يحل شهر رمضان الكريم ضيفا كريما على المصريين هذا العام وسط حالة من الترقب والقلق الشديد في الشارع المصري بعد تأكد أنباء عن اقترب حكومة الانقلاب العسكري من رفعها أسعار الوقود بنسب متفاوتة تصل إلى 100% وعزمها على تخفيض الدعم في عدد من السلع الأساسية الأخرى دون مراعاة للظروف الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها المواطن المصري الفقير. ومع كثرة حديث قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي عن ضرورة تقليص بل ورفع الحكومة للدعم عن المنتجات والسلع الأساسية في مصر تعود أذهان المصريين لذكرى أحداث يناير عام 1977 والتي شهدت أعنف مظاهرات ضربت البلاد بالطول والعرض في عهد الرئيس الراحل أنور السادات حين قرر رفع بعض السلع الأساسية عددا من القروش وليس الجنيهات كما هو الحال في عهد الانقلاب. وضربت مظاهرات غاضبة ربوع أنحاء مصر المختلفة عقب اتخاذ الرئيس السادات يوم 17 يناير عام 1977 عدد من القرارات الاقتصادية المفاجئة التي تقضي برفع أسعار السلع الأساسية، كالزيت والسكر والأرز والخبز الفينو والبنزين والسجائر، رغم أن الزيادة لم تتجاوز القرشين صاغ. وبعدما نشرت الصحف هذه القرارات صباح يوم 18 يناير انتشرت المظاهرات الغاضبة في جميع أنحاء الجمهورية كانتشار النار في الهشيم حتى وصفتها الصحافة العالمية ب"انتفاضة الخبز" فيما أطلقت عليها المعارضة المصرية «الانتفاضة الشعبية». وتفجر غضب الجماهير وسخطهم في جميع أنحاء مصر، ولم يجد هذا الغضب متنفسًا إلا في المظاهرات.. والتي بدأت سلمية في أول الأمر ثم تحولت بعد مواجهات قوات الأمن لها إلى أعمال شغب وطال التخريب والسرقة بعض المحال الكبرى في القاهرة، وإشعال النيران في البعض الآخر، بالإضافة إلى إحراق عشرات من سيارات الشرطة. كما تم وقتها مهاجمة بعض أقسام الشرطة المنتشرة في المدينة، وكادت أن تتحول الأحداث إلى ثورة شعبية عارمة تمتد أياديها إلى أماكن سيادية وتطال كل مقدرات الدولة، لولا أن السادات اضطر وقتها مرغما على اتخاذ قرارا بإلغاء القرارات التي تسببت في الثورة. وأتبع ذلك بقرار آخر بفرض حظر التجول في القاهرة والإسكندرية، مع نزول فرق من القوات المسلحة إلى الشارع المصري. واليوم ومع مرور أكثر من 37 عاما على أحداث يناير 1977وانتفاضة المصرين ضد الغلاء والقهر والظلم، يعود عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي بقرارات مماثلة لكنها أكثر وحشية وغلظة على فقراء الوطن. ويبقى السؤال قائما هل من الممكن أن تشهد مصر ثورة شعبية عارمة ربما يصفها البعض بثورة الفقراء أو ثورة الجياع إذا ما قررت حكومة الانقلاب الدموي رفع الدعم عنهم، أم ما رد الفعل المتوقع من المصريين؟