هاني جنينة: تعافي موارد النقد الأجنبي يدعم الجنيه.. وتوقعات بتراجع الدولار العام المقبل    هيئة الاعتماد والرقابة الصحية تنفذ مشروعًا لرقمنة العمليات وتطوير تطبيقات ذكية    مدير المركبات بالقوات المسلحة: قادرون على تصنيع أي مدرعة عسكرية بمواصفات عالمية    إبراهيم حسن: انطلاق معسكر منتخب مصر غدًا    تموين القليوبية: صرف 517 مليون رغيف ببطاقات التموين خلال نوفمبر وتحرير 2349 مخالفة    متأثراً بإصابته.. وفاة شاب إثر طلق ناري بقنا    وفاة ضابط شرطة إثر أزمة قلبية خلال تأمين انتخابات مجلس النواب بسوهاج    مصر تعلن استعادة قطعتين أثريتين من بلجيكا    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    بعد أحكام الإدارية العليا، حزب العدل يكشف تجاوزات المال السياسي في انتخابات النواب    وكيل شباب الدقهلية يتابع تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    تشكيل أتلتيكو مدريد أمام برشلونة في الدوري الإسباني    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    ليفربول في مأزق.. الهلال والقادسية على رأس المهتمين بخدمات محمد صلاح    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    الاحتفال باليوبيل الذهبي لاتفاقية حماية البحر المتوسط خلال فاعليات COP24    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في جنوب سيناء    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    أحمد فهمي يعتذر لهنا الزاهد: مكنش قصدي أجرحها.. ورامز فاجئني بالسؤال    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الحرب الأمريكي: لقد بدأنا للتو في ضرب تجار المخدرات    أستاذ طب نفسى: طفل من بين ثمانية أطفال يتعرض للتحرش فى العالم (فيديو)    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    بابا الفاتيكان يطرح أفكاره بشأن المجمع الذي انتخبه ويتناول الروحانية ورحلاته المستقبلية    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    مجلس أمناء مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يعقد أولى اجتماعاته برئاسة مشيرة خطاب    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    مصر والسعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الأمان النووي والإشعاعي    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    مسئول أمريكى عن تجاوزات نتنياهو: سيدمر نفسه بنفسه    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    يلا شووت.. مصر تبدأ رحلة كأس العرب باختبار ناري أمام الكويت على ملعب لوسيل اليوم    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نفهم ما يحدُث في سورية؟


بقلم: غازي دحمان
أربكت التطورات المتسارعة في سورية خبراء السياسة والاستراتيجيا، فما حصل يمكن وصفه بالتغيرات النوعية المخلّة بالتوازنات القائمة منذ سنوات عدّة. والمحيّر إزاءها، أن موازين القوى لم تكن تُنبئ باحتمالاتٍ غير عادية، كما كانت هناك استعدادات متقابلة لدى أطراف الصراع، الأمر الذي فُهم وجود نوع من الردع المتكافئ يمنع أطراف الصراع من اختراق قواعد الاشتباك السارية منذ العام 2020، ومن ثم استمرارُ المعادلة الراهنة مرشّحٌ للبقاء على الأقل في المديين المنظور والمتوسط. ولكن يبدو ان هذه الحسابات النظرية لم تكن ذات أهمية لدى الجهة التي ترسم مسرح العمليات، وتراقب المشهد بصورة تفصيلية، وتستند على معطيات ومؤشّرات واقعية أكثر من التحليلات والافتراضات النظرية. وربما هذا هو سبب الفارق بين دهشة المراقبين من هذا التطور السريع في تحرير المناطق وخطوات المقاتلين الواثقة بأن الطريق سالكة إلى ما بعد حلب وسراقب، وأن المخاطر منعدمة أو شبه ضعيفة.
في غرف العمليات، كانت هناك معطيات جرى بناءً عليها رسم الخطط وتجهيز الموارد اللازمة للمعركة، والمؤكّد أن هناك طرفاً أو أطرافاً خارجية زوّدت هذه الغرف بمعلوماتٍ ربما لا تعرفها سوى استخبارات دولية، ترى المشهد من أكثر من زاوية وبصورة موسّعة. وفي الأغلب، هذه الجهة تركيا، وقد استفادت من المعلومات التي يوفرها حلف شمال الأطلسي (ناتو) ويتداولها مع تركيا بحكم الشراكة.
ربما يكون بعض هذه المعلومات، المعطيات، معلوماً، مثل أن المليشيات الإيرانية مستنزفة إلى حد بعيد، لكن تفاصيل هذا الاستنزاف، مثل سحب إيران جزءاً كبيراً من قياداتها إلى العراق، ومعرفة تأثير ذلك على أداء المليشيات الإيرانية ومعنوياتها، وما هي المفاصل التي تأثرت نتيجة الانسحاب هذه، ربما تحتاج إلى معلومات خاصة.
