رغم إعلان الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب قرب التوقيع على اتفاق لوقف اطلاق النار فى قطاع غزة ورغم أن المفاوضات الدائرة فى الدوحة -التى لم تتوصل لشئ حتى الآن – لم تتوقف إلا ان الكيان الصهيونى لجأ إلى تصعيد عسكرى غير مسبوق فى القطاع من حيث عمليات الهدم والقتل والتخريب التى تجرى يوميا وفى المقابل تقوم المقاومة بعمليات نوعية ضد جيش الاحتلال أوقعت الكثير من القتلى والمصابين فى صفوفه بل واعادت اطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة . هذا التصعيد يفسره بعض الخبراء بأن الاحتلال يحاول الضغط لإجبار المقاومة على القبول باملاءاته فى المفاوضات وتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية لم يحققها طوال فترة الحرب التى اندلعت فى السابع من أكتوبر 2023 فى المقابل يرى فريق آخر من الخبراء أن المفاوضات لن تصل إلى شئ وأن نهايتها الفشل فى ظل وجود حكومة يمينية متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو ورئيس أمريكى ارهابى يدعم بل يشارك فى جرائم الإبادة التى ترتكبها قوات الاحتلال .
استراتيجية الضغط القصوى
من جانبه، قال الباحث في الشؤون العربية والدولية هشام البقلي، إن التصعيد العسكري الصهيونى يعكس استراتيجية الضغط القصوى التي ينتهجها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بهدف انتزاع أكبر قدر من المكاسب في المفاوضات الحالية فى الدوحة وفرض اشتراطات قاسية على الفصائل الفلسطينية. وأضاف البقلي فى تصرحات صحفية أن حكومة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال، بضغط من شخصيات متشددة مثل "سموتريتش" و"بن غفير"، تسعى إلى إفشال أي جهود نحو هدنة دائمة، وتسويق استمرار الحرب كضرورة أمنية داخلية، مشيرًا إلى أن سياسة "الخنق حتى الموت" التي تُمارس ضد غزة لن تثمر عن سلام أو استقرار. وأكد أن قصف المدنيين، خصوصًا أولئك الذين ينتظرون المساعدات الغذائية والطبية، هو جزء من آلية الضغط السياسي الصهيونية، محذرا من ان هذه السياسة اللا إنسانية تزيد من تعقيد الأوضاع دون أن تفضي إلى أي نتائج بنّاءة أو انفراجة حقيقية في ملف الهدنة. واعتبر البقلي أن الموقف في غزة أصبح عند مفترق طرق بين هدنة يزعم البعض أنها باتت وشيكة وفق المؤشرات، وبين تصعيد دموي ميداني قد ينسف كل ما تحقق على طاولة التفاوض. وبين هذا وذاك، يبقى الشعب الفلسطيني الضحية الأبرز، في انتظار انفراجة تعيد الأمل وتوقف نزيف الدم المستمر.
تهجير قسري
وأكد استاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة أنه ليس من المستبعد أن ينجح ترامب في إقناع نتنياهو، بتبني رؤية قريبة من تلك التي تحاول أجهزة الدولة العميقة في "دولة الاحتلال" المساهمة في الترويج لها مشيرا إلى أن الشعور المسيطر على النخب السياسية والفكرية داخل الكيان الصهيونى يعكس مزيجاً من الزهو والقلق في الوقت نفسه. زهو بما حققه جيش الاحتلال من مكاسب عسكرية على مختلف جبهات القتال، وقلق من احتمال عجز نخبته الحاكمة عن ترجمة المنجزات العسكرية إلى مكاسب سياسية واستراتيجية تشبع حاجة المجتمع الصهيونى الماسة إلى الشعور بما يكفي من الأمن للثقة في مستقبل أفضل. وقال نافعة فى تصريحات صحفية ان وسائل الإعلام الصهيونية على اختلاف توجهاتها ومواقفها، تؤكد لمشاهديها ومستمعيها وقرائها، في كل لحظة، أن جيش الاحتلال حقق انتصارات كبرى في كل المعارك التي خاضها على الجبهات الفلسطينية واللبنانية والعراقية والسورية واليمنية والإيرانية. وأوضح أنه فى المقابل تؤكد التصريحات التي أدلى بها مؤخراً بعض كبار القادة الأمنيين، أن العملية العسكرية الجارية حالياً في قطاع غزة استنفدت أغراضها بالكامل، خصوصاً بعد أن تبيّن على وجه اليقين استحالة استعادة الرهائن أحياء. وأشار نافعة غلى أنه حتى بافتراض إمكانية التضحية بالرهائن، باعتبارهم قتلى وضمن خسائر الحرب فليس لدولة الاحتلال أي مصلحة في إعادة احتلال قطاع غزة واستيطانه إلا في حالة واحدة فقط، وهي النجاح في التهجير الكامل والقسري لكل سكان القطاع، وهو أمر لا يستبعد كثيرون أن تكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك احتمال اندلاع الحرب مع مصر، ومع ذلك ففي دولة الاحتلال من المجانين ما يكفي للتحسب لأكثر الاحتمالات سوءاً.
الحقوق الفلسطينية
وشدد على أن المجتمع الصهيوني لا يبدو جاهزاً في الوقت الحالي لتقبل حلول تستجيب للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المشروعة، أو حتى لتسويات على أساس الحد الأدنى المقبول عربياً موضحا أن أكثر التوجهات اعتدالاً في هذا المجتمع المتعصب، غير القادر حتى الآن على إدراك أن المعضلة الرئيسية تكمن في احتلال أراضي الغير لا ترقى للقبول بفكرة وأهمية إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع، وأقصى ما يمكنه القبول به في المرحلة الراهنة هو شبه دولة منزوعة السلاح في قطاع غزة، بعد تقليص عدد سكانه إلى أقصى حد ممكن، مضافة إليه مساحات محدودة جداً من الضفة الغربية. وقال نافعة انه حتى هذا الحل، المرفوض فلسطينياً وعربياً لا يبدو قابلاً للتطبيق على أرض الواقع إلا بعد سقوط حكومة نتنياهو الحالية وتشكيل حكومة جديدة خالية من العناصر الأكثر تطرفاً، وهو سيناريو غير مضمون الحدوث أيضاً.
محور المقاومة
واعتبر أن نغمة الانتصار التي تصدح بها وسائل الإعلام الصهيونية في هذه الأيام تبدو أعلى بكثير مما تعبر عنه موازين القوى القائمة على أرض الواقع. موضحا أنه رغم كل ما تلقاه "محور المقاومة" من ضربات موجعة، فإنه لم يهزم، بل وتمكن من توجيه ضربات غير مسبوقة في تاريخ المشروع الصهيوني، نجحت في إسقاط كل الأقنعة عن الطبيعة العنصرية والإجرامية لهذا المشروع، وفي تعرية هشاشته وإثبات قابليته للهزيمة في المدى المنظور. وأكد نافعة أن المقاومة الفلسطينية لم تستسلم ولم تلق السلاح ، وحزب الله اللبناني أوقف القتال تحت ضغط الداخل، لكنه لم ولن يخرج من "محور المقاومة". واليمن ما زال ينبض بالكبرياء ويعبّر عن الشرف العربي في أسمى معانيه. وإيران دخلت على خط الصراع المباشر مع المشروع الصهيوني وبالتالي لن تقبل الخضوع لإملاءاته .