القيم ويعمقها، فمما لا شك فيه أن الإبداع لا بد له من وظيفة أو رسالة؛ ومن ذلك ترقيق وتهذيب المشاعر، ودفع المجتمع لما هو أفضل، ونبذ ما هو سيئ.
ويضيف: بالطبع هناك ضوابط عامة يجب ألا يخرج عليها أى عمل إبداعى، ومن أهمها تقاليد وأعراف المجتمع وقيمه، فلا يصح مثلا أن أكتب عملا يحض على السُّكْر والخمر أو يشجع على الجريمة.
ويرى أن أفكار الصدمة أو الفن للفن وغيرها مدارس وتوجهات ليس من الضرورى العمل بها، خاصة أنه يقابلها مدارس إبداعية أخرى، فالقاعدة أنه لا توجد حرية مطلقة، فلا يصح مثلا أن أساهم فى انهيار مجتمع بدعوى "أنى حر"، والضابط هنا "أنت حر ما لم تضر".
ويتفق معه خليل الجيزاوى –الروائى ومدير عام الإدارة العامة للشئون الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة- الذى يقول: إن العمل ما دام إبداعا فيعنى أنه اختيار، فالكاتب هنا عليه أن يختار أفضل ما لديه، وهذا يعنى أن يضع كل ما لديه من أفكار وعبارات ومعان فى مصفاة، ليحذف منها ما يتناقض مع القيم الدينية والذوق العام وما يخدش الحياء، وهذا كله مما لا يتعارض مع حرية المبدع؛ لأن الحرية مقرونة بالمسئولية وليس بالفوضى.
أما مدرسة الإبداع للإبداع، فهى –من وجهة نظر الجيزاوى- مقولة خاطئة، لأننا نعيش فى مجتمع إسلامى له قيمه وأخلاقه التى تسود، والتى لا بد أن نعمل فى إطارها، فهل يستطيع إنسان مثلا أن يسافر خارج البلاد دون جواز للسفر، أو يضع قدمه فى طائرة دون أن يلتزم بتعليمات القائد، وقد تعلمنا من القصص القرآنى أن نقول كل ما نريد دون إساءة، حين أشار إلى قصة سيدنا يوسف فى بلاغة ورقى غاية فى التأدب، بالتلميح دون التصريح. وأنا أميل إلى ذلك التوجه الذى يجعل الكاتب يختبر حرفيته فى توصيل المعانى، وعلى القارئ أن يفهم ما لم يصرح به أو جاء فى ثنايا السطور، وهذا بالفعل أسلوب حديث فى الكتابة يجعل القارئ يشترك فى التأليف، ويسمى "الأدب التفاعلى".
ويؤكد "الجيزاوى" ضرورة أن يكون للإبداع وظيفة تنويرية، وهى التى سادت عبر كل العصور، ومن ذلك التبليغ والتبصير بالانحراف، وتسليط الضوء على بؤر الفساد، واقتراح حلول غير تقليدية للمشكلات المعاصرة.
الحرية هى الأصل
فى السياق نفسه، يشير الروائى فؤاد قنديل إلى أن الحرية هى الأصل فى العمل الإبداعى؛ لأن الفنان عليه أن يفكر كما يشاء وينطلق دون قيود، فقط عليه أن يراعى شيئا واحدا، مسئوليته كإنسان حر، فالمبدع يتحرك فى مجتمع فيه الأطفال والصبية والشباب والفتيات، وقد يؤدى عملا ما تتأثر به فئات غير واعية، فتنزلق أقدام البعض لمواقف تعسة تحملهم للجريمة والخروج عن قيم المجتمع.
ويؤكد "قنديل" أنه إذا لم تكن للعمل الإبداعى رسالة، فالحبر الذى كُتب به قد ذهب هدرا، مضيفا أن مقولة "هذا ما يريد الجمهور" عبارة مدمرة فى كل مجال، وقد أضرت بالسينما غاية الضرر، والغريب أن معظم الأعمال العالمية الأجنبية التى حازت جوائز، يندر أن يكون فيها مشاهد غير أخلاقية فاضحة، أو هجوم على الأديان.
ويشير قنديل إلى أن الاختلاف فى التوجهات لا بد أن يحدث، ولكن لا داعى للتربص، وحتى ما نجده خارجا عن الإطار والذوق العام فى الأعمال الإبداعية، فنترك الأمر فيه للقانون وحكم القضاء، والقاضى هنا من شأنه أن يحيل العمل إلى لجنة من خبراء الأدب والنقد، ثم علينا جميعا أن نقبل بحكم القضاء، والأفضل من ذلك إيجاد جو من الحوار الهادئ بلا تقبيح أو إساءة من أى طرف.
من جهته، يقول د. يسرى العزب -الناقد الأدبى-: إن الإبداع ربما كان هو من أفضل النعم التى يمن بها المولى عز وجل على خلقه؛ حين يعطيهم القدرة على إخراج مكنون النفس الإنسانية فى شكل فنى، وهى نعمة تتعدى الأعمال الفنية لتشمل كل ما من شأنه أن يكون ابتكارا أو أمرا غير تقليدى، أما عن اختلاف المعنى المراد من شخص لآخر؛ فذلك لأن الإبداع عمل إنسانى؛ ولذا تنسحب عليه الرؤى والتوجهات البشرية لكل فرد على حدة.
أما حرية الإبداع فهى أن يعبر الإنسان عن نفسه بما يريد إعمالا لموهبته، دون قيود إلا قيد الضمير، لأنه يقدم رسالة لآخرين، فعليه أن يقدمها فى أجمل وأنبل صورة، ومن حيث الوظيفة، يرى "العزب" أن أى فن من الأساس لا بد أن يعمل فى إطار مكارم الأخلاق، فهو دعوة ومساحة مشتركة بين كافة الثقافات والأديان والحضارات، والضمير الذى تحدثنا عنه كضابط للحرية له صورة فردية، وأخرى مجتمعية عامة.
وحين الاختلاف يتم الاحتكام لمشايخ ورواد الإبداع أو الفن، خاصة أن الإبداع لا بد أن تواكبه عملية "نقد"، وهى عبارة عن "التقييم" لإظهار القيمة الفنية والجمالية للعمل، وأيضا تعنى "التقويم" لإصلاح العمل الإبداعى وإخراج ما به من سلبيات. إذن المسألة ليست بجديدة أن يتم مناقشة الأعمال، سعيا بها إلى النموذج الأفضل. أما تذرع به البعض بأنهم يقدمون ما يريده الجمهور، فهو لا يعنى إلا تحويل الموهبة إلى سلعة تجارية للاستهلاك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.