إذا كنت ممن تخرجوا فى الجامعات المصرية وأسعدك الحظ بالعثور على وظيفة، ففى أغلب الأحوال لا توجد علاقة بين ما درسته طوال أربع سنوات قضيتها من عمرك بين صفوف المدرجات وبين ما تحتاجه الوظيفة التى تشغلها. ويؤكد المختصون أن متطلبات سوق العمل تحتاج لأكثر من الدرجات العلمية؛ من مهارات وخبرات لا بد من تنميتها داخل الفرد، ليتمكن من العثور على الوظيفة المناسبة والنجاح فيها أيضا. هذه المهارات والخبرات لا يدعمها التعليم فى الجامعات المصرية، كما يؤكد دكتور عبد الله أحمد -الأستاذ بكلية التجارة جامعة القاهرة- بسبب ما تعانيه من قصور واضح. ويوضح أحمد ل"الحرية والعدالة" أن "تنمية مهارات الطلاب تبدأ من سن المدرسة؛ حيث يجب أن تكتشف المدارس مهارات الطلاب وتنميها منذ صغرهم، بينما على الكليات أن تتضمن توفير مساحة كافية للتطبيق العملى بجانب الدراسة النظرية، وتطبق نظام التدريب التحويلى الذى يعنى تدريب الطلاب على أكثر من مجال أثناء الدراسة؛ بحيث إذا تعذر على الطالب إيجاد وظيفة فى مجال ما يجد مجالات أخرى أمامه". ويضيف أنه على جميع الكليات أن تهتم باللغات الأجنبية وخاصة اللغة الإنجليزية، وكذلك مهارات استخدام الكمبيوتر، لا أن يقتصر ذلك على تخصصات بعينها كما هو موجود الآن فى الجامعات، كما أن وزارة القوى العاملة يجب أن يكون لديها بيانات واضحة ومتجددة عن التخصصات المطلوبة فى سوق العمل وتعلن عنها للمواطنين باستمرار. والأصل أن هناك دورا على الجامعات فى تزويد طلابها بالمهارات اللازمة لسوق العمل، ولكن هذا الدور يعانى من قصور شديد فى مصر كما يوضح أستاذ كلية التجارة، معللا ذلك بقوله: "الجامعات لدينا تفتقد القدرة على ذلك نظرا لنقص عدد أعضاء هيئات التدريس بالنسبة لأعداد الطلبة، كما أن هذه الكثافة تضعف من جودة التعليم المقدم لهم. وأشار إلى أن المناهج تحتاج أيضا للعديد من التعديلات، لتواكب متطلبات سوق العمل التى تتطور باستمرار، ولكى يحدث ذلك فلا بد من دراسة مستمرة لاحتياجات سوق العمل حتى يمكن تخريج طالب مؤهل بشكل كافٍ لمواجهة هذه الاحتياجات. أما عن دور الطالب الذى يمكنه من تأهيل نفسه لهذه المتطلبات، فيؤكد أن هناك بعض التخصصات التى تحتاجها سوق العمل أحيانا أكثر من غيرها، مثل تلك التى تكون دفعات الخريجين فيها قليلة مثل خريجى كليات "تجارة إنجليزى"، ولكن ذلك شريطة أن يحافظ الطالب على تفوقه. وأضاف أنه كذلك على طالب الجامعة ألا يكتفى بالشهادة التى سيتسلمها فى نهاية سنوات الدراسة وإنما يسعى أثناءها إلى تنمية مهاراته من خلال طرق التعلم الذاتى سواء بالمطالعة أو التدريب، أو من خلال البحث عن دورات تدريبية متخصصة فى مجال دراسته أو المجال الذى يحبه ويسعى للعمل فيه، بالإضافة إلى الحرص على تعلم لغة أجنبية وإتقانها. ولا يقتصر ذلك على التعليم الجامعى فقط، فيقول الأستاذ بكلية التجارة: إن التعليم الحرفى له أيضا أهميته ومجالاته التى تحتاجها سوق العمل، ولكن على أن يسعى الطالب فيه أيضا إلى التفوق ويحرص على تطوير حرفته بالتدريب المستمر.