أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    إسرائيل تخترق الاتفاق| الاحتلال يشن غارات جوية تستهدف مدينة غزة ودير البلح    مكافحة التطرف والإرهاب    الطقس اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025.. شبورة صباحية وتغيرات سريعة فى درجات الحرارة    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 29 كتوبر    18 قتيلا فى غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    «خطأ عفوي.. والمشكلة اتحلت».. مرتجي يكشف كواليس أزمة وقفة عمال الأهلي    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 29-10-2025 بعد الانخفاض الأخير    والد ضحايا جريمة الهرم: زوجتى على خلق والحقيقة ستظهر قريبا.. صور    وكيل زراعة شمال سيناء يلتقي مزارعي «الروضة» ويوجه بحل مشكلاتهم    حقيقة وجود تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    أشرف العربي: «المتحف المصري الكبير» تأكيدًا لقوة مصر الناعمة ومكانتها الحضارية    ننشر الأخبار المتوقعة ليوم الأربعاء 29 أكتوبر    مصابة بالتهاب الكبد وكورونا، طوارئ صحية بولاية أمريكية بعد هروب قرود مختبرات (فيديو)    خلاف أطفال يتحول إلى كارثة.. سيدتان تشعلان النار في منزل بعزبة الثلثمائة بالفيوم    مصرع وإصابة 17 شخصًا في تصادم 3 سيارات بطريق «الإسماعيلية-السويس» الصحراوي    طائرات مسيرة أوكرانية تستهدف مستودع وقود في منطقة أوليانوفسك الروسية    أغلى الكؤوس، موعد قرعة ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين والقنوات الناقلة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 29-10-2025 والقنوات الناقلة.. ظهور الأهلي وليفربول    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    في الذكرى الأولى لرحيله.. حسن يوسف: فنان من حي السيدة زينب سكن الذاكرة وخلّد ملامح جيل بأكمله    اليوم..جلسة النطق بالحكم على سوزي الأردنية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الإستعلام عن الحالة الصحية لشخصين أصيبا إثر حريق شقة    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. اليوم 29 أكتوبر    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية بداية تعاملات الأربعاء 29 أكتوبر 2025    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    أوكرانيا و"الناتو" يبحثان مبادرة التعاون في مجال الأسلحة    كوريا الشمالية تطلق صواريخ كروز قبيل قمة ترامب والرئيس الكوري الجنوبي    أحمد عيد عبدالملك: الزمالك تأثر برحيل مصطفى شلبي    مفاحآة مثيرة.. سبب أزمة محمد السيد مع الزمالك    متحدث الشباب والرياضة يكشف كواليس جلسة حسين لبيب مع أشرف صبحي    استشهاد 11 فلسطينيا على الأقل في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 وفقًا ل التأمينات الاجتماعية    بين الألم والأمل.. رحلة المذيعات مع السرطان.. ربى حبشى تودّع المشاهدين لتبدأ معركتها مع المرض.. أسماء مصطفى رحلت وبقى الأثر.. لينا شاكر وهدى شديد واجهتا الألم بالصبر.. وشجاعة سارة سيدنر ألهمت الجميع    منتخب الناشئين يهزم المغرب ويواجه إسبانيا في نصف نهائي مونديال اليد    الكشف عن حكام مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    ضبط أطنان من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر بالخانكة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بمحافظتي الفيوم والمنيا    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    التحفظ على كاميرات طوارئ قصر العيني والتقرير الطبي لوالدة أطفال اللبيني بفيصل    "كتاب مصر" يناقش ديوان "مش كل أحلام البنات وردي" للشاعرة ياسمين خيري    كريستيانو رونالدو يخسر 13 بطولة فى ثلاث سنوات مع النصر    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات صحفيى " الحرية والعدالة" عن " بندق"!

هبط نبأ استشهاد زميلنا أحمد عاصم المصور الصحفى فى جريدتنا "الحرية والعدالة" ، علينا كالصاعقة وعلى كل من جمعته صلة وعلاقة معه، فلا يزال جميعنا فى الجريدة يعيش حالة من الذهول بعد استشهاد "أحمد"، على يد قناصة أثناء تصويرهم وهم يطلقون النيران على المتظاهرين لتتحول بندقيتهم فى لحظة صوبه لتستقر طلقة فى جبينه يفقد على اثرها حياته.

