يبدو أن السباق الديمقراطي في تونس لم يضع أوزاره بعد، فلا تزال معركة الثورة التونسية هي معركة الرئاسة التي ستحسم بحق مصير التحول الديمقراطي والتغيير الثوري في تونس، التي صارت أمام إما طريق استكمال "الثورة" مع مرشح محسوب على معسكرها، أو استنساخ "بن علي جديد" بانتخاب مرشح الأغلبية البرلمانية التي أفرزتها الانتخابات " القايد السبسي" وتمكينه من الهيمنة على كافة السلطات. ويراهن المراقبون للانتخابات البرلمانية التي أفرزت توازنات جديدة، على وعي التونسيين في الانتخابات الرئاسية، فنفس الناخبين الذين عزلوا فلول بن علي شعبيا، على الرغم من أن قانون الانتخابات لم يمنعهم من الترشح، ووجهوا لهم صفعة قوية عبر صناديق الاقتراع، لكن ذلك العزل لم يطل مرشحي حزب نداء تونس الذي فاز بأغلبية الأصوات، ويضم خليطا غير متجانس من رموز النظام السابق، ومعارضين له وشخصيات من اليسار وأطرافا نقابية. وكان أبرز تلك الأحزاب الفلولية التي أسقطها التونسيون، حزب المبادرة الدستورية الذي يتزعمه كمال مرجان -آخر وزير خارجية في عهد الرئيس المخلوع- والحركة الدستورية التي تعج برموز النظام السابق. من جهته أوضح القيادي في حركة النهضة سمير ديلو، أن خسارة الأحزاب التجمعية تقرأ من أوجه مختلفة، التصويت العقابي واتجاه قواعد النظام السابق للتصويت لحزب نداء تونس، حيث إن أغلب أنصار المبادرة والحركة الدستورية لم يصوتوا لأحزابهم ودعمو الكتلة الأكبر نداء تونس"، الذي تبرأ من إعادة تكرار نظام بن علي. فيما أكد المحلل السياسي خالد عبيد أن الناخبين عاقبوا أحزاب حكومة الترويكا السابقة لا سيما حزبي المؤتمر والتكتل، والنهضة التي فازت بالمركز الثاني ولا تزال تحافظ على موقع متقدم في المشهد السياسي. ويرى عبيد أن أغلبية الأحزاب السياسية لم تفهم حقيقة تطلعات الناخبين ونبض الشارع التونسي، مشيرا إلى أنه لا يمكن فهم فوز حركة نداء تونس في الانتخابات إلا بقدرته على الاقتراب من نبض التونسيين وأولوياتهم.