ما قاله محمد الباز رئيس مجلس صحيفة الدستور القريبة من الانقلاب في حق شاعر بحجم أحمد فؤاد نجم والشهير ب "الفاجومى "لا يمكن تبريره بحرية التعبير، بل يدخل في خانة الانحطاط الأخلاقي. والدفاع عنه – نقابيًا – يهدد صورة النقابة كمؤسسة تدافع عن الكرامة المهنية، لا عن من يستخدم الفحش كسلاح، ويحرّض على الدماء. وقد أثار تمسُّك محمد الباز برفض التنازل المقدم من الكاتبة نوارة نجم، ابنة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، عن الشق الجنائي في الحكم الصادر ضده – رغم الضغوط التي مارسها نقيب الصحفيين خالد البلشي – موجة غضب واسعة داخل الأوساط الصحفية والنقابية، ليس فقط بسبب مضمون القضية، بل لأن الباز لم يكن يومًا رمزًا من رموز الدفاع عن حرية التعبير، بل أحد أبرز خصومها. سبّ وقذف لا علاقة له بالصحافة القضية تعود إلى تصريحات اعتبرها كثيرون فجّة ووقحة من الباز بحق شاعر العامية الكبير أحمد فؤاد نجم، والتي رأى فيها القضاء المصري جريمة سبّ وقذف، فصدر حكم بحبسه شهرًا مع كفالة لوقف التنفيذ، وتعويض مدني قدره 10 آلاف جنيه. غير أن الباز، الذي اعتاد استخدام منبره الإعلامي للهجوم على المختلفين معه، سارع إلى إعلان رفضه للتنازل، وقال إن "هذا التنازل لا قيمة له لأن الحكم ابتدائي"، مضيفًا: "أنا صاحب حق". البلشي يدافع عن خصم الحريات المثير للدهشة – بحسب مراقبين – هو الموقف الذي اتخذه نقيب الصحفيين خالد البلشي، الذي تدخّل شخصيًا وطلب من نوارة نجم التنازل عن الشق الجنائي، بزعم الالتزام بموقف النقابة الرافض لحبس الصحفيين في قضايا النشر، رغم أن الواقعة ليست قضية نشر بالمعنى المهني، بل اعتداء سافر على كرامة شاعر وطني، بأسلوب لا يمت بصلة لأخلاقيات الصحافة. النقابي البارز محمد عبد القدوس قال ل"…" إن "الباز لا يمكن أن يُدرج ضمن المدافعين عن حرية الصحافة، بل كان دومًا في صفوف المحرّضين على تكميم الأفواه"، مضيفًا: "الوقوف معه تحت شعار رفض الحبس في قضايا النشر هو خلط خطير، لأن ما فعله لا يمت للمهنة بشيء". دعوات قتل علنية الغضب في أوساط الصحفيين لا يقتصر على واقعة نجم فقط، بل يمتد إلى سجل الباز في التحريض العلني، إذ سبق له أن طالب، على الهواء مباشرة، ب"قتل إعلاميين وصحفيين" مثل معتز مطر ومحمد ناصر وأسامة جاويش، لمجرد معارضتهم لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. وهي تصريحات وُصفت آنذاك بأنها تمثل تحريضًا صريحًا على العنف، وكان من المفترض أن تكون محل تحقيق ومساءلة، لا دفاع نقابي. عضوية انتساب مثيرة للجدل وفي سياق متصل، تساءل عدد من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين عن أسباب منح الباز مؤخرًا عضوية الانتساب، وهو القرار الذي وصفوه ب"الصادم"، خاصة أنه جاء في وقت كان النقيب البلشي يرفض فيه منح الامتيازات الصحفية الكاملة للعديد من الزملاء، بينما "ضحّى" بحسب تعبير بعضهم، بوعود انتخابية قدمها لمنافسه عبد المحسن سلامة، مقابل تمرير تلك العضوية المثيرة للجدل. الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ كتب على صفحته أن "الحريات لا تُفصّل على مقاس أشخاص بعينهم، وخاصة إذا كانوا هم أنفسهم مناهضين لها"، متسائلًا: "كيف نُقنع زميلًا في السجن أو قيد التحقيق أن نقابته تدافع عن شخص يحرّض على القتل؟". استغلال منبر إعلامي للسباب نوارة نجم، من جانبها، قالت إن تنازلها جاء فقط احترامًا لموقف النقيب العام الرافض لحبس الصحفيين، لكنها أكدت أن الباز لا يزال مصرًا على إهانة والدها حتى بعد الحكم، مشيرة إلى أنه حذف الفيديو فقط "بعدما تضررتُ وأعلنت ذلك"، وليس احترامًا للقانون أو الرأي العام. وفي تدوينة لها على "فيسبوك"، قالت: "الأستاذ أحمد موسى جاب الصحفي المدان بحكم محكمة يخليه يكمل شتيمة.. ويقول أنا اللي حاحاكم أحمد فؤاد نجم". وأضافت: "الدولة اللي بيقولوا إن بابا عدوها منحته وسام العلوم والفنون وأطلقت اسمه على شارع في القاهرة". مسار قانوني شاق تجاه حكمٍ عادل وأكدت نوارة أن الوصول للحكم استغرق وقتًا طويلًا وجهدًا مضنيًا، بدءًا من تقديم المحضر في مباحث الإنترنت، ومرورًا بتوفير الأدلة رغم عراقيل عدة، وحتى صدور الحكم عن محكمة الجنح الاقتصادية. وهو ما يُكذب تمامًا ادعاء الباز بأن ما جرى "حملة من تيار اليسار"، كما وصفها في تصريحاته الأخيرة.