وينتهى المشهد لتعلن شاشة كاميرته الحداد تزامناً مع لحظة قنصه فى الدقيقة (05:38) هى اللقطة القاتلة، هكذا فارق أحمد الحياه مخلفاً لنا حقيقة ما حدث عبر عدسته التى كانت شاهده على المجزرة وعلى مرتكبيها، حتى لا يضرب الجميع أخماساً فى أسداس، حقاً إنه المصور الذى أرخ وفاته كما وصفته صحيفة (التيليجراف)، فلطالما حرص أحمد أو (بندق) كما كان يحب أن يناديه أقرانه، على انتقاء اللقطات المعبرة والمميزه والتى تنقل الحقيقة مباشرة، حتى وإن كلفه حياته.

استرجع زملاء أحمد شريط ذكرياتهم معه، خلال جولاتهم الصحفية، التى كانت شاهده على الكثير والكثير من مواقفه، والتى ستظل محفورة فى الأذهان، نسطر فى السطور التالية بعض من تلك الذكريات لصحفيى الجريدة مع (بندق)..

فى البداية يسترجع محمد العزونى ذكرياته مع أحمد: صُدمت بنبأ استشهاد زميلى أحمد عاصم لأجد نفسى أكتب له رسالة عبر صفحتى على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك قلت فيها: "أخى وصديقى وحبيبى وزميلى أحمد عاصم، أشهد الله أنى أحبك فى الله، فقد كنت خير الأخ والصديق والرفيق والزميل، وسأظل أعيش على ذكرياتى معك طوال سنوات، وسأحكى لأبنائى وأحفادى عنك وعن رجولتك وشهامتك وإخلاصك، لقد عايشتك زميلاً فى جريدة "الحرية والعدالة" وكنا نخرج معاً فى التغطيات المختلفة فتركب معى على دراجتى البخارية، فتقف على سناداتها الخلفية وتفتح ذراعيك للهواء وكأنك تطير وتحلق فى السماء وعندما أحذرك من خطر ذلك فتقول لى "متخفش عمر الشقى بقى".

"تأمرنى بالتوقف فجأة لتلتقط صورة لفتت نظرك ثم تأمرنى بالتحرك مرة أخرى ببطء، لتتمكن من التقاط المزيد من الصور أثناء سيرى، لقد صحبتنى فى الكثير من العروض الفنية فى مختلف الأماكن وخاصة ساقية الصاوى التى تشهد حديقتها على نقاشاتنا الفنية والدعوية والسياسية."

"أثناء الأحداث قلت لى أملك حصيلة محترمة من الصور وأريد أن أقوم بعمل معرض وسأدعو الرئيس محمد مرسى لافتتاحه، فسألته عن عنوان المعرض فقال لى عنوان المعرض سيكون "تحرير القدس يبدأ من هنا" فتشككت فى هذا قائلاً؛ وهل تحرير القدس يبدأ من هنا؟ فقال لى بكل ثقة "طبعا" لنفترق وتذوب وسط الحشود."

"أشهد الله أننى رأيت فيك أركان البيعة الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوَّة والثقة فصدقت الله فصدقك"، وانتهت رسالتى . فيما قال محمد سالم: ربطنى مع أخي الشهيد أحمد رحمة الله عليه، حب السلاح الذي قتل لأجله وهو (الكاميرا)، فلطالما تحدثنا كثيرا عن انواعها واحدث ما وصلت اليه الكاميرات، إلا اننى رآيت داخله شابا في قمة الحماسة لا يأبة لمجابهة أية مخاطر، ونفسه عزيزة عليه .

ويلتقط سيد فودة أطراف الحديث قائلاً: كان آخر كلامي مع أحمد قبل استشهاده بيوم واحد عندما سالته عن رأيه فى صورة للمرشد، وهو يقول كلمته من أعلي منصة رابعة، وكانت موجودة علي جهازي وغازلته، قائلاً له "متعرفش يا واد تلقط صورة زيها، وكمان نزلت في الصفحة الأولي في الجريدة"، فتوجه أحمد بنظره إلى جهازى محدقاً فى الصورة الخاصة بالمرشد وقال لي "فعلا صورة جامدة ومعبرة".

وتقول زينب فراج: المرة الأولي والأخيرة التي التقيت فيها الشهيد أحمد عاصم أثناء زيارتي للجريدة عندما طلب منه رئيس قسم المحافظات الاستاذ عبد الحكيم بحيري، أن يقوم بتنزيل أحد برامج الصورة حتي يسهل علي عملية التحميل، وبالفعل قام بكل ترحيب بتنزيله على اللاب توب الخاص بي وشرح لي كيفية العمل عليه. وعندما سألته عن دراسته اخبرني بأنه خريج كلية الاعلام جامعة القاهرة، فسألته ولماذا تعمل مصور صحفي وليس محرراً صحفياً مثلنا، فرد قائلاً؛ هذا السؤال يسأله لي اغلب الناس لكنني احب التصوير وهو هوايتي.

