في تلخيص لوضع مصر الراهن قال موقع "ميدل إيست مونيتور": ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فكما أصدر فرعون أوامره بقتل كل ذكر يولد بعد أن يئس من السيطرة على الشعب الذي وجد منه تهديدًا لسلطانه، ها هو النظام المصري يمنع اليوم أي شكل من أشكال المعارضة، وتتصاعد وتيرة انتهاكاته ضد حقوق الإنسان بعد أن استنفد كل ما لديه للسيطرة على الشعب، في محاولة لإحكام سيطرته التي بذل لفرضها كل ما يملك من قوة لكن دون جدوى على مدار سبعة عشر شهرًا؛ غير متردد في ممارسة قتل أو اعتقال لكل الفئات العمرية من دون تمييز. الدولة البوليسية وأضاف التقرير: كشفت الأشهر الأخيرة في مصر عن عودة "الدولة البوليسية" بكل قوة، وبأساليب أكثر وحشية من ذي قبل في محاولة للسيطرة على الحراك الثوري في الشارع بصفة عامة والجامعات المصرية بصفة خاصة. ووصل الأمر مداه إلى أن صار من الشائع الآن في "مصر الجديدة" أن يبلغ الجار عن جاره للشرطة، اعتقادًا منه أنه يخدم بلده، وهذا يذكرنا بأيام جمال عبد الناصر، الذي كان له فضل السبق في العالم العربي في الستينيات من خلال خلق دولة بوليسية تقمع بوحشية كل من يعارضها، وتغرس الخوف في أوساط مواطنيها لضمان ولائهم. وما لبثت المساحة التي اتسعت لحرية الرأي والتعبير بعد ثورة 25 يناير أن تقلصت ثانية، وعلى الساحة الإعلامية لم يتبقَّ سوى القنوات والصحف المملوكة لرجال أعمال مُوالين للسيسي، وهي لا تكف ليل نهار عن زرع الخوف في قلوب متابعيها، وتحذرهم من مغبة التفكير في انتقاد الوضع الراهن مهما كانت الانتقادات للرئيس أو الحكومة أو وزارة الداخلية أو القوات المسلحة، وأن من يُقدِم على ذلك فإنه يوضع في خانة الإرهاب. أفضل من سوريا والعراق أشار التقرير إلى أن البعض في مصر يلجأ إلى قبول الحكم العسكري المستبد بحجة أنه أفضل من السقوط في المستنقع السوري أو العراقي أو الليبي، ولا يدرك هؤلاء أنهم استسلموا لحياة استبدادية في دولة بوليسية قمعية تتغذى على استكانة شعبها للقهر والخوف. ويبدو أن مصر باتت تتخلى تدريجيًا عن الحريات التي اكتسبتها بشق الأنفس بعد انتفاضة يناير 2011 ما يعيد "البلاد مرة أخرى إلى حالتها الثورية قبل 25 يناير". ولفت إلى أن الحرم الجامعي في مصر تحول إلى ساحة للصراع بين قوات الأمن والطلاب، بدلاً من كونها ساحة تعليم وتفكير وإبداع، وتتوالى عمليات قتل واعتقال الطلاب منذ انقلاب يوليو 2013م، حيث تتوالى التقارير شبه اليومية عن اعتقالات جديدة في صفوف الطلاب من مختلف الجامعات، ومن نجا من القتل أو الاعتقال فر هاربًا إلى خارج مصر أو متخفيًا بين محافظاتها. وتابع: امتدت عمليات الاعتقال لتطال النساء بشكل لم يسبق له مثيل؛ حيث يقبع عدد كبير منهن في السجون، وجامعة الأزهر للفتيات تتواجدبها قوات الأمن منذ أكتوبر الماضي ولا يكاد يمر يوم من دون اعتقالات. وفي 19 نوفمبر اعتقلت الشرطة أكثر من 20 طالبة من داخل الحرم الجامعي، فيما تتوالى التقارير عن أعداد يومية من المعتقلاتوالمختطفات من طالبات الجامعات المختلفة في مصر. ويتساوى في الاعتقال الأساتذة والطلاب على السواء بتهمة انضمامهم ل "طلاب ضد الانقلاب" أو جماعة الإخوان المسلمين. 1984 وذكر التقرير الشرطة المصرية في 9 نوفمبر الماضي طالبًا في محيط جامعة القاهرة موجهة إليه تهمة حمل رواية "1984" للكاتب جون أوريل، الأمر الذي دفع أكاديمي مصري ليصف الأمر بالتخلف والرجعية. وفي السياق ذاته أُدين ناشطون سياسيون خلال وقت سابق من نوفمبر الجاري بتهمة خرق قانون التظاهر، مؤكدا أن الظروف الصعبة التي يعيشها السجناء في مصر أسفرت عن موت العشرات نتيجة الإهمال الطبي وسوء الرعاية، وعلى مدار الأسبوع الماضي فقط لقي أربعة معتقلين حتفهم نتيجة التعذيب أو عدم الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.