وفي المعلومات العامة أيضاً أن حزب الله سحب الجزء الأكبر من عناصره من جبهات القتال في سورية، والمؤكد أن الخسائر الكبيرة التي لحقت به على مستوى القيادة والكوادر القتالية أفقدته رفاهية مساندة النظام السوري في هذه المرحلة، حيث لم يتبين بعد أفق الحرب مع إسرائيل، وإلى أين ستتجه الأمور.
بيد أن ثمّة معطىً لم يكن يتنبه إليه أحد، وهو سحب روسيا جزءاً كبيراً من أصولها العسكرية من سورية، خاصة الطائرات الحديثة التي صنعت الفارق في الحرب في الأعوام السابقة، كذلك ضعف إمداد روسيا قواتها بالأسلحة لحاجتها إلى الذخائر والأسلحة في أوكرانيا. أما ما يخص الفصائل، فكان من الصعب اكتشاف هذا الأمر، خاصة أن روسيا لعبت بذكاء عليه طوال الأشهر الماضية، إذ استمرّت طائراتها بالإغارة على مواقع الفصائل، والمؤكّد أن ثمّة طرفاً خارجياً رصد هذا التغير في الوجود الروسي في سورية. وبالإضافة إلى تهالك قوات النظام السوري وضعفها تسليحياً وانعدام الروح المعنوية لديها ولدى السوريين عموماً في مناطق سيطرة النظام.
هذه هي الأسباب التي صنعت المشهد الحالي، من دون إنكار شجاعة فصائل المعارضة وتضحياتها وقدرتها على إدارة المعارك، رغم أنها تعاني مشكلاتٍ لا تقل عن التي تعانيها جبهة نظام الأسد من ضعف في التسليح والإمكانات، بفارق مهم، أن عناصر الفصائل يقاتلون من أجل العودة إلى أرضهم وبيوتهم التي هجّرهم منها النظام، في حين أن الطرف الأخر يقاتل من أجل الحفاظ على طاغية، لا يهتم بهم، على كرسي الحكم.
على هامش الحرب، خرجت نظريات تفسيرية عديدة تسبح في فضاءات نظرية المؤامرة والصراعات الجيوسياسية العالمية وإعادة تشكيل المنطقة، والتي ربما تقاطعت إحداها مع الوقائع الجارية، لكن ليس بالضرورة أن تكون متطابقة مع هذه التصورات والرؤى التي يجري طرحها.
من هذه التفسيرات أن ما يجري هو نتيجة اتصالات الرئيس الأميركي المنتخب ترامب بالرئيس الروسي بوتين، ووعده بإجبار أوكرانيا على الجلوس على طاولة المفاوضات، وعدم مطالبة روسيا بالانسحاب، مقابل مساعدة بوتين على إنهاء الوجود الإيراني في سورية وقطع طرق الإمداد عن حزب الله. ولو افترضنا أن ذلك قد يكون صحيحاً، فهل يدفع بوتين الثمن في سورية قبل أن يقبض من ترامب في أوكرانيا، وهل يثق بوتين بأن "البنتاغون" سينفذ وعود ترامب؟.
وهناك تفسيرات أخرى تذهب الى وجود تعاون تركي خليجي لإقناع بوتين بإخراج إيران من سورية، مع وعد بإعمار سورية والمحافظة على النفوذ الروسي. وتقوم هذه النظرية على أساس أن سورية وصلت إلى جمود لن يتم تفكيكه إلا إذا خرجت إيران. وحتى لو كانت لدى الأسد النيّة الصادقة في إخراج إيران لن يستطيع فعل ذلك، بسبب تغلغل إيران في مفاصل أجهزته الأمنية وجيشه. وقد يكون هو نفسه أبلغهم بذلك، ودول الخليج لن تستطيع المساعدة في إخراج سورية من هذا الواقع إذا لم تنسحب إيران فعلياً، وليس مجرّد كلام. لكن هذه النظرية تُسقط حقيقة أن دول الخليج، وفق توجّهاتها الحالية، لن تدعم قوى إسلامية لتحلّ محلّ بشار الأسد.
من المفترض أن 14 عاماً من الحرب علّمت السوريين كيف يديرون توقعاتهم وطموحاتهم ويسترشدون بآمالهم، ومن الأفضل للمعارضة المسلحة هضم ما استعادت السيطرة عليه، وعدم توسيع رقعة انتشارها وبناء أنساق دفاعية وحماية خطوط الإمداد، وأن ينتظروا التفاعلات التي يسبّبها تقدّمهم الكبير في المعسكر المقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.