وأخبرته أن معظم مراسلي الجريدة لديهم رغبه في تحسين قدراتهم علي التقاط صور معبرة، عبر عن ترحيبه أن يكون في اجتماع المراسلين القادم محاضرة لنا كمراسلين لمساعدتنا فى ذلك بعد أن يوافق الاستاذ عبد الحكيم، رحم الله الشهيد أحمد عاصم فقد كان خلوقا .

أما إيمان إسماعيل فتتذكر أنه كان دائم الصيام يومي الاثنين والخميس، قائلة عندما يتوافق حوار أو تغطية ما مع تلك الأيام، ويدعوه أحد بمشروب أو قطعة حلوى يعتذر لأنه صائم.

وتضيف: كان من المستحيل أن يذكر أحداً بسوء أو يتحدث على أحد بشيء قد يغضبه، حتى أنه في أحيان يكون على علم بما قيل عنه أو في حقه ويابى مع ذلك أن يذكره بسوء.

وتقول رضوى سلاوى، عندما كان ينزل أحمد اوردارات تصوير معى، لم يكن يرى أمامه سوى عمله، ولديه إستعداد أن يفعل أى شئ من أجل إلتقاط عدسته للقطة التى يريدها، مضيفه: أتذكر أنه فى إحدى المرات كنا فى مطحن مع باسم عودة، وزير التموين ، فصعد أحمد فوق كل "الأجولة" حتى يلتقط لقطات معبرة، فضلاً عن أنه كلما التقط صورة أجده يجرى نحوى، طالباً معرفة رأيى فيها.

وأتذكر أنه كان أول شخص ينزل من السيارة مسرعاً حتى يلحق بجولة باسم عودة من البداية، لم يكن يعرف الكسل كان "نحلة".

وتضيف: كان هناك لقطة التقطها ل(عودة) وهو ينفض جاكت الحارس الخاص به، وغمرته سعادة عارمة بتلك الصورة، وقال لى "لازم نستغلها"، وعلى الفور كان ردى له (صفحة أخيرة)، وعندما أخبرته بأنى سأضعها على صفحة الفيس بوك الخاصة بى بشرط كتابة اسمه عليها، فأبدى عدم اهتمامه بكتابة اسمه مؤكداً أن الرسالة فى الصورة هى الأهم فكان ردى عليه، "مش هاحطها على صفحتى غير لما تحط اسمك"، وقلت له وأنا أمزح "عاوزة ألمعك".

وتوضح "سلاوى" أن أكثر ما كان يسبب الضيق ل ( أحمد)، هو عدم وضع لوجو لجريدة الحرية والعدالة على الصورة التى تنشر فى الموقع، وأتذكر أنه كان يريد عمل ألبوم لباسم عودة ويقدمه هدية له وعندما سالته عن السبب، كان رده "باسم ده أصله برنس".

وتقول صافيناز صابر، كنت أجرى تحقيقات فى مجال الصناعة عن المصانع والشركات العملاقة التى أغلقها النظام السابق، وعندما علم بجولاتى الميدانية - رحمه الله - طلب منى أن أبلغه كى يأتى معى فى تلك الزيارات، اذكر انه قال لى "لما تروحى أى شركة او مصنع كلمينى على طول أنا بحب الحاجات دى قوى ، بيكون فيها استفادة وخبرة كبيرة".

حسام عيسى – المعتقل حاليا منذ عدة شهور- يقول: كان أحمد رحمه الله نقي النفس، طيب القلب، خفيف الظل، مبدع الأداء، عاشق لمهنتة، اللهم إنا إحتسبناه عندك من الشهداء فعاملة معاملة الشهداء, وعوض أهله في دنياهم وآخرتهم عنه خيرا.

وتروي شيماء جلال، أنها تتذكر لأحمد موقفا لن تنساه حينما كانت بإحدى المؤتمرات، واتصلت به الجريدة تطلب منه إرسال الصور بسرعة، إلا إننا فوجئنا بتعطل اللاب الخاص بى، وكان شغله الشاغل فى أن أتمكن من إرسال الخبر، وأخبرنى بأنه يريد أن يطمئن بأنى أرسلت الخبر وآثرنى على نفسه.

ويقول محمد آمر: أول مرة أعرفه في تحمسه لشغله وقت موتمر مهاتير محمد، حيث وجدته غاضبا لأن صوره لم تنشر، فهذا ما فهمته ولكن بالحديث معه علمت أن السبب الحقيقى أنه خائفا على الصورة إنها تنزل "علشان الجرنال، .." كان بيحب شغله جدا".

أما أنا وزميلتى هبة التى حاولنا تجميع ذكريات محررى الجريدة مع أحمد قدر الإمكان، فجمعتنا أيضاً معه ذكريات ومواقف لن ننساها ما حيينا ل أحمد، تقول آيات سليمان.. رغم سهولة المصادر فى هذا الموضوع فكلهم زملائى فى الجريدة إلا إنه كان الأصعب فى حياتى، فلم أتخيل يوماً أن أدون سطوراً لتتحدث عن "بندق" الذى طالما كان له موقف وذكرى فى كل مهمة تصوير ينزلها معى.

فالعقل لا يزال يآبى تصديق أنه فارق الحياه، ولكن ما هون على أنى رايت أحمد عقب استشهد لمده 3 أيام متواصله فى رؤى, بوجه مبتسم ولكن لم يكن يتحدث إلى وفى المرة الرؤي الرابعة وجدته يطلب منى ألا أبكى لأنه سيغادر الجريدة, مؤكداً لى أنه بخير وسيكون فى أفضل حال واسدل الحلم ستائره على ابتسامته التى طالما ميزته ولكنه تلك المرة كان مشرق الوجه وكان فى أبهى صوره.

وتستطر : آخر مهمة عمل له معى كانت داخل الحرس الجمهورى, ذلك المكان الذى قتل واستشهد امامه، حيث جمعنا حوار صحفى مع رئيس لجنة الوقود بالرئاسة وقبل أن يخرج كاميرته أو يفعل أى شى تركنى وزميلتى "صافيناز" مع المصدر بعدما سأله عن مكان ليصلى الظهر أولا، فكان حريصاً على أداء الصلوات فى أوقاتها، كحرصه على إتقان عمله .. التقط لنا صوراً كثيراً ولأول مرة يطلب منا أحمد بريدنا الإلكترونى حتى يرسلها لنا كما أعطى المصدر صوره.

أتذكر فى إحدى زياراتى للمصنع القومى للإسمنت بحلوان التقط أحمد مجموعة من الصور كان من بينها صورة لفرن الإسمنت من الداخل، واتجه نحوى لم يكن مصدقاً أن الصورة ستخرج بالشكل الذى يريده بل أفضل بكثير، ووصفها بالوهمية، فرغم أن كاميرته كانت من الممكن أن "تسيح" من شدة الحرارة إلا أنه جازف من أجل الخروج بصور"ة "وهمية وفتاكة على حد تعبيره . وهكذا فاز بالإثنين معاً مع إصراره، ولم يكن يسمح لأحد أن يعطل او يعرقل عمله فى إلتقاط الصورة بالطريقة التى يراها الأنسب.

وأتذكر أن احمد كان عفوياً فى تصرفاته؛ فبعد انتهاء جولتنا بمصنع الأسمنت وجدنا أنفسنا نقف فى صحراء لا نجد سيارات تخرجنا فاستوقف إحدى سيارات الملاكى وأبدى صاحبها استعداده فى اصطحابنا معه إلى نهاية الشارع، فتح أحمد الباب ورفضت بشده الركوب فوجدته يركب وأنا أقف فطلبت منه الانتظار فابتسم لى فعلمت أنه لم يكن ليتركنى وإنما هى خدعة فعلها حتى أقبل بالركوب لكى نخرج من هذا المكان.

وعند مترو حلوان سألنى إن كنت جائعة وأخبرنى بأنه يريد أن ياكل شيئاً وحين علم بأنى لا أكل اللحوم من أى محل ففكر فى التوجه لمحل الطعمية إلا أنه قرر فى لحظة شراء كيلو موز بعدما علم حبى لتلك الفاكهة، والتقطت صورة له وقتها، وفى هذا اليوم أبدى عاصم لى عشقه للمصانع وتصويرها, مؤكداً أنه يخرج منها بلقطات فريدة من نوعها.

وتضيف آيات: قمت بعمل موضوع عن عالم الروبابيكا، والتقط أحمد صوراً مميزة جداً من عزبة أبو حشيش حيث أحد أكبر الأماكن المعروفة بالروبابيكا، ووجدته يتصل بى فى وقت لاحق بعد نشر التحقيق طالباً منى معرفة باقى المناطق, حيث توجد أماكن تخزين وفرز الروبابيكا, مشيراً أنه يعشق تصوير مثل تلك الأماكن قائلاً لى "بحب انزل كمان اتفرج على الخردة واشترى منها حاجات".

وتضيف : لن أنسى عندما لمعت عينه عقب حوار لى بالجهاز المركزى للتنظيم والإدارة حين علم أننى ألعب ذات الرياضة التى يعشقها وهى الكونغ فو، ووجدته فى اليوم التالى يطلب منى مشاهدة عدد من الفيديوهات على اليوتيوب المتعلقة باللعبة ، كان هذا هو القاسم المشترك بينى وبينه وكان يشجعنى كثيرا على الاستمرار، وابتسم فى آخر مرة التقيته بالحرس الجمهورى حين علم بانى أصبحت حكماً.

وتختتم : آخر مرة التقيت به كان فى حوار لى وزميلتى صافيناز بدار الحرس الجمهورى مع رئيس لجنة الوقود فى الرئاسة، وأخبرته أننى أصبحت حكماً فابتسم وسالنى عن مكان البطولة وقبل الصعود كان يبدو على أحمد القلق علمت منه أنه لم يجد بطاقة هويته معه، وقبل صعودنا سألنى إن كان شكله بالكاب أفضل أم لا فقلت له الأفضل ألا تلبسه أثناء الحوار.

التقط أحمد مجموعة من الصور وأرسلها جميعاً للمصدر قائلاً "مجامله منى"، كتب على صفحة التواصل الإجتماعى أسباب الأزمة ولأول مرة يطلب أحمد بريدنا الإلكترونى حتى نحتفظ بالصور لنا بعدما أرسلها للجريدة.

اخبرتنى زميلتى فاطمة بعد استشهاده بأنه حزن كثيراً لعدم إدراجى فى كشوف المعينين فى الجريدة، أثناء جولاتهما للمصنع الحربى، وعلمت فيما بعد أنه شهد لها فى حقى شهادة ستظل وساماً على صدرى من هذا البطل الذى اعتز كثيراً بمعرفته.

وتقول هبه مصطفى: تعمدت أن أكون آخر من يكتب عن "أحمد" حتى أقرأ ما يكتبه عنه أجمل زملاء عمل، فأحمد لم يكن زميلاً منذ فترة طويلة، إلا أن مواقفه تسير معنا كظلنا فمن منا لم يخرج معه أحمد في مهمة عمل، أو يقبله قدراً داخل الجريدة، "شوفيلي أي حاجة أكلها ف السريع" جملة سمعتها كثيراً منه ستظل تتردد داخلي مع كل وجبة أفكر في تناولها عقب عودتنا لاستئناف العمل من مقر جريدتنا.

جمعتني بالزميل أحمد رحمه الله مواقف متعددة ، كنت اخرج بدروس وعبر من كل منها، أذكر كلمته المعتادة "عمر الشقي بقي" حينما طلبت منه الاعتناء بنفسه خلال رحلة عمل لنا في غزة الشقيقة شاء الله أن يكملها أحمد وحده وأعود أدراجي لمشكلات في جواز السفر وحينها قال لي أحمد: سأسلم لكي على تراب غزة الذي اشتقتي له" ينطلق في الشارع يحملق في كل شيء يبحث عن "لقطة" تشبع بها عدسات كاميراته غرورها المهني.

كان يقول لي: "الصحافة هي الشارع، والكاميرا عين الصحافة، يعني عدستي أنا عين الشارع"، فلم يكن محبا لأنماط العمل التقليدية بل كان محبا للإبداع والابتكار، يشهد له كل من عمل معه بالإتقان والتفاني.

ولكن السؤال الأهم بعدما أفاض زملاء الجريدة بما في جعبتهم من مواقف موجعة "هل تشعر اليد التي قنصته ماذا فعلت بزملائه وليس أهله فقط؟". أحمد سمير عاصم السنوسي سيظل فكرة ونبراساً يوقظ ضمير كل من يفكر في التواني عن عمله، أو من يخون ضميره المهني، لعل دمه يكون لعنه على من قتله، وعلى من عتّم على طريقة وفاته، وعلى من وقف في وجه جيل يتحرر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.